Close ad

رغم جرائم الحرب والإبادة الجماعية.. أمريكا وإسرائيل «دعم بلا حدود»

13-8-2024 | 19:47
رغم جرائم الحرب والإبادة الجماعية أمريكا وإسرائيل ;دعم بلا حدود;صورة أرشيفية
هانى فاروق
الأهرام العربي نقلاً عن

د. نهى بكر: نتنياهو استطاع عن طريق المظلومية الحصول على  27 مليار دولار خلال ستة أشهر منذ بدء أحداث 7 أكتوبر

موضوعات مقترحة

 إسرائيل أكثر دولة فى العالم تحصل على المعونات من الولايات المتحدة الأمريكية

استضافة نتنياهو فى الكونجرس الأمريكى أكبر دعم أمريكى لإسرائيل

الشراكة الاقتصادية بين واشنطن وتل أبيب عن طريق الاستثمارات والسياحة ودعمها فى المحافل الاقتصادية المختلفة

د. ماك شرقاوىالدعم الأمريكى لإسرائيل مؤسسى فى كل دوائر صنع القرار فى الولايات المتحدة الأمريكية

 أمريكا اعترفت بإسرائيل بعد 11 دقيقة من إعلانها كدولة فى عام 1948

 واشنطن قدمت لإسرائيل 146 مليار دولار منذ عام 1948 واستخدمت حق الفيتو 45 مرة لصالحها

د. مايكل مورجان: الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر إسرائيل الولاية الـ 51

 وصول كامالا هاريس لرئاسة أمريكا لن يغير من دعم بلادها لإسرائيل فهى متزوجة من يهودى ذى أصول صهيونية

لو كان دونالد ترامب موجودا فى إدارة الولايات المتحدة الأمريكية، لم نكن سنرى هذه المجازر البشعة والإبادة الجماعية

 

 

لعبة السياسة الأمريكية الإسرائيلية دائمًا ما تمتاز بالدهاء الشديد، فالولايات المتحدة الأمريكية هى الداعم الأكبر لإسرائيل عبر تاريخها منذ عام 1948 حتى يومنا هذا، والدليل على هذا الدعم اللا محدود عسكريًا وبكل أنواع السلاح المتطور والمحرم دوليًا ومخابراتيًا وأمنيًا واقتصاديًا هو غض البصر عن جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلى بحق الفلسطينيين فى غزة وفى دول عربية أخرى كسوريا والعراق ولبنان واليمن وإيران، وكان المشهد الأخير هو الغطاء الأمريكى واستخدام حق الفيتو كغطاء يحمى إسرائيل فيما تقوم به من جرائم حرب وأعمال الإبادة الجماعية، المنافية للإنسانية.

حول هذا الدعم نرصد فى السطور التالية الصورة الحقيقية للدعم الأمريكى المتزايد لإسرائيل، الذى تجاوز حتى يومنا هذا أكثر من 146 مليار دولار، واستخدام أمريكا للفيتو 45 مرة لإبطال أى قرارات دولية تتصدى للإجرام الإسرائيلي،  وهل تتغير السياسات الأمريكية تجاه إسرائيل بعد انسحاب بايدن وعودة ترامب للمشهد مرة أخرى كمنافس فى الانتخابات الأمريكية المقبلة أمام كامالا هاريس؟ ذلك ما نرصده فى السطور المقبلة.

الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، عضو الهيئة الاستشارية بالمركز المصرى للفكر، أكدت أن الدعم الأمريكى لإسرائيل بدأ بعد أن افتُقد الدور البريطانى فى دعم الكيان الصهيوني، فبعد وعد بلفور انخفض الدعم البريطانى لإسرائيل لصالح الدعم الأمريكي، حيث ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى بعد الحرب العالمية الثانية، ونتكلم هنا عن الدعم المعنوى والسياسي، وبعد ذلك الدعم فى الأمم المتحدة من خلال استخدام حق النقض "الفيتو" أو من خلال استخدام اللوبى الأمريكى لدعمها.

وقالت د. نهى بكر: تأتى بعد ذلك مرحلة الدعم المادى والعسكري، وكانت هناك نقطة فيصلية فى هذه المراحل، فكان يتم تقديم المساعدات العسكرية فى شكل منح، فكانت هناك مساعدات عسكرية أمريكية لإسرائيل فى هيئة أسلحة وقطع غيار المعدات العسكرية وفى التدريبات والتعاون فى مختلف الأشكال، وظلت إسرائيل حتى الآن هى أكثر دولة تحصل على المعونات من الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت الدول الأخرى التى تحصل على المساعدات الاقتصادية أو العسكرية تتغير.

