يثبت أزهرنا الشريف المبارك كل يوم، بمواقفه الثابتة، وقيمه الراسخة بقيادة إمامه الأكبر وشيخه، فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، وكل معاونيه، ومع كل موقف يمس أمتنا الإسلامية أو جزءًا منها، من قريب أو بعيد، أنه الملاذ الآمن لها، ولكل مسلم بها، رمزًا للإسلام الوسطي الذي يرتضيه لنا الله تعالى ورسوله الكريم، وأنه ليس فقط مرجعًا دينيًا عالميًا لجموع المسلمين فى العالم، بمشاركته في كل حوار ديني عالمي، يجسد من خلاله إعلاء إعزاز قيم التسامح والرحمة والتعاون بين الشعوب، مساهمًا في نشر قيم السلام والعدل والمساواة.
من ثمة، كانت مواقفه الصادقة الحثيثة وإمامه الأكبر نحو القضية الفلسطينية، وما يعانيه إخوتنا الفلسطينيون، من مذابح ومجازر ودماء تراق على مسمع ومرأى من المجتمع الدولي الأعمى والأصم، ليس فقط منذ طوفان الأقصى، بل منذ بدء قضية اغتصاب أراضينا العربية بفلسطين، واستيلاء المجرمين الصهاينة على الحرم القدسي الشريف ومقدساتنا هناك، والعوث فى الأرض فسادًا.
ومنذ اجتياح العدو الصهيونى واستباحته دم أشقائنا هناك، لا يكف الدكتور الطيب، شيخ الأزهر، قولًت وفعلًا، مؤكدًا ومشددًا، أن القضية الفلسطينية هي القضية المحورية الأهم للمسلمين، وأن الأزهر لن يتوانى في التصدي للدفاع عن الشعب الفلسطيني، وفضح ما يتعرض له من تنكيل وظلم ومذابح ومجازر، وما يمارسه الكيان الصهيوني المحتل من اختراقات لكل المواثيق الدولية والإنسانية والأخلاقية.
مما حدا بمعهد دراسات وأبحاث الأمن القومي الإسرائيلي "INSS" إصدار تقرير له، أعده المستشرق الصهيوني "أوفير وينتر"، الباحث الأول في المعهد، والمحاضر في قسم الدراسات العربية والإسلامية بجامعة تل أبيب تحت عنوان: "من الإسلام المعتدل إلى الإسلام الراديكالي.. الأزهر يقف إلى جانب حماس"، يكيل الاتهامات لأزهرنا الشريف وشيخه، بسبب الكثير من البيانات التي أصدرها، ويصدرها وقوفًا مع أشقائنا الفلسطينيين، ومأساتهم ومحنتهم المزمنة، داعيًا إسرائيل، ومصر، والأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة، إلى التحرك بسرعة وحسم لكبح هذا الخطاب الخطير -على حد قوله- واصفًا ومهاجمًا -فى زور وبهتان- مؤسستنا الدينية الرسمية الأولى بأنها انكشفت، باعتبارها داعمة للتشدد، وأنه مع اندلاع الحرب، يقوم الأزهر بحملة تهدف إلى تأجيج العداء لدى الرأي العام العربي الإسلامي ضد إسرائيل ومؤيديها في الغرب، وهذا الإفك كان نتيجة البيان الذى أصدره أزهرنا الشريف وإمامه الطيب، تعقيبا على المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في جباليا في قطاع غزة، وجاء فيه: "لقد تحول العدو الصهيوني في الآونة الأخيرة إلى ذئب هائج، مصاب بسعار، قتل الأطفال والنساء والأبرياء، والتلذذ بأكل لحومهم وشرب دمائهم بلا رادع ولا رقيب، ويشجعه على ذلك صمت كصمت الموتى في قبورهم أصاب عالمنا الدولي، وشل إرادته وقدرته عن لجم هذا الكيان، ووضع نهاية لوجباته الدموية اليومية من أطفال غزة ونسائها وشيوخها وشبابها".
