تفقد مصر 29 % من الأراضى الزراعية؛ مما يجعلها بالمركز الأول عالمياً للتصحر.. هذا ما أعلنته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو).. ونتيجة اهتمام القيادة السياسية بتحقيق التنمية الزراعية المستدامة خاصة بالمناطق الزراعية حديثة الاستصلاح.. الأمر الذى دفع د.أمنية محمد وصيف رئيس وحدة انجراف التربة، شعبة مصادر المياه والأراضى الصحراوية بمركز بحوث الصحراء إلى تنفيذ جهاز نفق الرياح المحمول لقياس ظاهرة التصحر، وذلك تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمى للتصحر، والذى يوافق 17 يونيه من كل عام.. ولمعرفة مميزات هذا الجهاز كان لنا الحوار التالى.
موضوعات مقترحة
*بداية ما المقصود بانجراف التربة بالرياح؟
انجراف التربة بالرياح يشير إلى فصل ونقل وترسيب الطبقة السطحية للتربة بواسطة الرياح، وتتسبب حركة الرياح فى حدوث عواصف رملية خاصة فى المناطق المعرضة للرياح والمكشوف سطحها والقابلة للتفكك.
*وما هى مخاطر ظاهرة انجراف الرياح؟
على الرغم من أن ظاهرة انجراف الرياح طبيعية، لكنها تعتبر عملية من عمليات تدهور الأراضى، وتلعب دوراً أساسياً فى ظاهرة التصحر، إذ تؤدى إلى فقد نحو 500 مليون هكتار سنوياً من الطبقة السطحية للتربة على مستوى العالم، كما ينتج منها انبعاث نحو 500 - 5000 تيراجرام غبار فى الهواء الجوى سنوياً.
وترتبط أيضاً بظاهرة الاحتباس الحرارى والتغيرات المناخية، وزيادة ظاهرة الجفاف وارتفاع درجة الحرارة يزيد من حدوث العواصف الرملية والغبار، والذى يؤدى بدوره إلى التصحر desertification فى المناطق الجافة وشبه الجافة، مما يؤثر على إزالة الطبقة الخصبة، وبالتالى يؤثر على الإنتاجية الزراعية وعلى التنمية الزراعية المستدامة.
*وما الهدف من جهاز نفق الرياح المحمول؟
نتيجة المخاطر السابقة تم التوصل لفكرة الجهاز لاستخدامه لتحليل الروابط بين قابلية التربة للانجراف والعوامل الفيزيائية المختلفة لإنشاء علاقة عددية بينها، وتوفير بيئة الأنفاق كبيئة خاضعة للرقابة، ومحكومة تحمى من التغيرات المصاحبة لظروف الطبيعية المحيطة والمتغيرة، من أجل دراسة عدة عوامل تؤثر على سلوك التربة وانجرافها.. كما يمكن من خلال هذا الجهاز التحكم فى عوامل الرياح مثل: القطاع العمودى لسرعة الرياح – التحكم الاصطناعى لترسيب التربة من خلال إنشاء مصدات مصاحبة للبيئة وعوامل التربة الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية.
*كيف سيفيد هذا الجهاز فى تحقيق التنمية الزراعية بمصر؟
وفقاً لما أعلنته الأمم المتحدة فى السبعينيات، أن مصر من أوئل دول العالم صحراوياً نظراً للظروف القاسية، حيث تحتوى على نحو 86 % من الأراضى شديدة القحولة و14 % أراضى قاحلة، وتشكل مصر مساحة ما يقرب من مليون كيلو متر مربع فى الركن الشمالى الشرقى لإفريقيا، وهى جزء من حزام الصحراء الكبرى الممتد من المحيط الأطلسى شرقاً عبر شمال إفريقيا بكاملها إلى الجزيرة العربية، وقد ذكرت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن مصر تفقد نحو 29 % من الأراضى الزراعية، مما جعل المنظمة الدولية تضع مصر بالمركز الأول عالمياً للتصحر، وتعتبر المناطق البيئية الزراعية الصحراوية من أهم المناطق تعرضاً لظاهرة التصحر، حيث تضم هذه المناطق الصحارى الحقيقية الخالية من النباتات الصحراوية أو من أى مجتمع نباتى آخر، ولا تتوافر فيها الشروط البيئية المناسبة لحمايتها.
ومن خلال اهتمام القيادة السياسية بجمهورية مصر العربية بالتنمية الزراعية المستدامة، وخاصة فى المناطق الزراعية حديثة الاستصلاح، كما أن مركز بحوث الصحراء هو المنسق الوطنى لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وتطبيق استراتيجية مركز بحوث الصحراء، والتى تنص على مجابهة عوامل التدهور، وظاهرة التصحر تقوم وحدة انجراف التربة التابعة لشعبة مصادر المياه والأراضى الصحراوية، والتى ينفرد بها مركز بحوث الصحراء، باعتبارها المسئولة عن قيام الدراسات وقياسات معدلات الانجراف بأنواعه المختلفة، لمجابهة ظاهرة التصحر وإحداث تنمية زراعية مستدامة .
