المصريون هم الشعب الوحيد في العالم الذين تنساب الأغاني بين أفواههم حتى في أحلك لحظاتهم، تختلط الدموع بالكلمات والنغمات لترسم صورة لغد أفضل، ربما تكون أغنية "شدي حيلك يا بلد" للفنان والمطرب الراحل محمد نوح، هي أصدق تلك الأغاني تعبيرًا عن تلك الحالة، فالأغنية التي شدا بها بعد نكسة يونيو 1967م، نجحت في أن تكون موال الصبر لدى المصريين، مثلما نجحت في بزوغ نجوميته.
موضوعات مقترحة
من كلية التجارة لمعهد الموسيقى
وُلد الفنان محمد نوح في الأول من يناير عام 1937م، بمدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية، عشق الفن والغناء منذ طفولته المبكرة، لكنه على الرغم من ذلك تخرج في كلية التجارة جامعة الإسكندرية، وبعد التخرج عاد لشغفه القديم في الغناء، فالتحق بمعهد الموسيقى العربية ليتخرج منه في بداية الستينيات، بل درس التأليف الموسيقي في جامعة ستانفورد الأمريكية.
الفنان محمد نوح
المسرح الغنائي
بدأ حياته الموسيقية عازفًا ومغنيًا لفرقة البحيرة المسرحية، فقد كان عازفًا متمكنا من عدة آلات موسيقية مثل "العود، البيانو، الكمان والناي"، وتمكن من بطولة المسرحية النائية "سيد درويش"، وهنا كان إيمانه الشديد بأهمية المسرح الغنائي، والذي أخلص له طيلة حياته، على الرغم من تعرض هذا الفن لموجات من المد والجزر، ومن المسرح كان له ظهوره اللافت في فيلم "الزوجة الثانية" عام 1967م.
"شدي حيلك يا بلد".. موال الصبر
في نفس العام، الذي شهدت فيه مصر أكبر نكباتها في الخامس من يونيو، كان محمد نوح حاضرًا وبقوة من خلال أغنيته الشهيرة التي كتبها الشاعر إبراهيم رضوان، ولحنها نوح بنفسه "مدد مدد مدد مدد ..شدي حيلك يا بلد.. إن كان في أرضك مات شهيد في ألف غيره يتولد"، كانت الأغنية بمثابة دعوة مفتوحة لاستنهاض الهمة في نفوس الأمة، وكانت الأغنية تعبيرًا لجيل كامل من الشباب الذين رفضوا الاستسلام والهزيمة وظلوا يرسمون حلم العبور حتى السادس من أكتوبر عام 1973م.
ومع الوقت أصبحت تلك الأغنية نشيدًا للحماس من ميادين السياسة وساحات القتال إلى مدرجات كرة القدم، وظلت مرتبطة بوجدان المصريين، وعادت من جديد مع أحداث ثورة 25 يناير عام 2011، أي قبل عام من وفاة محمد نوح، وهذا أسعد الفنان الكبير بلا شك.
الفنان محمد نوح
فرقة النهار و"رباعي نوح"
في مطلع السبعينيات، كون محمد نوح فرقة "النهار"، اسم اختاره للتعبير عن رفض ظلام الهزيمة، وأن مصر وإن طال ليلها فسيأتي عليه نهار تشرق فيه شمسها على العالم كله، وبعد فترة كبيرة من الزمن كون فرقة أخرى مع أولاده أسماها "رباعي نوح" أعاد فيها تقديم الأغاني التراثية والفلكلورية التي تتوارثها الأجيال.
الفنان محمد نوح
الرصيد الفني
امتاز محمد نوح بألحان للموشحات والأغاني، فقد لحن للعديد من النجوم لعل أبرزهم"نجاح سلام، على الحجار، عفاف راضي، محمد الحلو، محمد ثروت، وغيرهم".
أما أشهر أغنياته"مدد مدد، الله حي، دلعو يا دلعو، يا عصفورين، ولا على بالي، لو يروق الحال، بحبك يا حياة".
وضع العديد من الموسيقى التصويرية للأفلام، لعل أبرزها "قبضة الهلالي، إسكندرية كمان وكمان، مرسيدس، كريستال، المهاجر، قلب جرئ"، كما شارك في بعض الأفلام ممثلاً ومغنيًا مثل "الزوجة الثانية، السيد البلطي، الأضواء، وغيرها"، وعلى الشاشة الصغيرة شارك في مسلسلات "الرقم المجهول، ألف ليلة وليلة، ثمن الخوف".
توفي الفنان محمد نوح في 5 أغسطس عام 2012 بعد معاناة مع المرض، تاركًا خلفه رصيدًا فنيًا كبيرًا مازال يفرض نفسه في قلوب محبيه.
الفنان محمد نوح