ولكم أتساءل، وأسألكم -قرائى الكرام-، هل ما جاء فى الكلمات السابقة من بيان أزهرنا الشريف ما يناقض الحقيقة؟ أو يزيف حقائق الواقع المعاش فى الأراضى الفلسطينية وحال أشقائنا هناك وحتى الآن، ولا نعلم إلى متى يستمر؟.
المستشرق الصهيوني "أوفير وينتر" لم يكتف بكل اتهاماته السابقة لأزهرنا الشريف وإمامه الطيب، فحسب، بل دعا فى تبجح منقطع النظير، وفقا لقول ربنا سبحانه وتعالى: "فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا، ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون"، وتبعًا للمثل العربى الشهير: "رمتني بدائها وانسلت" بمطالبة الحكومة المصرية بقمع الأزهر، ووقف تمويله، حتى تتوقف تلك المؤسسة الدينية عن نشر الرسائل المتشددة، وتأجيج التوترات السياسية والدينية وتشجيع نظريات المؤامرة ضد إسرائيل!
ومع حثيث واستمرار دعم مؤسستنا الدينية الرسمية، ومرجعيتنا الإسلامية الأولى محليًا وعالميًا، وفي إطار دور الأزهر الشريف بقيادة إمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في دعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية، أعلن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف عن إطلاق حملة توعية موسعة بعنوان: «ألا إن نصر الله قريب»، دعما للقضية الفلسطينية، ودعوة لمساندة الفلسطينيين في مواجهة البطش الصهيوني، وذلك زيادة للوعي المجتمعي بالقضايا المصيرية، ونهوضًا بالفكر لاستعادة الأمة حقوقها المسلوبة، وتطهيرًا لأرضها من دنس اليهود، وحفاظًا على مقدساتها من رجس الصهاينة.
المحور الأول من الحملة يتناول: واقع الأمة، وما خصت به من مواهب ونعم يساعدها على الانتصار على عدوها واستعادة ما سلب منها، بشرط التمسك بكتاب ربها، وتطبيق عملي لسنة نبيها، وقراءة موضوعية لشخصية عدوهم، من أجل تحقيق نصر الله عز وجل، والمحور الثاني يتناول: بث التفاؤل والأمل والتحذير من اليأس، من خلال حياة النبي صلى الله عليه وسلم، إذ كان نبينا الحبيب متفائلا في كل أموره، واثقًا بربه في جميع أوقاته، مُحسناً به الظّن في كل أحواله، هذه الحملة سوف تُنفذ بشكل مباشر من خلال وعاظ الأزهر وواعظاته عبر إقامة مجموعة ندوات تثقيفية، على مستوى محافظات الجمهورية، إضافة للنشر الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، باللغتين العربية والإنجليزية.
كما أعلن "البحوث الإسلامية" بالأزهر الشريف عن مد فترة التقديم في مسابقة «القدس بين المزاعم الصهيونية والحق الإسلامي» لمدة شهر ينتهي التقديم في ١٠ سبتمبر؛ برعاية من الإمام الأكبر الطيب شيخ الأزهر؛ وفي إطار الجهود التي تبذلها كذلك مؤسسة الأزهر الشريف للعمل على إيقاظ الوعي بالقضية الفلسطينية وأبعادها لدى كافة أفراد المجتمع، والتعريف بحق الشعب الفلسطيني المظلوم في استعادة أراضيه من الصهاينة المعتدين.
نعم، سيظل الأزهر الشريف ليس مجرد مؤسسة تعليمية ودينية، بل رمز لتاريخنا الإسلامي، ومصدر فخر للمسلمين فى العالم، لما له من تأثير عميق في تشكيل الفكر الإسلامي والحفاظ على هويته عبر العصور.. وصدق ربنا " ألا إن نصر الله قريب".