وأوضحت د. نهى بكر، أن المرحلة الثالثة بدأت بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023م، حيث استطاع بنيامين نتنياهو عن طريق اللوبى الصهيونى وعن طريق المظلومية أن يأخذ مبالغ إضافية وصلت إلى 27 مليار دولار خلال ستة أشهر منذ بدء الأحداث زادت بعد ذلك إلى 36 مليار دولار، استطاع أن يحصل عليها من الكونجرس تحت مسمى أنه يكافح الإرهاب وما حدث للرهائن وأن إسرائيل فى مرمى النار.

وأشارت إلى أن حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل منذ عام 1948 حتى ما قبل السابع من أكتوبر من العام الماضي، تجاوز 146 مليار دولار أمريكي، لكن الدعم لا يقتصر على المبلغ فقط بل يمتد إلى الدعم إلى أحدث الأسلحة والتقنيات المتطورة، وتدريبهم على استخدام أحدث الأسلحة، فالأمر لا يعتمد على الكم فقط ولكن الكيف، فبالتالى لديهم فوقية وتميز عن بقية دول العالم فى المساعدات والحصول على السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية.

وقالت بكر: لا نستطيع أن ننسى أن أهم نوع من المساعدات تقوم به الولايات المتحدة لإسرائيل هو المساعدات المعنوية، فإسرائيل تمتلك "لوبى" صهيونيا قويا داخل أمريكا يستطيع أن يؤثر على الكونجرس وعلى القرار فى السياسات الأمريكية، إضافة إلى تأثيره فى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن فدائمًا ما تصوت أمريكا لصاح إسرائيل أو باستخدامها "الفيتو" ضد أى قرار يؤثر على إسرائيل، وشهدنا هذا الدعم من منذ قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس، ومن خلال أحداث متكررة فى الأمم المتحدة بدا ذلك الدعم.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة استخدمت "الفيتو" فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عدة مرات للدفاع عن موقف إسرائيل، فمنذ يناير2022، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض لدعم إسرائيل 45 مرة، معظمها يتعلق بقرارات تنتقد تصرفات إسرائيل أو سياساتها.

وهناك أحداث متكررة فى الأمم المتحدة تجد أن دول العالم كله عن طريق الاتحاد من أجل السلم، الذى يفترض أن ثلثى الأعضاء فى الجمعية العامة من بين 193 دولة، لو صوتت على أى قرار يكون له تأثير لكنه فى الحقيقة غير ملزم، لأن مجلس الأمن فقط هو الذى تكون قراراته ملزمة، وله تأثير دولي، حتى إن دول العالم التى رفضت نقل السفارة إلى القدس، اتخذت قرارا بذلك فى الجمعية العامة من خلال الاتحاد من أجل السلم، لكن الولايات المتحدة الأمريكية ظلت تساند إسرائيل.

 

نتنياهو فى الكونجرس

انتقلت بكر للحديث عن المشهد الأخير للمساندة الأمريكية لإسرائيل، من وجهة نظرها، وهو استضافة الكونجرس الأمريكى أخيرا لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو المدان بجرائم الحرب والإبادة الجماعية، هو ومن حوله، ومع ذلك دخل إلى الكونجرس الأمريكى دخول الأبطال ويصفق له الكونجرس لدقائق وهتفوا له، فكان ذلك مساندة معنوية قوية له فى الداخل الإسرائيلى وليس فقط فى أمريكا أو فى دول أخرى، رغم أن هناك من يعترض على سياسة نتنياهو لأسباب مختلفة لكن المساندة الأمريكية كانت داعمًا قويًا له

