الملك متسولًا في الكابيتول

1-8-2024 | 14:17

لا تجعلوا التصفيق الذى حدث في الكونجرس الأمريكي يعمي عيونكم، عن فشل رحلة نتنياهو الأمريكية، في تحسين صورة إسرائيل أمام الأمريكيين، والعالم.

سقط بيبي، أو الملك الإسرائيلي، وتحول إلى محتال متشكك في مصير بلاده، بل متشائم بشأن تاريخه السياسي، وصل نتنياهو واشنطن، لتعزيز رصيده السياسي في الداخل، وإدارة التوازن مع الرئيس بايدن، ونائبته كامالا هاريس، المرشحة البديلة له للمنافسة على الرئاسة، وإصلاح العلاقات مع الرئيس ترامب المرشح الجمهوري.

كانت النتيجة، أن التصفيق  المدوي، 55 مرة في ساعة، لم تخفِ الكراسي الفارغة للرئاسة، الحضور الهارب. أكثر من نصف أعضاء الكونجرس الديمقراطيين لم يحضروا، وعلى رأسهم النائبة كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية، لم تجد فى خطاب نتنياهو، فرصة انتخابية لها، ففضلت الغياب حتى لا تعطي رئيس الوزراء الإسرائيلي الصورة الكاملة، والحاضرون كانوا في مسرحية هزلية كتبها الإيباك لإنقاذ نتنياهو، إذ وصفت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب، والديمقراطية العتيدة، خطاب نتنياهو، بأنه فارغ، بل وباهت، ولم يقل ما يستحق أن يسمع، أو أن يقال، بل أضاع فرصة تاريخية للتقرب إلى الكونجرس، وكان أسوأ أجنبي يستضيفه الكابيتول.

ساندرز النائب المخضرم، انسحب ووصف نتنياهو مجرم حرب، لا يجوز الاستماع إليه، لافتة مجرم الحرب، النائبة رشيدة طليب، كانت أكثر من بليغة وغطت على المصفقين، لم يستطع الإيباك بجهوده الحثيثة بإنفاقه الضخم لشراء التصفيق وقوفًا لعلها تغطي على المقاعد الفارغة، كشف صورة ملك إسرائيل المهزوز، الذي تطالب غالبية الإسرائيليين بإقصائه بل محاكمته.

التصفيق الهستيري، كان للتغطية على هذه الحقائق الدامغة، التي أبرزها أن رئيس الوزراء، جاء مرعوبًا من محكمتي العدل الجنائية والدولية، ومن الشارع الإسرائيلي الذي يطالب بمحاكمته وبمسئوليته، عما جرى في إسرائيل في الأشهر العشرة الماضية، فأعاد المظلوميات التاريخية لعله يغطي على حالته المخزية، كمجرم وقاتل للأطفال، وهادم للحياة في غزة، لعلها تنقذه من هذا المأزق، الذي يواجهه، بل تواجهه معه كل إسرائيل، فالرجل قرر قبل أن يسقط أن يجر معه بلاده والمنطقة كلها إلى حالة حرب لا تنتهي، ولا تتوقف، كلما هدأت أشعلها هو وفريقه وحليفاه اليمينيان المتطرف بن غفير، وسموتريش.

لم يكن نتنياهو قادرًا على تجاوز أزمة الحرب التي يعيشها، فلم يلمح إلى صفقة أو هدنة، وكأنه خائف من وقف الحرب، بل يدعو إلى إشعالها ويجر معه أمريكا، ويحملها المسئولية، فهو يدافع عنها ويحميها، ولم يعد قادرًا أن يتكلم عن اليوم التالي للحرب، فقد يجد نفسه فيه في السجن، بدا برغم الانتشاء الظاهري مذعورًا قلقًا يشكو إلى جمهوره من المحكمة الدولية، الحرب أصبحت لغته الوحيدة، يجددها وتتجدد منه، تتمدد من غزة إلى لبنان وسوريا إلى اليمن، ويركز على مخاوف من طهران، وليس عنده حلول أخرى، بل جاء يبحث عن ترياق أمريكي يشفيه، فوجد الرعب يتزايد، ذهب إلى بايدن فوجد استقبالا باهتًا، بل أجل اللقاء، وأصبح مشروطًا بما يقوله أثناء خطابه في الكونجرس، والمرشحة كامالا هاريس، أسمعته ما أخافه، ولم تجد ضرورة لقطع برنامجها الانتخابي لحضور خطابه، حتى ترامب أعلن عن عدم لقائه، وعاد وأعلن أنه سيفعل يوم الجمعة في مقره بفلوريدا، مستبقًا اللقاء بموقف علني على هذه الحرب أن تقف.

هكذا انكشف وتم تعرية بيبي، الملك يسقط من عرشه في واشنطن، برغم تصفيق وتهليل نواب الكونجرس فشلت زيارة أرادها أن تكون تاريخية، وأن يتفوق بها على تشرشل، الذي زار الكونجرس 3 مرات، وانكشف هناك وأصبح هو ونتنياهو صاحب الرقم القياسي في مخاطبة الأمريكيين من هذا المنبر، لكنه خطط لصالح نفسه، وليس لصالح إسرائيل، فأصبح السياسي الصغير في زمن حرب لا يقدر عليها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: