Close ad
11-8-2024 | 15:42

الأسابيع الماضية حفلت بأحداث خطيرة متتالية في المنطقة وخارجها.. سلسلة من الاغتيالات لرؤساء وقادة في أوروبا ولبنان وإيران، كان آخرها الاغتيال الغادر لإسماعيل هنية الذي كان يمثل المسار التفاوضي والسياسي في غزة، ما يعني أن إسرائيل لم ولن تبغي سلامًا..

مناوشات حدثت في أجواء أوروبا، فاعترضت طائرات أمريكية بعض الطائرات الروسية في الجو، ثم أسقطت طائرة F16 عدة طائرات روسية، كأن هناك تعمد لرفع درجة التوتر على الجبهة الأوكرانية، فلماذا ولمصلحة مَن؟

بالأمس القريب بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تحريك أسطولها نحو الخليج العربي والبحر المتوسط دعمًا لإسرائيل ضد أي رد إيراني متوقع ووشيك، في نفس الوقت الذي طالعتنا فيه الأخبار عن أسلحة روسية وصلت لإيران، ووعود بجسر جوي عسكري في حالة احتدام حرب!! فإلى أين تتجه المنطقة؟ وهل تحتدم الحرب قبل الانتخابات الأمريكية القادمة؟

توقعات وتكهنات

أحد الساسة الأمريكيين القدامَى خرج علينا بنبوءة غريبة؛ مضمونها أن الانتخابات الأمريكية القادمة لن تقام، وأن هناك من الأحداث ما سيحول بينها وبين إجرائها!!
 
وبالأمس القريب انهارت البورصة الأمريكية انهيارًا مفاجئًا مرعبًا تزامنًا مع تحركات الأسطول الأمريكي نحو الشرق الأوسط، ومخاوف قيام معارك جديدة تشعل الموقف، هذا الانهيار قد يستمر، وقد يؤدى لحالة ركود اقتصادي لا في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وإنما في العالم بأكمله!!

الولايات المتحدة الأمريكية اليوم ليست في أحسن حالاتها، وهي تمر بفترة حرجة: بايدن خارج الخدمة، وترامب يستعد للقفز على المشهد السياسي طوعًا أو قسرًا، ولا أحد يعلم مَن يدير أمريكا الآن فعليًا: البنتاجون أم البيت الأبيض أم الدولة العميقة؟
 
عدة دول أوروبية بدأت تدعو مواطنيها لتخزين الطعام، واقتناء وسائل بدائية للإنارة والتواصل اللاسلكي، كأن هناك مخاوف جدية من قيام حرب وشيكة في أوروبا!! كل هذا يحدث بعيدًا عن ساحات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ما يعني أن الدول الخمسة الكبرى، التي لها حق الفيتو، لم تعد ترغب في حوار تعلم أنه لن يجدي، وبات لكل منها أجندته الخاصة في منأى عن العيون.

لهذا فلو حدث وقامت الحرب فعلًا، فلسوف تتصاعد الأحداث سريعًا، وقبل أن يستطيع الطرف الآخر اتخاذ احتياطاته.. أوروبا سوف تكون الخاسر الأكبر في أي حرب تنشب على أراضيها؛ لأنها تقف في وجه المدفع، بينما تتمترس الولايات المتحدة الأمريكية خلف محيط عريض، وترسانة نووية متقدمة، وقواعد أمريكية مزروعة في جهات العالم الأربع!!

فهل تستطيع الدول الأوروبية الكبرى إكمال استعداداتها قبل اندلاع الشرارة؟! وهل يؤثر انعكاس البوصلة السياسية في أوروبا على المشهد القادم؟!

أيام حبلى بالأحداث

طائرات F16 التي وصلت ساحة الحرب في أوكرانيا، والجسر الجوي الموعود الذي ستقيمه روسيا لإيران، معناه أن الحربين في أوروبا والشرق الأوسط مرتبطان، وأن الحرب هي في حقيقة الأمر بين كتلتين: أمريكا والغرب من جهة، وبين روسيا والصين وحلفائهما من جهة أخرى.
 
الاستعدادات لم تحدث اليوم فقط، بل هي تجري منذ سنوات عديدة، وتغلغل قوات فاجنر الروسية في مناطق الصراع بشمال إفريقيا جزء من تلك الاستعدادات! وهو ما يعني أن ما نشهده اليوم من مخاوف متصاعدة من قيام حرب عالمية ليست إلا مرحلة متقدمة من مراحل صراع ممتد وقديم.

ليس بعيدًا أن يكون التصعيد الأمريكي على الجبهة الأوكرانية من خلال التسليح الثقيل، واستفزاز روسيا هدفه الدفع في اتجاه الحرب؛ بهدف تأجيل أو إلغاء الانتخابات الأمريكية منعًا لوصول ترامب من جديد لحكم أمريكا، وهو احتمال وارد؛ خصوصًا أن خروج بعض السياسيين الأمريكيين السابقين يبشرون ويتنبؤون بعدم حدوث انتخابات هذا العام معناه أن هناك مَن أخرجهم للساحة لطرح تلك الفرضية وتسويقها تمهيدًا لحدوثها؛ وهو ما يعني أن هناك أيادي تعبث لتوجيه دفة الصراع في اتجاه الحرب عمداً!

