نعرف جميعًا قصة الإمبراطور العاري الذي تعرض لنصب ممن أدعيا أنهما سيحيكان له ثوبًا لن يراه إلا الشخص الجدير بوظيفته؛ وادعى مساعدو الإمبراطور أنهم رأوا الثوب وأبدوا انبهارهم به؛ وسار الإمبراطور أمام شعبه في خيلاء، وتعالت الأصوات تشيد بجمال الصوت، حتى هتف طفل بصوت عال: انظروا الإمبراطور عاري..
يبدو أنه لا يوجد في "المقربين" من القادة في أمريكا والغرب من يخبرهم أنهم أصبحوا "عراة" تمامًا أمام العالم وأمام غالبية شعوبهم بعيدًا عن إعلامهم المزيف للحقائق والمنحاز دومًا للصهاينة..
يتجاهلون إلغاء رحلات من غالبية دول العالم للكيان الغاصب، وانسحاب كثير من المستثمرين الأجانب وزيادة المهاجرين من الكيان وانعدام الراغبين في الهجرة إليه، وصرخات الصهاينة وهم في انتظار رد إيران وحزب الله على اغتيال الشهيدين هنية وفؤاد شكر، ورأينا فيديوهات لبعض منهم يصرخون مطالبين بالرد أيا كان، فقد تعبوا واستنزفوا من انتظاره..
ورواج أعمال العرافين؛ كما ذكر إعلام الصهاينة، وبث مشاهد توضح تزايد عدد الذاهبين إليهم من الجنسين "للاطمئنان" على نجاتهم بعد الرد المتوقع من إيران وحزب الله..
يرى الإمبراطور العاري "فقط" ما يراه من أصدروا البيان الأمريكي البريطاني الفرنسي الإيطالي المشترك الذي "يؤكد" دفاعهم جميعًا عن الصهاينة ضد أي عدوان إيراني، وحشدت أمريكا قواتها لحماية الصهاينة ومنها الغواصة "يو إس إس جورجيا" ومقاتلات إف -22؛ فالإمبراطور العاري يرى حق الصهاينة في اغتيال هنية على أرض إيران ولا يرى الحق الدولي "المشروع" لإيران في الدفاع عن سيادتها التي انتهكها الصهاينة بالاغتيال على أرضها.
"يكره" داعمو الإمبراطور العاري رؤية ما يحدث على أرض غزة، ويرفضون الاستماع حتى لخبراء الصهاينة، ومنهم اللواء "يتساق غيرشون" نائب قائد المنطقة الشمالية لمدة 6 أشهر منذ 7 أكتوبر القائل: "الحروب لا تقاس بالجانب التكتيكي فقط، بل في الأساس بالجانب الإستراتيجي، ويبدو أننا أمام مأزق كبير لأن القادة على المستوى التكتيكي يشبهون السباحين القادرين على رؤية متر فقط إلى الأمام".
لعل قيام حارس بقتل أسير صهيوني بعد علمه باستشهاد طفليه يجعل الإمبراطور العاري "يفيق" ويتنبه؛ فلا شك أن غالبية المقاتلين فوجئوا باستشهاد بعض من أسرهم وتهدم بيوتهم وتشريد عائلاتهم كبارًا وصغارًا شأن كل أهل غزة، ولكنهم "تمكنوا" من ضبط النفس المؤقت، والذي سيتعرض "للتآكل" مع زيادة القتل الانتقامي الهمجي، ولا نبرر قتل الأسير بالطبع؛ فهو مرفوض دينيًا وأخلاقيًا، ولكن من الحكمة منع "الأسباب" المؤدية إليه.
يرفض المحيطون بالإمبراطور الانتباه لتزايد "السخط" العالمي ضد الصهاينة وحلفائهم؛ ورأينا المضايقات التي يتعرض لها الصهاينة خارج الكيان الغاصب؛ ففي فيتنام شاهدنا فيديو لصاحب مطعم يقوم بطرد سياح صهاينة من مطعمه قائلًا: "نرحب في مطعمنا بالبشر والكلاب والقطط، ولكن لا نرحب بأحد من شعبكم".
