أراد أن يقدم تقريرًا عما ارتكبه من جرائم في حق العزل، وأراد أن يحصل على مباركة بني صهيون، وأراد ضوءًا أخضر للاستمرار فيما أقدم عليه، ماذا يفعل يا ترى؟!
ماذا ستفعل يا نتنياهو؟! يستقل طائرته المشؤومة، مصحوبًا بلعنات الرب ودماء الأبرياء من الشيوخ والعجائز والشباب والنساء والأطفال والخدج تغرق بزته العفنة ورابطة عنقه التي عما قريب ستتحول إلى مشنقة له، يستقلها متوجهًا إلى أحبابه من بني جلدته، آل صهيون لعله يجد عندهم المخرج مما هو فيه، ولعله يجد ملاذًا آمنًا له ولكل من شايعه وشارك في أفاعيله النكراء التي يندى لها جبين الإنسانية، والتي تعد بمثابة وصمة عار لن ينساها التاريخ وسيكتب سير هؤلاء بأحرف من دماء الأبرياء، وإن كان هذا ليس جديدًا على هؤلاء الحثالة حثالة الأمم (جماعة الشتات واللقطاء)، فأفاعيل مائير في عدوانها علينا وعلى مدارسنا ومدرسة بحر البقر الابتدائية خير دليل، وشناعات شارون في صبرا وشتيلا وقانا ودير البلح وكل فلسطين لم تسلم من بحور دمائهم، فهذا دأب وديدن السفاحين والقتلة الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، أولئك الذين قال عنهم الله تعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)، حتى بأسهم بينهم وبين بني ملتهم شديد، تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى، (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ).
نعم استقل طائرته مصحوبًا بالخزي والعار من الداخل ومن الخارج، متحديًا الجميع لعل يجد طوق نجاة أو انتصار زائف يروجه للعالم من خلال الراعي الرسمي لسفك دماء الأطفال، اللوبي الصهيوني ورأسماليته الحمقاء.
نعم الداخل مظاهرات لا تتوقف ليلا ولا نهارًا في تل أبيب، بل وامتدت إلى المستوطنات المحتلة تطالبه بوقف الحرب على غزة والاستجابة السريعة لصيحات أسر الأسرى وعدم عرقلة مساعي الهدنة، ليس هذا فحسب؛ بل الانقسامات الداخلية في حكومته باتت واضحة وضوح الشمس؛ بل وصل الأمر إلى مطالبته باستقالته أو إقالته والإعلان عن انتخابات مبكرة، حتى في الكنيست وجدنا من يقف مدافعًا عن غزة واصفًا ما يحدث بالشناعات والبشاعات متهمًا إياه ومن يؤيدونه بالقتلة.
إلا إنه ضرب عرض الحائط بكل هؤلاء أولئك، ولم لا وهو يعلم علم اليقين أن في وقف الحرب إدانة له وتهديد لمستقبله السياسي، ألا لعنة الله على الكراسي والمناصب التي تجعل الإنسان ذليلًا لها يبيع نفسه وضميره بثمن بخس من أجل أن يظل جالسًا على مقعده أو في أسوأ الظروف يأمن تعرضه للمحاكمة بتهم المروق والفشل السياسي وقضايا فساد وغيرها مما يتردد ذكره فى الأوساط الإسرائيلية، ولكن السؤال الذي دومًا ما نطرحه ألا يعتبر هذا وأمثاله مما حدث مع سابقيه، خير شاهد على ذلك ما حدث مع أرئيل شارون، أي ميتة ماتها هذا المجرم!
ذهب الرجل إلى الكونغرس الأمريكي ليجد مبررًا له ولما يفعله من جرائم في حق الأبرياء العزل في غزة وما حواليها.
دخل إلى قاعات الكونغرس بيت الديمقراطية مدنسًا إياها بافتراءاته وادعاءاته، وأنه مغلوب ويحتاج من يسانده وينصره على الأشرار حماس وغزة!
دخل الكونجرس واستقبله بنو جلدته بالهتاف والتصفيق، فيا لك من حزب بئيس، أيها الحزب الجمهوري، يا لكم من أشرار يا سدنة المعبد يا أصحاب المصالح التي ستنهار فوق رؤوسكم، لم يوقفه حتى امتناع أكثر من تسعين عضوًا من الديمقراطيين عن الاستمرار في أكاذيبه وألاعيبه وحيله الشيطانية.
إلا أن المفاجأة الكبرى رئيس مجلس الشيوخ كامالا هارتس لم تحضر هذا الخطاب الدموي المدلس المضلل، بل وفضحته أمام شاشات كاميرات التليفزيونات، من أنها لن تسكت عن جرائمه ضد المدنيين العزل وضد الأطفال في غزة وتشريدهم ومنعهم الطعام والشراب والكساء، يا لك من كذاب أشر ومخادع، لم تطل أي مدني - هل أنت تعيش في عالم آخر، تخدع العالم أم تخدع نفسك، من قتل الأربعين ألف شهيد، يبدو أنهم قتلوا أنفسهم، يبدو أنهم هدموا بيوتهم على رؤوسهم كراهية للحياة، من قتل الصحفيين، من قتل طواقم المسعفين، من قتل الأطباء في المشافي، من قتل موظفي الأونروا التي أعلنت في آخر تحديث لها لبياناتها أن موظفيها الذين قتلوا منذ العدوان على غزة قد بلغ عددهم مائة وتسعة وتسعين قتيلًا.
ليس هذا فحسب؛ بل الأدهي والأمر من ذلك أنه يعلن على الهواء أنه قلق من المظاهرات التي طوقت الكونجرس وملأت الشوارع المحيطة به، وملأت الجامعات التي نددت بزيارته وطالبت بطرده وعدم السماع له ولأكاذيبه.
هل هذا فقط ما أقلقك!! فماذا عن المظاهرات الهادرة في تل أبيب، وفي كل دول العالم ألم يقلقك ذلك؟!
هذا المجرم يذهب إلى أمريكا في توقيت خبيث خصوصًا بعدما أعلن بايدن، هذا العجوز المخرف، أنه لا ينتوي الترشح للرئاسة لولاية ثانية، فأراد أن يكمل حلب (التيس)، وهل التيوس تحلب! أو يقف حضوريًا على الوضع الحالي في أمريكا، وإن كنا نرى أنه لا خير في بايدن ولا ترامب، ولا أي شخص سيأتي رئيسًا للولايات المتحدة، فالكل يسعى لمصالحه الشخصية أولا، ولمصالح شعبه ثانيًا؛ مستفيدًا من تشتت وتشرذم الأمة العربية والإسلامية.
* أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان