31-7-2024 | 14:06

حققت إسرائيل مرادها الخبيث بإشعال فتيل حرب إقليمية، بعدما اغتالت الرجل الثاني في حزب الله بهجوم على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وبعده بساعات قليلة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، في العاصمة الإيرانية طهران بصاروخ موجه، فالهجومان لن يمرا مرور الكرام، وسيكون لهما تبعات مؤلمة لكل الأطراف، وسيقودان حتمًا لمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، وسوف تخفت الآمال المعقودة على إحلال السلام فيها قريبًا مع سريان بحور الدماء المتدفقة.
 
أقدمت إسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة بقيادة نيتانياهو على بدء "حرب الاغتيالات" مدعومة بمساندة أمريكية واضحة، بذريعة حقها في الدفاع عن النفس، رغم علم ساسة واشنطن وتأكدهم من أن خطوة اغتيال هنية سيكون لها عواقبها الممتدة لفترة ليست بالقصيرة، وأنها ستكون سببًا رئيسًا في تأجيج الصراعات الإقليمية بين طهران وتل أبيب، وأن أمريكا ومصالحها بالشرق الأوسط وخارجه سيلحق بها أضرارٌ بالغة، وأنها لن تكون بمأمن من شظايا "حرب الاغتيالات"، لكن كل هذا يهون طالما أن إسرائيل سعيدة وراضية. 

فتفكير نيتانياهو، الذي سيدخل التاريخ من باب عتاة مجرمي الحرب، ينصب على البقاء بالسلطة، حتى لو أحرق روما بأسرها، فهو يكترث بنفسه فقط، ولا يشغله أي شيء آخر، وللأسف توفر أمريكا غطاءً ومظلة حماية لجميع جرائمه بتغاضيها عن إصراره على وأد الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية سلمية للأزمة الناشبة، منذ أحداث السابع من أكتوبر، المرة تلو الأخرى، وانتهاك سيادة الدول والقوانين والأعراف الدولية بلا رادع.
 
إن هنية ليس أول قيادي فلسطيني بارز تغتاله إسرائيل، ولن يكون الأخير، وسبقه كثيرون، فهل فازت تل أبيب بالأمن والأمان بعدما قتلتهم بدم بارد؟ الجواب سيكون بالنفي القاطع، فما حدث كان عكس ما رغبت فيه وتمنته، فاستشهادهم كان حافزًا لآخرين للسير على دربهم واستكمال مسيرتهم، من أجل تخليص الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم والجاثم فوق صدور أهلها، ومما يتعرض له الفلسطينيون يوميًا من سوء معاملة واغتصاب لممتلكاتهم وأموالهم ومنازلهم على يد جنود الاحتلال والمستوطنين الذين تسلحهم الحكومة الإسرائيلية، ويشجعهم المسئولون الإسرائيليون على قتل الفلسطينيين، والتفاخر بذلك أمام عدسات الكاميرات وعلى منصات التواصل الاجتماعي. 

في الوقت نفسه، بح صوت العالم المتحضر من الشكوى من أن إسرائيل فوق مبدأ المساءلة والعقاب المطبق على بلدان العالم، وتتعامل باستهزاء منقطع النظير مع قرارات وأحكام جهات دولية لها ثقلها ووزنها، مثل محكمة العدل الدولية، والأمم المتحدة وغيرهما، وتمضي في غيها غير عابئة بمحاولات معاقبتها على جرائمها ومجازرها، بفضل التدخل الأمريكي المتواصل إلى جانبها، الذي يتسبب في تقويض ركائز وقواعد النظام الدولي، الذي يحتاج لإعادة تأسيسه على مبادئ لا تعرف الاستثناءات والمحاباة لطرف يعتبر نفسه فوق الجميع، وأنه يتعين على الكل مداهنتها والسعي لنيل ودها وبركتها، إن أردوا تسيير وتسهيل مصالحهم. 

لقد فتحت إسرائيل بتصرفاتها الهمجية والطائشة إبان الـ 48 ساعة الماضية أبواب الجحيم، وتعمدها التصعيد لتأكيد قدرتها على القفز فوق الحواجز والوصول لمَن تعتبرهم أعداء في عقر دارهم، لكن اندفاعها نحو استخدام القوة الغاشمة سيكون له ارتداداته العنيفة الآن ولاحقًا، وقبل ذلك وبعده، فإن المجتمع الدولي إذا لم يتحرك سريعًا لتحجيمها ووقفها عند حدها، ومنعها من انتهاك سيادة دول الجوار، فربما يكون عالمنا على أبواب الحرب العالمية الثالثة.

كلمات البحث
الأكثر قراءة