وحول مدى إمكانية تغير الدعم الأمريكى لإسرائيل، فى ضوء انسحاب بايدن من السباق الانتخابى الأمريكى وتزايد فرص عودة ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى، قالت إنها لا تتوقع أن يتغير أو يختلف الدعم، ففى حال نجاح أى من كامالا هاريس أو ترامب فى الانتخابات الرئاسية سيستمر الدعم، فنعرف جميعًا مدى قوة اللوبى الصهيونى وتحكمه فى السياسة الأمريكية ومدى تداخلهم فى الكونجرس الأمريكى من الداخل، فالرئيس الأمريكى لا يأخذ كل القرارات فلديهم منظومة الضوابط والاتزان، لذلك ليس من المتوقع أن يقل الدعم، لكن الاختلاف سيكون فى حجم زيادته وطريقة التعامل مع الملف، ففى حال نجاح كامالا هاريس سيظل التعامل مع الملف بسبله التقليدية، وستظل فكرة حل الدولتين موجودة، بينما فى حال نجاح ترامب هناك احتمال لزيادة الدعم الأمريكى لإسرائيل، كما أن ترامب لا يؤمن بحل الدولتين، وبالتالى لن يكون فى الحسبان حال نجاحه.

وأشارت إلى أن حجم الشراكة الاقتصادية بين تل أبيب وواشنطن، يتمثل فى مدى الدعم الأمريكى لإسرائيل عن طريق الاستثمارات والسياحة، ودعمها فى المحافل الاقتصادية المختلفة، وإعطاء التيسيرات التجارية.

 

اعتراف فى 11 دقيقة

يقول د. ماك شرقاوي، المحلل السياسى الأمريكي، عضو الحزب الجمهوري، إنه بعد إعلان دولة إسرائيل فى عام 1948، فبعد إحدى عشرة دقيقة اعترفت بها الولايات المتحدة الأمريكية، فالعلاقات وثيقة بينهما منذ بداية الكيان الإسرائيلى.

وأشار إلى أن الدعم الأمريكى لإسرائيل، يشمل الدعم العسكرى والمعونات والمخابراتى والسياسى وحماية الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل فى المجتمع الدولى باستخدام حق الفيتو فى مجلس الأمن.

وفيما يخص الدعم العسكري، أكد شرقاوى أن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم دعمًا عسكريًا كبيرًا لإسرائيل من، نشأتها فى عام 1948، لتعزيز قدراتها الدفاعية وضمان تفوقها العسكرى فى المنطقة. ومن أبرز أنواع الأسلحة التى أرسلتها أمريكا لإسرائيل الطائرات الحربية المقاتلة التى تشمل طائرات F35 وf15 وf16 والتى تعتبر من أهم وأحدث الطائرات القتالية فى العالم، وبالنسبة للدبابات أرسلت لها دبابات "أبرامز إم1" الأمريكية، وساعدتها أيضًا فى تطوير دبابات الميركافا بتقنية أمريكية، وفى الأنظمة الدفاعية ساعدتها فى إنتاج نظام القبة الحديدية، وهو إنتاج مشترك أمريكى إسرائيلي، يوفر حماية ضد الصواريخ قصيرة المدى، ونظام السهم لأنظمة الدفاعية للصواريخ الباليستية، وأيضًا الباتريوت وأنظمة "باد" الدفاعية.

ويؤكد أن المعونات التى قدمتها أمريكا منذ عام 1948 حتى اليوم، تتجاوز ما قيمته أكثر من 146 مليار دولار أمريكي، كمساعدات عسكرية، منها 38 مليار دولار على مدار عشر سنوات وقع عليها أوباما فى عام 2016 أثناء رئاسته لأمريكا، كمساعدات فى الفترة من 2019 إلى 2028 بقيمة 3.8 مليار دولار كل عام وذلك بخلاف ما تمنحه الولايات المتحدة لإسرائيل من معونات اقتصادية قيمتها 2.5 مليار دولار أمريكى كل عام بسبب اتفاقية السلام.

تعاون مخابراتى وثيق

أوضح ماك شرقاوي، أنه فى إطار الدعم المخابراتى هناك تعاون كبير بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية فى هذا الإطار، ومن الممكن القول إن هناك تعاونا وثيقا، ما بين المخابرات المركزية الأمريكية "CIA" والموساد الإسرائيلى فى جمع وتحليل المعلومات حول التهديدات الأمنية فى الشرق الأوسط، وكانت هناك اتهامات فى حقبة أوباما ولم يتم الرد عليها حتى اليوم، حول أن المؤسسة الأمنية "NSA"، وهى من ضمن 17 مؤسسة أمنية أمريكية المنوط بها تسجيل المكالمات والاتصالات السلكية واللاسلكية والإنترنت البريد الإلكترونى والتليكس، وكل ما يتعلق بمجال الاتصال، يتم تسجيله للعالم كافة، وإعطاء إسرائيل نسخة غير منقحة من هذه المعلومات لكن هذا الاتهام لم يتم الرد عليه حتى اليوم.

