لدي يقين بأن "جبر خاطر" سيدة مسنة دعت لي هو سر نجاتي
موضوعات مقترحة
عندما ذهبت للطبيب بالأشعة أخبرته بأنها ليست لى.. فقال "حاول تشبع من صاحبها"
عمر مهران شاب مصري عمره 29 سنة تخرج في كلية الاعلام جامعة عجمان، كان يعيش حياة هادئة حتى عام 2020 عندما اكتشف أنه مصاب بمرض "التصلب المتعدد" الذى عانى أعراضه لشهور طويلة حتى استطاع السيطرة عليه، وما أن بدأ فى التأقلم مع حالته الصحية ومحاربة "التصلب" حتى اكتشف فى عام 2022 إصابته بـ"ساركوما العظام مع ثانويات على الرئة" وهو من أشرس أنواع السرطانات، ورغم أن الأطباء أكدوا تأخر حالته، إلا أنه رفض الاستسلام وقرر أن يرضى بقضاء الله وقدره وينقل تفاصيل تجربته ومعاناته مع المرض ورحلة علاجه إلى غيره من مرضى التصلب والسرطان من خلال السوشيال ميديا، وكان سببا فى دعمهم ومساندتهم فى مواجهة تلك الأمراض حتى أصبح من أفضل 100 شخصية مؤثرة فى الوطن العربى.. فى السطور التالية التفاصيل الكاملة لحكاية عمر مهران..
التصلب المتعدد
فى البداية يتحدث عمر عن إصابته بمرض التصلب المتعدد قائلا: كنت أعيش حياة طبيعية حتى عام 2015، عندما عانيت من تشنجات وذهبت إلى الطبيب فتم تشخيص حالتى بأنها "زيادة كهرباء المخ"، واستمررت فى تلقى أدوية لضبط كهرباء المخ لمدة 5 سنوات كاملة، وفي عام2020تعرضت لصدمة نفسية شديدة أدخلتنى المستشفى بسبب تشنجات استمرت لساعات، وتم اعطائى أقوى أنواع التخدير لكى يتم السيطرة عليها، وبالفعل نمت لمدة 8 ساعات كاملة وعندما أفقت لاحظت "إزدواجية الرؤية"،وعندما سألت التمريض أخبرونى بأن الأمر قد لا يتعدى "الإستجماتيزم"، ثم بدأت أشعر بأعراض كثيرةظهرت تباعا خلال 3 أيام، أولها ثقل فى قدمى، ثم ثقل في اليدين،وبعد ذلك بدأت ألاحظ تلعثماً في الكلام، ثم أصبحت الرؤية ضبابيةتماما، ومن شدة الصدمة بدأت اخبط رأسي في السرير، وتم اعطائى أدوية لتهدئتى، ثم أصبحت فاقدا للوعى "شبه ميت إكلينيكيا" لمدة شهور،كنت شبه فاقدا لمعظم الحواس، كنت فقط أشعر بما يحدث من حولى لكنى غير قادر على التحدث ولا التفاعل على الإطلاق،وتم تشخيص حالتى وقتها بأنى مريض "تصلب متعدد" خاصة بعدما خضعت لأشعة رنين طيفى وبذل نخاع.
بروتوكول العلاج
وعن رحلة العلاج يقول عمر: مرض التصلب هو مرض مناعى مزمن، لا يشفى،لكن يمكن السيطرة عليه من خلال الأدوية، وبالفعل تم البدء فى بروتوكول علاجى بالكورتيزون لمدة 3 شهور كاملة، وبدأت كل الأعراض تتلاشى وعادت الحواس والحمد لله فيما عدا الحركة، فخرجت من المستشفى على كرسى متحرك، كان الأطباء يهيئوننى قبل الخروج لعدم القدرة على الحركة مرة أخرى، وبالفعل بدأت أتأقلم مع الوضع وأبحث عن جروبات مرضي التصلب على السوشيال ميديا، وأنشأت صفحة خاصة لدعم مرضي التصلب وبدأت أتابع كل ما يخص المرض في كل أنحاء العالم،وأتواصل مع أطباء متخصصين واستفسر منهم عن الكثير منالتفاصيل،فأرسل لي أحد الاطباء فيديو لمريض تصلب ماليزي كان يعانى من شلل رباعي وشفي تماما بعدما قام بتطبيق تمارين معينة واتباع نظام غذائي صحي مع الابتعاد عن الطاقة السلبية، واكتشفت أن التمارين التى قام بها شبيهة بتمارين الإحماء الخاصة بلاعبي كرة القدم، وقررت أن أفعل مثله، وبدأت اكتب تفاصيل هذه التمارين وتنفيذها بمساعدة أخى، وبالفعل تحسنت خلال ٣ شهور، كنت أمارس فيها تلك التمارين 3 مرات يوميا، حتى استطعت الوقوف على رجلى من جديد مع الاستعانه بعكازين، فتأكدت أن هناك استجابة والحمد لله استطعت أن اتجاوز المحنة، وأيقنت أن العجز في التفكير وليس في الجسد.
ويؤكد عمر أن طبيبه المعالج ذهل من النتيجة التى وصل إليها بعد اتباع هذا البروتوكول العلاجى، وعندما درس الطبيب تفاصيل خطة العلاج ساعده فى الحصول على درجتى الماجستير والدكتوراه فى التأهيل الحركى،ويوضح د.عمر أنه كان ومازال مهتما بنقل تجربته الشخصية للمرضى الآخرين حتى يكون حافزا لهم للصبر ولإعطائهم الأمل فى الشفاء من هذا المرض المناعى.
ساركوما العظام
وعن إصابته بمرض السرطان يوضح عمر: كنت في بث مباشر عبر صفحتى على السوشيال ميديا عم 2022، و كنت أتحدث عن بروتوكول علاجي من التصلب، وأثناء البث نزفت..وظهر النزيف فى البث، وبعدها اكتشتف أنى مريض سرطان "ساركوما عظمية"مع ليمفوما وثانويات على الرئة، وهو من أشرس أنواع السرطانات، وعندما ذهبت للطبيب بالاشعة، أخبرته بأنها ليست لى، فقال "كل اللى أقدر أقوله لك حاول تشبع من صاحبها"، فكان وقع هذه الجملة كالرصاصة على قلبى، لكنى قررت أن أكمل وألا أستسلم مهما حصل، وبدأت العلاج فورا، وبعد أول جرعة علاج كيماوى دخلت المستشفى.. حيث توقفت فى جسمى كل العمليات الحيوية تماما، وقام الأطباء بكل المحاولات لانعاش القلب لكنها فشلت تماما، لدرجة أن التمريض اتصل بأخي للمجيء لاستلام متعلقاتي وانهاء اجراءات الدفن، لكن إرادة الله تعالى أعادتنى إلى الحياة فى صدمة هستيرية، والحمد لله خرجت من المستشفي لكنى كنت أعيش في عالم موازي وغير مستوعب ما حدث لى، ثم دخلت في غيبوبةأخرى بعد جرعة الكيماوى التالية، بسبب شدة البروتوكول العلاجى الذى كنت أحصل عليه وحدث نفس الامر لكن بطريقة مختلفة، وأعلن أهلى وفاتي،لكنى أفقت من جديد،بعدها جاء لي الطبيب وقالي (ما السر اللي بينك وبين ربنا علشان ترجع كل مرة من الموت؟)، فحكيت له موقفاً حدث معى عندما زرت إحدى المستشفيات وكنا نقدم هدايا والعاباً للأطفال، وقتها طلبت منى سيدة مسنة هدية لحفيدها، ودعت لى وقتها كثيرا..لكن دعواتها مازالت ترن فى آذانى، ولدى ثقة كبيرة بأن جبر الخاطر هو سبب نجاتى.
ويضيف عمر: بعد الإفاقة من الغيبوبة،ظللت أسبوعا كاملا غير قادر على النوم،وكأنى أعيش في عالم موازي، وتواصلت مع أطباء نفسيين أخبرونى بأن هذا الأمر طبيعى ويتكررمع بعض ممن يتعرضون لغيبوبة حيث يظل جزءا من العقل متوقفا لفترة.
البطل عمر مهران محارب المرض
زرع الخلايا الجذعية
ويقول عمر:إن جسده لم يتحمل العلاج الكيماوى لأنه كان يضره، حتى أن أحد الأطباء توقع أنه لن يشفى وقام بتحويله إلى بروتوكول العلاج التلطيفى، لكنه رغم ذلك كان بداخله يقين بأن الله تعالى سوف يشفيه من السرطان، ويؤكد أنه لم يكن أمامه سوى إجراء عملية زراعة خلايا جذعية فى إبريل الماضى لأنها تجدد خلايا الجهاز المناعى بالكامل،ويكمل: رغم أنه لم يكن هناك أمل فى شفائى من وجهة نظر الطب والعلم، إلا أنى بعدما قمت بإجراءالتحاليل الدورية اكتشفت أنى شفيت تماما من السرطان، وكنت أتحرك بجهاز مولد أوكسجين محمول لعدة شهور بسبب الثانويات الموجودة علي الرئة، لكن بعد إجراء عملية زراعة الخلايا الجذعية تحسنت كثيرا وبدأت استغنى عنه تماما.