وفي أسبانيا اصطف على الجانبين في الشوارع المئات حاملين الأعلام الفلسطينية وهتافات تندد بالصهاينة أثناء اشتراك فريقهم في مسابقة للدراجات.
اشترك فنانون داعمون لفلسطين ومناهضون للحرب على غزة في رسم جدارية بطول 30 مترًا تجسد تضحيات غزة وفلسطين بأحد الشوارع في أمستردام العاصمة الهولندية تحت عنوان "إذا كان يجب أن أموت فيجب أن تعيش لتحكي قصتي".
يتعامى أنصار الإمبراطور العاري عن تصريح بريت هولمفرين مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون الاستخبارات: "الغضب يتصاعد ضدنا بسبب دعم إسرائيل عسكريًا، فالحرب التي تخوضها حماس تلهم الكثيرين".
وقول الممثل الأمريكي ديف سنيث: "المسلمون لا يهاجموننا لأننا أحرار وأغنياء، بل يهاجموننا لأننا نقتل الكثير من الأبرياء في فلسطين".
كما اعتصم في فندق بيلارد الأمريكي ناشطون احتجاجًا على استضافته لوزير الدفاع الصهيوني غالانت وهتفوا وكتبوا لافتات: مجرمو الحرب غير مرحب بهم هنا".
واحتج كثيرون ضد بايدن وهتفوا: "لن تستطيع الاختباء نحن نتهمك بالإبادة الجماعية"، خلال زياته إلى نيويورك رافعين أعلام فلسطين، وأعلن تحقيق صحفي في صحيفة الجارديان البريطانية أن إسرائيل تنظر للصحفيين في غزة على أنهم أهداف مشروعة للقتل..
أما لاري هربرت عضو بالقوات الجوية الأمريكية فقال: "نحن لا نخدم شعبنا في السياسة الأمريكية، نحن نقوم بإلحاق الأذى بالناس في جميع أنحاء العالم، والكثيرون من الناس سيغضون البصر عما يجري، ولكنني لا أستطيع كأب وكعضو في الخدمة رؤية أطفال يشبهون أطفالي ميتين ومشوهين، وحتى إحراق آرون بوشنل نفسه وصمت القيادات بعدها في الجيش والحكومة، ولم يذكر حتى أحدًا منهم اسمه، واعتقد أن معظم الناس يرون خطأً ما يحدث، لكن التحدث عن ذلك أثناء الخدمة محرم؛ لأنني أتحدث ضد السياسة الأمريكية".
في 3 يونيو صرح غالانت وزير الدفاع الصهيوني بتمسكه بـ "تفكيك" حماس بوصفها "سلطة حاكمة وعسكرية"، وفي 19 من نفس الشهر اعترف دانيال هاغاري متحدث جيش الصهاينة بأن هدف القضاء على الحركة بعيد المنال.
وفشل الصهاينة في تدمير حماس وإعادة الأسرى، وهو ما أعلنت قيام الحرب على غزة بسببه.
بعد كل المذابح والتدمير والتجويع والتشريد لأكثر من عشرة أشهر يقول فتى فلسطيني: "لا يمثلني سوى ثلاث؛ شهيد تحت التراب، وآخر في الشارع يدافع عن هذا التراب، وآخر أكلت الزنازين من جسده".
كما أجبرت الشعوب الاحتلال الفرنسي والبريطاني على الجلاء، وكما أجبرت أفغانستان وقبلها فيتنام أمريكا على الانسحاب، واحتفل في 15 أغسطس الحالي الأفغان، في استعراض عسكري على مركبات "أمريكية" تركوها قبل انسحابهم، بالذكرى الثالثة لرحيل القوات الأمريكية عن بلادهم وتحررهم، وقريبًا ستحتفل كل فلسطين بمشيئة الرحمن بالاستقلال وزوال الاحتلال.