إنها الحرب يا سيدي، حرب الذئاب، وهي مفتوحة على الجبهتين.
الأولى جبهة الثقافة والتقاليد والعقائد، والثانية جبهة الإبادة للشعوب والجماعات والدول والأمم.
كان حفل افتتاح أوليمبياد باريس مثالا فريدًا على الأولى، بينما الثانية جاءت تأكيدًا على فلسفة الإبادة، واتخذت من غزة الفلسطينية، وجنوب لبنان، المثال الأكثر فرادة.
الجبهة الأولى تنكر التنوع الخلاق، فكما أبادت الهنود الحمر، وشعوب أستراليا القديمة، تبيد الآن الاختلاف الطبيعي، تؤكد على نمط واحد، تلاحق المعترضين بالقوانين والتشهير والتصفية.
الجبهة الثانية تستعمل السلاح الفتاك، تبيد الأطفال والنساء والشيوخ، لا تترك حجرًا على حجر، تنطلق من نزعة تفوق عنصرية، تعتقد بالخرافات البالية، تنظر إلى نفسها كحالة مختارة، تختلف عن بقية البشر.
حرب تلد أخرى، وفكرة تمحو أخرى، وصولا إلى توحيد البشر على مقياس موحد بالقوة، مقياس يناسب حالتهم المزاجية، وحالتهم تلك ميئوس من شفائها، هكذا عبر عنها مايكل مور في خطاب مفتوح إلى بنيامين نتنياهو قبل أن يلقي خطابه الرابع في الكونجرس الأمريكي بقوله: أنت في المكان الصحيح.
وجاء في هذا الخطاب الوثيقة: أنت تمثل الولايات المتحدة، العصابة الأولى للذبح، وأنت جيد في ذلك مثلها، لكن لا تتسرع في الاعتقاد بأن قادتنا يحبونك حقًا، فقد تم إنشاء أمتكم من قبل أسلاف هذا الكونجرس لتكون دولتنا العميلة في الشرق الأوسط، حتى نتمكن من مراقبة مخدرنا المفضل: النفط!
من فضلك، تذكر أنك تقف في غرفة السلطة، في بلد رفض السماح لقوارب اللاجئين اليهود الفارين من ألمانيا النازية في الثلاثينيات بالرسو في أي مدينة أمريكية، وبالتالي إعادة آلاف اليهود اليائسين إلى حتفهم في أوروبا.
خطاب مور، مخرج الفيلم الوثائقي الخطير فهرنهايت 11 سبتمبر 2001، الفائز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائى، رسالة مشفرة للذين لا تزال لديهم بقية من ضمير، وفي خطابه هذا يعيد خطاب المناضل الأمريكي الأسود، مارتن لوثر كينج، الذي عنونه “بذلك الأمريكي الجالس في الظلام”، وكانت رصاصات غادرة أودت بحياته، تأكيدًا على ثقافة العبودية والقتل على أساس العرق واللون والدين!
جرأة مور لا تكفي لاصطياد ذئاب الحرب، فهم جادون، ماضون إلى مسارح العمليات، كأنهم في نزهة، نصبوا الفخاخ للإخوة السلاف في أوكرانيا وروسيا، وينصبون أخرى بين الصين وتايوان، أبناء البلد الواحد، وفي الشرق الأوسط ينخرطون في شوارعه الضيقة، مرة بثورات ملونة، ومرات بثورات خشنة، تستخدم أشد أنواع الأسلحة فتكًا باسم الديمقراطية.
أما آن لهذه الرقصة أن تنتهي؟ وأما آن لهذه الذئاب أن تختفي؟