أما بالنسبة للدعم السياسي، فقال إن الولايات المتحدة الأمريكية، تدعم إسرائيل فى كل المحافل الدولية، وتحميها خصوصًا فى مجلس الأمن، حيث استخدمت أمريكا حق الفيتو 82 مرة منها 45 لصالح إسرائيل، كانت دائمًا لمنع قرارات تنتقد السياسات الإسرائيلية أو تدعو لفرض عقوبات عليها، مشيرًا إلى أنه فى مجال التعاون السياسى تدعم واشنطن إسرائيل فى القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، وتعمل على تعزيز اتفاقيات السلام بينها وبين الدول العربية.

وعلى صعيد الشراكة الاقتصادية بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، هناك تعاون وثيق بينهما، وبالأخص فى مجالات التكنولوجيا والتى تتميز إسرائيل بأنها متقدمة فيها، والزراعة والصناعات الدوائية والطاقة.

أما فيما يخص التبادل التجاري، ففى عام 2020 بلغ حجم العلاقات التجارية بينهما 25 مليار دولار، ويعتبر أكبر من حجم التعاملات التجارية بين أمريكا ودول المنطقة وأوروبا، وهناك اتفاقية تحرير التجارة التى وُقِّعَت بينهما فى عام 1985.

 

اللوبى الصهيونى يدعم ترامب

بسؤاله حول رؤيته لاحتمالية تَغَيُّر السياسات الأمريكية، فى ضوء انسحاب بايدن من السباق الرئاسى وتزايد فرص عودة ترامب للرئاسة، أكد ماك شرقاوى أن بايدن تحرر بعض الشىء من الضغوط الإسرائيلية وضغوط اللوبى الصهيونى والإيباك فى الولايات المتحدة الأمريكية، وتوقع شرقاوى أن يضغط بايدن خلال الفترة المتبقية له فى الرئاسة على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لوقف الحرب وإتمام صفقة الهدنة وعودة المحتجزين، خصوصًا أن بينهم سبعة من الأمريكيين، وبايدن مهتم بعودتهم قبل أن ينهى فترته الرئاسية، كما أنه ليس عليه ضغوط فى أن يدين بالطاعة والولاء للوبى الصهيونى لأنه لن يرشح نفسه فى الانتخابات المقبلة، ولمسنا ذلك فى تصريحات بايدن بضرورة أن يتوقف نتنياهو عن تصعيد الأمور قائًلا: له لن تجدنا فى مساعدتك، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية منزعجة من اغتيال إسماعيل هنية رئيس حركة حماس، لكنها كانت تعلم باغتيال فؤاد شكر القائد العسكرى لحزب الله اللبنانى باعتباره الرجل الثانى فى الحزب والمسئول عن العمليات العسكرية ويمكن أن يقلل من العمليات العسكرية ضد إسرائيل فوافقت أمريكا على هذه العملية.

وأكد د. ماك شرقاوى أن بنيامين نتنياهو واللوبى الصهيونى سيدعمان ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، لأنهم يعلمون أن ترامب قدم لهم الكثير وإن كانت هناك ضغوط من ترامب على إسرائيل لأن صفقة القرن التى رفضناها، ووصفتها شخصية بصفعة القرن، كانت مبنية على حل الدولتين، واليوم لا نجد هذا الحل موجودًا على طاولة المفاوضات، وأعتقد أن عودة ترامب من الممكن أن تحيى حل الدولتين مرة أخرى حتى وإن كانت دولة مبتسرة وغير قابلة للتحقيق، لكن يمكن البناء عليها مع الإرادة الدولية والضغوط على إسرائيل.

وتوقع ماك شرقاوى فى حال أصبحت كامالا هاريس رئيسة لأمريكا، فإن الأمر لن يختلف كثيرًا، فهى كانت سيناتوراً مغموراً فى ولاية كاليفورنيا، ولعلاقتها الوثيقة بباراك أوباما دعمها فى انتخابات مجلس الشيوخ فى الكونجرس الأمريكى كى تصبح "سيناتوراً"، فاختيارها كى تكون نائبة ضمن  قائمة تصدرتها ميشيل أوباما التى تخطاها الرئيس بايدن واختار هاريس نائبة له، فكل ما حققته فى تاريخها السياسى أنها نائبة للرئيس الأمريكى ولم تحقق أى نجاحات فى أى من الملفات الموكلة إليها وفى مقدمتها ملف الهجرة الذى فشلت فيه فشلًا ذريعًا حيث دخل إلى الولايات المتحدة الأمريكى نحو عشرة ملايين مهاجر غير شرعى خلال السنوات الأربع الماضية، كما أوكل إليها زيارة دولية لمحاولة الضغط على إسرائيل والتقت بشخصيات رفيعة المستوى فى الشرق الأوسط فى مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأعتقد أن هذه الزيارة هى التى يمكن أن تعول عليها بأن لها دورا فى السياسة الخارجية الأمريكية.

وأضاف قائلا: لا أعتقد أن كامالا هاريس يمكن أن تتحرر من أجندة بايدن والحزب الديمقراطي، فلها بعض التصريحات للاستهلاك المحلي، إنها تغسل يدها من الإبادة الجماعية، ومن استهداف المدنيين وقتل الأطفال والنساء، والحديث بغلظة مع بنيامين نتنياهو بأنها لن توافق على هذه الأمور، كلها محاولات لغسل اليد من الدماء فى ضوء الاتهامات الموجهة للولايات المتحدة الأمريكية بأنها شريك فعلى فى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل، فلن تتغير كثيرًا فى السياسات الداخلية والخارجية عن أجندة بايدن والحزب الديمقراطي.

 

دعم مؤسسي

حول رأيه فى إمكانية أن يختلف الدعم الأمريكى لإسرائيل بين الجمهوريين والديمقراطيين، أكد أن دعم إسرائيل مؤسسي، فكل دوائر صنع القرار فى الولايات المتحدة الأمريكية تدعم إسرائيل، ففى مسرحية الخلاف بين أوباما وبنيامين نتنياهو وزيارته فى 2015 وإلقائه كلمة فى الكونجرس الأمريكى ولم يذهب إلى البيت الأبيض ولم توجه له دعوة آنذاك من الرئيس أوباما، وتغاضى أوباما وتعليماته لممثل الولايات المتحدة فى مجلس الأمن إزاء 15 ديسمبر 2016 بأن يمتنع عن التصويت فى قرار لإدانة إسرائيل فى المستوطنات وصوتت 14 دولة للقرار، تخيل البعض أن باراك أوباما تخلى عن إسرائيل وترك القرار يمر فى مجلس الأمن لإدانتها، كل هذه الأمور كانت مسرحية هزلية والدليل على ذلك قبل خروجه من الرئاسة فى عام 2016 وقع أوباما أكبر صفقة معونات حجمًا مع إسرائيل بلغت قيمتها 38 مليار دولار على عشر سنوات، أهداها لإسرائيل قبل أن يغادر.

كل قرارات الكونجرس التى تصدر بشأن إسرائيل تصدر بالأغلبية الساحقة، فعلى سبيل المثال قرار نقل السفارة يتوهم البعض بأن ترامب هو الذى قام بنقلها أو أنه الذى قرر ذلك، هذا القرار صدر عام 1995 بأغلبية 98 صوتاً مقابل 2 فى مجلس الشيوخ الأمريكى و435 مقابل 10 فى مجلس النواب، وهذا القرار لم يُنَفّذ إلا فى عام 2017 لأن كل الرؤساء الأمريكيين جمهوريين وديمقراطيين الذين تعاقبوا تقدموا بمشروع قانون كل ستة أشهر، فى شهرى يناير ويوليو من كل عام، لمجلس النواب بوقف تنفيذ قرار نقل السفارة للمواءمات السياسية والعسكرية والأمن القومى الأمريكى فى المنطقة. وعندما اعتلى ترامب منصب الرئيس قدم مشروع قانون فى يناير 2017 لوقف تنفيذ نقل السفارة، وفى شهر يوليو من العام نفسه عندما أبلغه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى أنه مستعد لنقل السفارة، فلم يتقدم ترامب فى شهر يوليو بمشروع قانون وقف تنفيذ نقلها، وقام بنقلها فى ديسمبر 2017.