القوات الروسية متقدمة على تخوم بولندا، والقواعد الأمريكية تحشد أسلحتها في برلين، وقادة الدول الكبار يسيرون ومعهم الحقيبة الملعونة وأصابعهم ترتعش خوفًا من اضطرار أحدهم لضغط زر السلاح النووي، ولو حدث هذا فلا تحدثني عن سلام، ولا عن مجلس أمن ولا محكمة عدل، وإنما عن دمار هائل وسنوات متتالية من حروب طويلة تحرق في طريقها الأخضر واليابس!

ثمة عدة جبهات قابلة للاشتعال اليوم: جبهة أوكرانيا، وجبهة جنوب لبنان، وجبهة إيران، ثم جبهة رابعة كامنة كالنار تحت الرماد، وهي جبهة جزيرة تايوان، والخوف أن تبدأ شرارة الحرب في منطقتنا، كرد فعل لضربة إيرانية متوقعة لا يدري أحد حجم قوتها ولا مدى تأثيرها ولا رد الفعل الإسرائيلي والأمريكي ضدها.

إيران غاضبة

إيران تعرضت أكثر من مرة لحوادث اغتيالات، وغضبت وأرغت وأزبدت، ثم لم ينته غضبها إلى شيء عظيم، وإنما مجرد ضربات عسكرية محدودة لذر الرماد في العيون، فما الذي تغير وجعل الأمر يبدو أكثر خطرًا هذه المرة؟!
 
حادثة الاغتيال التي تعرض لها إسماعيل هنية كانت القشة التي قصمت ظهر البعير؛ إذ اكتشفت إيران أن الموساد الإسرائيلي والسي آي إيه يعبثان كما يحلو لهما في الداخل الإيراني، وأن إيران باتت كالساحة المستباحة، لهذا غضبت إيران، وكانت أولى ردود أفعالها إخضاع عشرات الضباط في الحرس الثوري للتحقيقات؛ من أجل الوصول لمدى توغل الاختراق الأمني وتغلغله، وهو ليس رد الفعل الوحيد، إذ لا بد أن ترد إيران على الضربة الأمريكية الإسرائيلية على أراضيها، بما يحمل تهديدًا ضمنيًا مفاده أن اليد الأمريكية طولى، وأنها تستطيع الوصول لأبعد مدى في الداخل الإيراني.
 
كثير من المحللين العسكريين يتوقعون ضربة قوية موجعة في قلب إسرائيل، ربما تصل لحيفا وتل أبيب، وأن الأذرع الإيرانية كلها ستتحرك لتنفيذ الضربة بشكل متزامن، بحيث تتعرض إسرائيل لعدة ضربات من الشمال والشرق والجنوب في وقت واحد، وقد هدد الحوثي باستهداف مفاعل ديمونة النووي، وهو ما يضع المنطقة كلها تحت التهديد!!

لهذا جاءت تحركات الأسطول الأمريكي سريعة ومكثفة؛ فتم تسيير عدد من السفن الأمريكية الحربية بلغ عددها 12 سفينة في اتجاه المنطقة استعدادًا للرد على الضربة الإيرانية الوشيكة والمتوقعة، وعلى المنطقة أن تستعد لفترة عصيبة قادمة.

مخاوف اقتصادية 

انهيار البورصة الأمريكية بالأمس لم يكن إلا أول الغيث، ولو حدثت الحرب فلسوف تليها أزمات اقتصادية كبرى تؤثر على العالم بأكمله، ولا يعلم أحد حجم هذه الأزمات ولا مداها الزمني.
  
الخطر الأكبر يتمثل في غلق المضائق المائية، وهو ما قد يسبب شللًا في حركة النقل البحري، ومن ثَمّ تتناقص حركة الإمدادات بشكل متسارع، وسوف تعاني كثير من الدول نقصًا هائلًا في سلع ضرورية على رأسها الوقود والطاقة والحبوب.

لقد كنا على وشك إجراء مفاوضات سلام في روما قبيل اغتيال هنية، والآن تسبَّب الصلف الإسرائيلي الناتج عن سادية نتنياهو وتعطشه لمزيد من الدماء في إغلاق المسار التفاوضي، وإغضاب إيران، وتوجيه دفة الصراع لمزيد من الاشتعال؛ وهو ما يعني أنه إذا قامت حرب، فإن إسرائيل، ومن وراءها نتنياهو هما السبب في اشتعالها، وسوف يعاني العالم بأسره جراء اشتعال الأوضاع بسبب إسرائيل.

في مثل تلك الأجواء الملبدة، وبرغم التحالفات التي ستحدث بين الجبهات المتصارعة، فإن كل دولة ستكون لها طريقتها الخاصة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية الملازمة للحروب، ولن يساعد أحد أحدًا، وسيكون شعار المرحلة: أنا ومن بعدي الطوفان! وعلينا أن نستعد. 
 
[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الاستثمار الثقافي والتحول الرقمي!

جف قلمي وبُحّ صوتي من كثرة ما ناديت أن بإمكاننا استغلال الثقافة كاستثمار مضمون واعتبار وزارتها وزارة اقتصادية لا مجرد وزارة خدمية غير هادفة للربح

فن التويتات الشعرية

سوق عكاظ يختلف عن سوق الإنترنت. والخواء الذي تميزت به صحراء الجزيرة العربية شاسعة الاتساع كان لا بد من ملئه بالأشعار الطويلة والمعلقات التي تستغرق كتابتها شهورًا وقراءتها أيامًا وتأملها سنوات

الأكثر قراءة