أعتقد -كما يعتقد كثيرون غيري- أن هذا هو الوصف المناسب لما تشهده المنطقة الآن نتيجة ممارسات حكومة نتنياهو الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، واستمرار تنفيذ سياسة الاغتيالات ضد قيادات حماس وحزب الله بدعم ومباركة أمريكية تكشف عن جهل أمريكي، وسوء تقدير كامل للأوضاع على الأرض في المنطقة، خاصة المعاناة بل المأساة الحقيقية التي يعيشها سكان قطاع غزة على مرأى ومسمع من العالم كله؛ بل إن الإدارة الأمريكية لا تهتم إطلاقًا بتلك المعاناة، وإنما هدفها الأساسي هو توفير غطاء عسكري وحماية للعدوان الإسرائيلي ضد أي هجمات داخلية أو خارجية، وهو ما أكده وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في أعقاب العمل الإجرامي الذي قامت به إسرائيل وسط العاصمة الإيرانية طهران، باغتيالها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية؛ حيث أعلن عن تحريك قطع بحرية إلى المنطقة لتوفير الحماية والدعم لإسرائيل حال تعرضها لأي هجوم من قبل إيران وحزب الله.
وحقيقة الأمر أن ما شهدته العاصمة الإيرانية سوف تكون له تداعيات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة خلال الفترة المقبلة على كافة الجبهات؛ سواء اشتعال المواجهة بين حزب الله وإسرائيل أو استمرار – بل وتكثيف – الهجمات من قبل الحوثيين في البحر الأحمر، والأهم رد الفعل الإيراني المنتظر، والذي تسعى القيادة الإيرانية من خلاله إلى حفظ ماء الوجه أمام العالم الخارجي والرأي العام الداخلي، الذي بات ينظر إلى الاختراق الأمني الإسرائيلي للعاصمة الإيرانية بأنه رسالة قوية تكشف عن خلل أمني واضح وسوء تقدير للموقف من قبل قيادات ومسئولي الحرس الثوري، الذي يتمتع بمكانة كبيرة وتقدير واضح من الشعب الإيراني، وهو ما دفع المرشد الأعلى علي خامنئي للقول "بهذا العمل جر النظام الصهيوني المجرم والإرهابي على نفسه أشد العقاب... ونعتبر أنه من واجبنا الثأر لدماء هنية التي سُفكت على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، بينما قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن إيران "ستدافع عن وحدة أراضيها وكرامتها وشرفها وكبريائها، وستجعل المحتلّين الإرهابيين يندمون على فعلتهم الجبانة".
وأمام تلك التصريحات القوية من قبل القيادات الإيرانية، بات العالم خاصة أمريكا وإسرائيل في انتظار الرد الإيراني –غير المسبوق– على حد وصف المسئولين الإيرانيين، وانطلقت التكهنات والتوقعات حول طبيعة الرد الإيراني والتنسيق مع حزب الله والحوثيين من قبل مراكز الدراسات والأبحاث في كافة دول العالم، بل البعض ذهب بعيدًا بشأن إشعال حرب إقليمية مباشرة بين إيران وحلفائها، وبين إسرائيل، وبالتالي جر المنطقة إلى حرب إقليمية طويلة المدى لا يعلم أحد متى تتوقف، خاصة أن المنطقة على صفيح ساخن في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية الإجرامية على غزة، ووجود الاشتباكات المتقطعة في الجنوب اللبناني، واستمرار هجمات الحوثيين على سفن البحر الأحمر، وبالطبع كلها عوامل تساهم في اشتعال الموقف، في ظل التراخي الأمريكي، وحالة السيولة التي تعيشها الإدارة الأمريكية؛ بسبب سباق الانتخابات الرئاسية الحالية.
والمؤكد أن المنطقة باتت بالفعل على "حافة الهاوية" فالجهود المبذولة لوقف إطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي على غزة وتخفيف معاناة أهالي غزة، لم تحقق أي نتائج ملموسة في ظل التعنت الإسرائيلي المستمر في المفاوضات، ورفض تقديم أي تنازلات، مع استمرار الدعم الأمريكي اللامحدود لها، إضافة إلى كارثة اغتيال هنية؛ وهو المفاوض المرن، وبالتالي فإن إسرائيل وحكومتها الضالة تسعى، وبكل قوة، للدفع إلى حرب لا نهاية لها سوف تدمر الأمن والاستقرار، وتصبح نموذجًا للفوضى التي تبحث عنها إسرائيل؛ للحصول على الدعم المستمر من قبل الإدارة الأمريكية، التي أثبتت فشلها في إدارة ملف الصراع في الشرق الأوسط، كما فشلت في ملفات أخرى عديدة.
[email protected]