*وما هى أهم المناطق المعرضة لمخاطر انجراف التربة بالرياح فى مصر؟
المناطق التى تقع على: شريط الساحل الشمالى الغربى، ومناطق شمال وجنوب سيناء، وسيوة والواحات الداخلة والخارجة والوادى الجديد.. وهى الأكثر عرضة لظاهرة التصحر والانجراف بواسطة الرياح.. وحالياً يتم إجراء دراسة على قابلية التربة للانجراف فى وادى رمل بالساحل الشمالى الغربى.
*ما المدة التى استغرقها تصميم الجهاز؟ وما هى مكوناته؟
استغرق التصميم والإشراف على تنفيذ الجهاز ما بين 2 - 3 أشهر.. ويتكون هذا الجهاز من 3 أقسام رئيسية: قسم التشغيل وتدفق الرياح، وقسم تجميع المادة المنجرفة، وقسم ترسيب حبيبات التربة المنجرفة.
*هل المواد المستخدمة فى تصميمه محلية؟ وماذا عن تكلفته؟
يعتبر 90 % من مكوناته خامات مصرية.. وتترواح تكلفة الجهاز من 150000- 200000 جنيه مصرى، حيث تعتمد تكلفة الجهاز على: طوله، وقوة الموتور، والمولد الكهربائى، والمادة الخام المصنوع منها الجهاز.
*وما هى أهم المعوقات التى واجهتك خلال التنفيذ؟
أنه لا يوجد مصنع مخصص لتصنيع هذا النوع من الأجهزة، وبالتالى بيتم تجميع مكوناته من أكثر من مكان، ونتيجة لندرة العمل فى هذا المجال وجدت صعوبة لتفهم طبيعة عمل الجهاز عند تنفيذه.
*وما هى مميزات هذا الجهاز؟
يتميز بأنه يسمح بالقياس السريع والفعال داخل النفق، تحت ظروف موقعية حقلية من نوع التربة وسطحها، والمعاملات المستخدمة ونظام المحصول؛ إذ أن استخدامه يقود إلى معرفة وتفهم عمليات انجراف التربة على مستوى الجمهورية، بجانب أنه يعطى فهماً مفصلاً لعوامل التحكم ومجابهة مخاطر الانجراف؛ مما يساهم بتطوير نماذج التنبؤ به فى المستقبل، كما يستخدم لمعرفة تأثير المحصول وغطاء سطح التربة على انجراف التربة واختبار الأسطح الطبيعية ميدانياً، ومن خلاله أيضاً يمكن دراسة انبعاث الغبار، والحد والتقليل من آثاره السلبية على الإنتاج الزراعى خاصة، وعلى صحة الإنسان عامة.
ومن خلال هذه الاستخدامات لجهاز نفق الرياح المحمول، فإنه يساهم كجهد من جهود تجديد خصوبة الأراضى المتدهورة، ويسهم فى تعزيز استعادة الأراضى المتدهورة، مما يعزز الإنتاجية الزراعية، وخلق فرص عمل، وزيادة العائد الاقتصادى والأمن الغذائى، مما يؤثر إيجابياً على التنمية الزراعية المستدامة، وتحقيق التوسع الزراعى فى مصر، وتفادى خسارة النظم الايكولوجية الطبيعية، وإبطاء وعكس مسار تدهورها.. إذ يعتبر أمراً ملحاً الآن، لتحقيق التعافى السريع ومجابهة التغيرات المناخية.. وأيضاً يساهم الجهاز فى التحكم فى سوء الإدارة، حيث يعتبر العامل الرئيسى لتسارع ظهور ظاهرة التصحر، إذ يُعتبر أن كل أرض فى كل مكان، لابد وأن يكون لها نظام إدارة مبنى على نظم عـلمية سليمة، لإدارة الموارد فيها، ومكافحة هذه الظاهرة، تبدأ فى المقام الأول بحسن إدارة الموارد؛ إذ يتميز مركز بحوث الصحراء بانفراده بهذا الجهاز على مستوى الجمهورية.
*ما هى تطلعاتك لنشر استخدامه خلال الفترة المقبلة؟
أن يتم تعميمه للمجتمعات العلمية المناظرة فى مصرنا الحبيبة.. وإنشاء قاعدة بيانات خاصة بدراسة انجراف التربة بالرياح على مستوى الأراضى الصحراوية، وحديثة الاستصلاح بالجمهورية، وتطوير نماذج التنبؤ بها، لمساعدة متخذى القرار لاتخاذ القرارت المبنية على أسس علمية، لتنفيذ ما تسعى إليه الدولة من مشروعات قومية زراعية وصناعية، لحدوث تنمية مستدامة، للمساهمة فى زيادة الدخل القومى المصرى.