بعد أن فاجأ بايدن الجميع خلال الأسبوع الماضى بوقف حملته الانتخابية، وتنحى عن سباق الرئاسة الأمريكية بات الحزب الديمقراطى فى موقف لا يحسد عليه.
موضوعات مقترحة
فقد أضاع الحزب الكثير من الوقت، للضغط على رئيسه لإقناعه بضرورة الانسحاب من السباق الرئاسى، حتى لا يخسر أمام منافسه المرشح الجمهورى دونالد ترامب، وفى نفس الوقت دفع الحزب بنائبة الرئيس كامالا هاريس، كى تكون هى مرشحته للسباق الرئاسى القادم فى نوفمبر.
وقد سارع ترامب فور إعلان الرئيس الانسحاب، بإصدار تصريح نارى قال فيه: إن الفوز على هاريس سيكون أسهل من الانتصار على بايدن.
كل استطلاعات الرأى تشير حتى الآن، إلى تقدم الرئيس الأمريكى السابق على كل من الرئيس الحالى، ونائبته فى حال خوض أحدهما الانتخابات ضده.
لكن بما أنه لم يتبق فى السباق سوى نائبة الرئيس كامالا هاريس، فكيف تبدو حظوظها أمام ترامب!؟
من وجهة نظرى، أرى مبدئيا أن هاريس ستظهر بمظهر لائق أكثر، مما كان عليه الرئيس جو بايدن، سواء فى مناظرته أمام الرئيس السابق ترامب، أو من خلال مخاطبة الجماهير بشكل مباشر فى التجمعات الانتخابية المختلفة.
فهى أكثر قدرة على الانتباه لما يقال إليها، ولديها حضور ذهنى جيد يفوق بكل تأكيد الرئيس بايدن.
لكن ما المقومات الأخرى التى تتمتع بها نائبة الرئيس بايدن، كى تخوض السباق الرئاسى القادم؟!…
أهم ميزة تتمتع بها كامالا هاريس، هى أنها تشغل حاليا منصب نائب الرئيس، أى أنها تمارس مهاما سياسية عليا فى البيت الأبيض، ولديها إمكانية الاطلاع على جميع الملفات المهمة فى الدولة الأمريكية، سواء كانت هذه الملفات داخلية أم خارجية، وهذا ربما يساعدها فى أن تكون لها رؤية واضحة، عندما تخاطب الجمهور الأمريكى، خصوصا الديمقراطى كذلك الذى لم يحدد هويته الانتخابية بعد، لتحاول إقناعهم ببرنامجها الانتخابى، ورؤيتها للبلاد خلال السنوات الأربع المقبلة.
كذلك فإن، كون كمالا من الأقليات - حيث إن والدها من جمايكا، ووالدتها من أصول هندية - فهذا ربما يعطيها قبولا لدى الأقليات داخل الولايات المتحدة، كما هى الحال أيضا بأن كونها امرأة ربما تكون ميزة توضع فى الحسبان.
لكن على الجانب الآخر، فإن الرئيس السابق دونالد ترامب، والمرشح الحالى عن الحزب الجمهورى، بدأ بالفعل مهاجمة هاريس بشكل قوى الأسبوع الماضى، حتى قبل أن يتنحى الرئيس الحالى جو بايدن عن خوض السباق الانتخابى الرئاسى، وقامت حملته الانتخابية بتوفير ملايين الدولارات، لعمل الدعاية اللازمة عبر القنوات التليفزيونية المختلفة، ومواقع التواصل الاجتماعى، لمهاجمة نائبة الرئيس، والتذكير بإدارتها السيئة لملف الهجرة غير الشرعية، فى الولايات المتحدة، والقوانين المتعلقة بالأمن الداخلى، كذلك تلك التى تخص مسألة الإجهاض التى تشكل مجالا للتجاذبات والمشاحنات، بين الديمقراطيين والجمهوريين.
كذلك خرج «جى دى فانس»، المرشح لشغل منصب نائب الرئيس مع دونالد ترامب، وكال الاتهامات من كل صوب واتجاه، ضد كامالا هاريس، وقال إنا ترامب سيفوز عليها بسهولة، وإنها غير قادرة على الصمود أمامه، كذلك وصفها بأنها كاذبة، لأنها خدعت الأمريكيين وقالت: إن الرئيس بايدن يتمتع بصحة عقلية جيدة، ويستطيع أن يمارس مهام منصبه كرئيس للولايات المتحدة فى الوقت الذى تنحى فيه الرئيس عن خوض السباق الرئاسى، تاركا خلفه علامات استفهام عديدة حول موقف كامالا، من عدم إطلاع الأمريكيين بحقيقة الصحة العقلية لرئيسهم.
شخصيا أعتقد أن قدرة كامالا هاريس، على منافسة دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، ستعتمد على الدعم الكبير الذى من المفترض أن يقدمه الحزب الديمقراطى وقيادته، كذلك الطبقة الصلبة للمجتمع الأمريكى من الديمقراطيين، الذين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع بعشرات الملايين لانتخاب كامالا هاريس، كرئيس للبلاد.
وسيظل الصراع قائما بشكل لم يشهده التاريخ الانتخابى الرئاسى فى الولايات المتحدة، وستظل البلاد على صفيح ساخن حتى موعد الانتخابات. وإن كنت أعتقد شخصيا أن فرص ترامب ستكون أكبر من هاريس، بسبب الزخم الذى حصل عليه الرئيس السابق بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التى تعرض لها فى بنسيلفانيا، خلال الأسابيع القليلة الماضية، وما تلاها من مؤتمر عام للحزب الجمهورى والذى شهد الترشيح الرسمى لترامب، لخوض السباق الرئاسى عن الحزب، والذى اتبعه بعد ذلك بخطاب قوى أمام أنصاره فى ولاية متشيجان، حيث بدا من خلاله كما لو كان هو الرئيس الحالى للولايات المتحدة.
على كل، فإن الشهور القليلة المتبقية أمام المرشحة الديمقراطية لخوض السباق الرئاسى، ستشهد عملا مضنيا، كى تستطيع أن تقنع الناخب الأمريكى، أنها من الممكن أن تكون مرشحة رئاسية قوية وتستحق أن يصوت
لها، وإلا فإنها لن تكون إلا صدى مهترئاً لصوت الرئيس المنسحب جو بايدن، الذى أثقل كاهل البلاد بكثير من الأزمات الاقتصادية، والقرارات الخاطئة فى عدد كبير من الملفات الداخلية والخارجية، التى أثرت بشكل سلبى على حياة المواطن الأمريكى، وجعلته يعانى خلال ما يقرب من أربع سنوات، هى فترة ولاية الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية.