دائمًا ما تُوصف ثريا حلمي بأنها الملكة المتوجة على عرش المونولوج، وعلى مدى ثلاثة عقود كانت صاحبة الريادة لهذا الفن، واليوم ومع ذكري رحيلها الثلاثين يبدو أن هذا الفن الغنائي الاجتماعي قد انقرض تمامًا، وأصبح صدى صوت ثريا حلمي هو آخر ما تعلق في آذان الجماهير. الميلاد والنشأة وُلدت زكية على محجوب في 26 سبتمبر عام 1923م فى مركز مغاغة بمحافظة المنيا لأسرة فنية، فوالدها تاجر طرابيش ومتعهد للفرق الفنية في الأفراح والحفلات، وعملت شقيقتها الكبرى ليلى حلمي في فرقة ببا عزالدين. قضت مرحلة من طفولتها في دمشق لظروف عمل والدها، وبدأت تُغني المنولوج وعمرها 8 سنوات، ثم قدمتها شقيقتها للعمل كمؤدية مونولوج بفرقة ببا عز الدين، فنجحت في الاختبار، وكانت انطلاقتها الأولى عام 1939م. ساعدها صوتها القوي الذي يصل إلى 2 أوكتاف، وهو أعلى الدرجات والمقامات الصوتية على تميزها في أداء المونولوجات، التي تميزت ببساكطة الكلمات وسرعة الإيقاعات، وقد لاقى هذا الفن نجاحًا كبيرًا لدى الجمهور، وأصبحت فقرتها من الفقرات الرئيسية في برنامج الفرقة، وأول عروضها مونولوج "السيكاميكا، و"شاور عقلك على مهلك"، وكانت كلماته سريعة لدرجة أنها لم تتنفس سوى بين الكوبليه والآخر؛ مما أثار إعجاب المستمعين، واستمرت بمفردها وبصحبة آخرين فشاركت إسماعيل ياسين الغناء وأُشيع زواجهما من كثرة عملهما معاً. الرصيد الفني قدمت ثريا حلمي ما يقرب من 300 مونولوج من أشهرها (إدينى عقلك، يا سيدي عيب، عيب إعمل معروف، أشتاتا أشتوت، كاني وماني، أشتاتا أشتوت، إدي العيش لخبازه، أخاف واكش، انت انت ولا انتاش داري، من أين لك هذا، ليه تتشاءم، مناديل بأويه)، وتميزت مواضيع مونولوجاتها الغنائية أنها تطرح قضايا مجتمعية، تنتقدها وتقدم الحلول للتغلب عليها، لذا فالمونولوج لديها رسالة مفتوحة إلى المجتمع. عُرف عن ثريا حلمي بأنها أول سيدة تقدم شخصية "المسحراتي" في عمل فني من خلال مونولوج كتبه خصيصاً لها الشاعر عبد العزيز سلام، كما عملت على المسرح كممثلة، وقدمت العديد من المسرحيات منها:"لوكاندة الفردوس، مع خالص تحياتي، شفيقة القبطية، أجازة غرامية"، و شاركت في "قطار الرحمة" تلك القافلة الفنية التي جابت مصر لجمع تبرعات للجيش المصري في 1954م. وبدأت مشوارها السينمائي في عام 1940م في فيلم "حياة الظلام"، واشتهرت بأدوار الخادمة خفيفة الظل وبلغ رصيدها ما يقرب من 60 فيلماً منها:"لو كنت غنى، السوق السوداء، بائعة الخبز، عريس الهنا، العريس الخامس، الكيلو 99، عريس الهنا، اليتيمتين، كرامة زوجتي، دلال المصرية، إضراب الشحاتين"، وآخرها فيلم "2 ضد القانون' في عام 1992م، وقدمت على خشبة المسرح 10 مسرحيات أولها كان "تاكسي حصاوي" عام 1948م، "مع خالص تحياتي"، وآخرها "عفريت لكل مواطن" عام 1988م، واعتزلت المونولوج فى عام 1966م، وتفرغت للتمثيل وحياتها الأسرية. حياتها الأسرية تزوجت الفنان أنطون عيسى ابن شقيقة بديعة مصابنى الذي أشهر إسلامه ليتزوجها، ولم يدم الزواج طويلا وانفصلا. حصلت على شهادة تقدير من الرئيس الراحل محمد أنور السادات في عام 1979م، وتوفيت فى9 أغسطس عام 1994م إثر جلطة بالقلب.