وأكد ماك شرقاوى أن أول قرار صدر بعدما تولى مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكى بعد كيفين مكارثي، قام بتمرير قانون لدعم إسرائيل بأغلبية ساحقة، فدعم إسرائيل منهجى ومؤسسى لا يختلف عليه أى من الحزبين، وكل ذلك يحدث لأن اللوبى الصهيونى الذى تتزعمه جمعية الإيباك كجماعة ضغط موجودة فى الولايات المتحدة الأمريكية منذ خمسينيات القرن الماضي، تؤثر فى السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، وتدعمها 299 جمعية وهيئات أخرى فى الداخل الأمريكى تسيطر على كل الانتخابات الأمريكية بدءًا من المجلس التشريعى للمدن والمقاطعات والولايات، وفى الكونجرس الأمريكى كل منصب يتم اختياره بالانتخاب يتحكمون فيه ويدعمون الطرف والخصم فيدينون بالولاء لهم سواء جمهوريين أم ديمقراطيين أم مستقلين أو حزبى الشاى والخُضْر أيضًا، فلا يوجد منصب انتخابى فى الولايات المتحدة الأمريكية لا تقدم له دعم هذه الجمعيات دعماً، وذلك بخلاف جمعية "NRA" التى تدعم الجمهوريين والديمقراطيين لحماية التمديد الثانى للدستور بشأن حمل السلاح لكى تستفيد الجمعية وأعضاؤها الذين يتجاوز عددهم مليونى عضو فى أمريكا، فاللوبى الصهيونى متحكم والدليل على ذلك أننى كأمريكى أستطيع أن أقاطع المنتجات الأمريكية، لكن لا أستطيع أن أقاطع المنتجات الإسرائيلية، فهناك 36 ولاية أمريكية أصدرت قوانين وقرارات داخلية فى كل ولاية تمنع مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وهناك حركة اسمها "BDS" التى تدعو لمقاطعة المنتجات التى تأتى من المستوطنات كونها غير شرعية، لكن هذه الولايات استطاعت أن تتحكم فى المجالس التشريعية بإصدار قرارات وقوانين وإجراءات داخلية ومذكرات خفية تمنع مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وتجبر قاطنيها وموظفها على كتابة تعهد بعدم المقاطعة وإلا تعرضوا لإجراءات تصل إلى الفصل من أماكن عملهم، ولن  يتم تعيين أى شخص دون إمضاء التعهد بعدم المقاطعة، فاللوبى اليهودى متغول داخل النسيج الأمريكى ويتحكمون فى السياسة والاقتصاد والوظائف العليا، فولاية نيويورك على سبيل المثال تعداد سكانها 8 ملايين نسمة منهم خمسة ملايين يهودي، لدرجة أن البعض اقترح أن يتم تغيير اسمها لتصبح ولاية "جو يورك".

 

دعم لا يتغير

يؤكد الدكتور مايكل مورجان، الباحث السياسى بمركز لندن للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن السياسات الأمريكية تجاه دعم إسرائيل لن تتغير بعد انسحاب بايدن، فعلاقة إسرائيل بالولايات المتحدة الأمريكية وطيدة لأبعد مدى، فالولايات المتحدة الأمريكية بكل إداراتها، تعتبر أن إسرائيل هى الولاية  الحادية والخمسون، فبعد أحداث السابع من أكتوبر كان هناك دعم غير مشروط من الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل خصوصًا وأنها روجت أن حماس جماعة إرهابية، اعتدت على مدنيين إسرائيليين فى أراض غير محتلة فى حدود 48، لذلك كان الدعم الأمريكى لها بلا حدود ورأت أمريكا أنه تعد على الأراضى الإسرائيلية بغض النظر  عن أن هذه الأراضى جميعها فلسطينية كما هى الحقيقة.

وأشار إلى أن دعم الحزبين الجمهورى أو الديمقراطى لإسرائيل يختلف، فالحزب الجمهورى خطابه العام يدعم إسرائيل بشكل كبير، لكن لو كان دونالد ترامب موجودا فى إدارة الولايات المتحدة الأمريكية، لم نكن سنرى هذه المجازر البشعة والإبادة الجماعية، وكان سيتم دعم إسرائيل بشكل لوجيستي، مثلما حدث قبل ذلك عند نقل السفارة الأمريكية للقدس، لم نشاهد أى حرب أو إراقة دماء، فالجمهوريون يدعمون إسرائيل بأشكال أخرى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة