لسنا في محفل العدل على الأرض؛ إنما نحن في محفل الصراع؛ والاختبار؛ الذي مؤداه الجنة أو النار، ومن ثم فمشاهدتنا التي تحدث على مدار اللحظة؛ من شأنها تعميق الإيمان أو البعد عنه.
كثير من الناس يتساءلون عن أحوالهم خاصة لو كانت صعبة؛ وهم يشاهدون آخرون أحوالهم سهلة وسلسة؛ ومنهم من ولد لأسرة ثرية؛ أو كما يقولون ولد في فمه ملعقة ذهب؛ وآخر ولد لم يجد ما يقوت به نفسه؛ حتى الرضاعة لم تكن متوافرة له؛ حتى مات. في الأخير؛ الأمر كله لله.
في سورة الكهف؛ بعض الدروس المستفادة؛ سفينة تم خرقها؛ وولد تم قتله؛ وجدار تم ترميمه حتى يظل متماسكًا؛ لم يكن يعلم أصحاب السفينة سبب خرقها؛ ومنهم من تعجب؛ أيعقل أن الله العالم بأحوالهم الصعبة وتلك السفينة مصدر رزقهم يحدث بها ذلك؛ وظهر السبب أن هناك ملكًا يأخذ السفن غصبا؛ ولعوارها تركها؛ فظلت مع أصحابها.
والولد كان سيئ الخلق؛ لم يكن الأفضل لأهله أن يعيش؛ فمات؛ وقدر الله لهم أن يرزقهم بولد غيره ولكنه صالح. أما الجدار فنحن نعرف قصته؛ صلاح الأب كان سببًا في أن يستمتع الأبناء بما تركه لهم والدهم تحت الجدار؛ وفي الوقت المناسب الذي يعلمه الله سيجدونه محفوظًا مباركًا فيه.
لذلك ما أخذ الله منك إلا ليعطيك؛ وعطاء الله لا مثيل له؛ فيه بركة وعزة ونماء ورخاء وسخاء؛ عطاء يستحق أن تنتظره؛ لذلك انتظاره هو المعنى الحقيقي للصبر؛ الصبر على قدر الله هو قمة الإيمان بالله؛ ليقينك التام؛ وهو يقين غيبي؛ بأن الجزاء من عند الله خير الجزاء.
لذلك بشر الله الصابرين؛ بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب.
وفي الآية 155 من سورة البقرة دلالات مهمة للغاية "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ".
أهمها أن الله يختار أقوامًا يبتلي منهم بالخوف؛ الجوع؛ نقص من الأموال؛ نقص من الأنفس؛ نقص من الثمرات؛ ثم أكد سبحانه وتعالي؛ على بشرى الصابرين.
طريق الجنة مفروش بصعاب كثيرة غير محتملة؛ كلما كانت الصعاب ثقيلة؛ كانت درجة الجنة عظيمة؛ إذا تجاوزتها.
وطريق النار مفروش بكل المتع المبهرة؛ كلما تمتعت بواحدة اقتربت درجة من النار؛ حتى تدخل أشرها.
فلا تحزن على ما فاتك؛ فلم يكن لك بكل تأكيد؛ ولا تفرح بما أتاك؛ حتى تنسي ربك؛ وتأكد أن ربك ما كان ظلامًا للعبيد؛ ولما؛ إذا كان أعد لهم جنات عرضها السموات والأرض؛ فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت؛ ولا خطر على قلب بشر.
وتذكر دائمًا أن باب التوبة مفتوح؛ لا يغلق أبدًا، فكل من ظلم أو بغى؛ عليه العدول فورًا؛ والعودة لله؛ قبل فوات الأوان.
يوم لا ينفع مال ولا بنون؛ إلا من أتى الله بقلب سليم؛ فسلموا قلوبكم يرحمكم الله.
[email protected]