البطل عمر مهران محارب المرض
قوة وصبر
ويؤكد د.عمر أنه بعدما أصيب بالسرطان اكتشف أنه أقوى مما يتصور، فهو مؤمن تماما بأن الله إذا أخذ من شخص ما لم يتوقع ضياعه،فسوف يعوضه بما لم يتوقع امتلاكه، و"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"،ويضيف: علمنى والدى منذ الصغر أن الابتلاء يكون بقدر محبة الله للإنسان، وطالما أن الله تعالى كتب علىّ شىء فلابد أن أرضى بقضائه وقدره وأن أرضى حتى أؤجر على الابتلاء، وأن يكون لدى يقين على قدرة الله تعالى على الشفاء، ويوضح عمر أن حسن الظن بالله تعالى هو الحافز الذى يجعله على ثقة دائمة بأن الله تعالى لن يتركه أو يتخلى عنه أبدا.
وعن صعوبة تجربة المرض، يوضح د.عمر أنه أصيب بمرضين من اصعب الأمراض، ويؤكد أن التصلب المتعدد كانت صعوبته فى تشخيصه وفى أعراضه الكثيرة المتتالية، أما صعوبة مرض السرطان فكانت فى العلاج الكيماوى الذى لم يتقبله جسمه.
وعن أهم ما كان يشغله طوال فترة المرض والعلاج، يقول عمر أن أكثر ما كان يفكر فيه هو رغبته الشديدة فى الشفاء بسبب تعلقه الشديد بأهله وخطيبته، فهو لا يريد أن يكون يوما سببا فى حزنهم، ويضيف: كان دائما بداخلى الحافز للمقاومة حتي لا أظهر لمن حولي أنى منهك أو أتألم،لذلك في الكثير من الاوقات كنت شبه منهار نفسيا وجسمانيا لكني كنت اتحمل الالم ولا اظهره حتي لا يشعر من حولي بالحزن، ويوضح قائلاً: لاشك أن الأهل هم الداعم الأول، لا يمكن أن أنكر دور والدى ووالدتى وإخوتى فى الوقوف بجانبى، فالبيئة المحيطة لها دور كبير فى المقاومة والشفاء، لكنى فى معظم الأوقات كنت أفضل خوض حروبى بمفردى، فلم أخبر والدى ووالدتى بالسرطان خلال فترة التشخيص وبداية العلاج، لكنهم فهموا بأنفسهم بعدما سقط شعرى، أما بالنسبة للأصدقاء فيؤكد أن الكثير من الأصدقاء ابتعدوا عنه ولم يسألوا عنه خلال فترة مرضه،لكنه لم يعد مهتما بكل هذا.
حرب الميالين
ويوضح عمر أنه أصدر كتاباً يتحدث فيه عنقصة حياتهلأنها مليئة بالدروس والعبر، وتناول فيه تفاصيل إصابته بمرض التصلب ورحلة تشخيصه وعلاجه حتي تمنح أملاً لغيره من المرضي، كما استطاع أن يحول محنة المرض إلى منحة، فانتهز الفرصة ليقوم بالعديد من الأعمال الخيريه التى يعشقها، فكان ومازال يحرص على زيارة مرضى السرطان بالمستشفيات ومعاهد الأورام لكي يخفف عنهم وينقل لهم تجربته مع المرض والعلاج، وحتى يكون قدوة لهم ومصدر قوتهم ودافعا لمساعدتهم على الصبر والتحمل والقوة ومواجهة المرض.
البطل عمر مهران محارب المرض
دروس ونصيحة
عن أهم الدروس التى اكتسبها من تجربة المرض، يقول عمر: اختلفت نظرتى للحياة تماما، فأصبحت أعتمد على نفسى فى كل شىء، كما تعلمت أن الضغط والتوتر العصبى يؤثر سلبا على الصحة وبالتالى أصبح مبدأى فى الحياة "نحن الخسائر ولسنا الخاسرين"، ويضيف: تعلمت أيضا أن أكون قدوة لغيرى وأن أترك أثرا إيجابيالدى الآخرين، كما أيقنت تماما بأن كل شىء بيد الله تعالى فلا داعى للحزن أوالقلق، كما أيقنت أنه بعد الأهل لا يوجد من يستحق الحزن أوالتضحية، والنصيحة التى أقدمها لأى شخص يمر بظروف صحية صعبة، بأن يبتعد تماما عن الحزن والضيق والهم،فالله تعالى لا يكلف شخصا إلا وفقا لقدرته على التحمل، وهذا يكفي لأن يجعل الانسان صابرا علي ظروفه ويتعامل معها ببساطة حتي تمر وتنتهي، "رب الخير لا يأتى إلا بخير".
ويؤكد عمر أنه يحلم بإنشاء أكبر مؤسسة خيرية تهتم بكل مجالات العمل الخيرى من رعاية أيتام ومسنين ومرضى وخلافه،فهو يجد نفسه فى تلك الأعمال حيث يشعر بالرضا والسعادة من مشاركته فى كل عمل خيرى وجبر الخواطر. كما يحلم بأن يحصل كل مريض علي علاجه دون شقاء ودون أن يضطر لدفع مبالغ طائلة.