نتنياهو.. التحضر والوحشية والكذب المفضوح

27-7-2024 | 11:39

"اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون، ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك".

هذا ما قاله جوبلز وزير إعلام هتلر النازي ويتنفسه الصهاينة قادة ومستوطنين أو الوصف الصحيح المغتصبين.

ولم ينجح نتنياهو الذي فشل فشلا ذريعا سياسيا وعسكريا خلال أكثر من ١٠ أشهر في هزيمة غزة الصغيرة حجمًا والكبيرة في قوة مقاومتها وصمود شعبها، رغم تكاتف الصهاينة، وما يسمى بالدول العظمى، ضد غزة وإمداد الصهاينة بكل أنواع الدعم المادي والعسكري والسياسي والإعلامي بالطبع.

المثير للسخرية إصرار نتنياهو الغريب على أنه سيحقق النصر الساحق وسينتزع سلاح المقاومة الفلسطينية، وفي اليوم التالي لانتهاء الحرب سيكون في غزة حكومة يرضى عنها الصهاينة، وستكون القدس موحدة وعاصمة الصهاينة للأبد.

ويبدو أنه غير قابل للتعلم، فكما يقول المثل اللبناني "الرائع إللي يجرب في المتجرب عقله مخرب"، فقد حاول الصهاينة لسنوات طوال نزع سلاح حزب الله، وانتهى الأمر بانسحاب مذل للصهاينة من لبنان.

وجرب الاعتداء مجددًا على لبنان فقرر حزب الله "فرض" توازن الردع ومنع الصهاينة من العربدة في سماء لبنان.

كما قام حزب الله بتصوير قاعدة جوية صهيونية مهمة يوم ٢٣ يوليو ونشر فيديو الهدهد ٣ بتفاصيل القاعدة وصور وأسماء أهم القادة العسكريين بها، وقال إنه تعمد توقيت النشر ليتواكب مع زيارة نتنياهو للكونجرس.

تظاهر نتنياهو كعادته بأنه لم ير ولم يسمع شيئًا، وواصل الكلام كما يريد.

نثق أنه لا أحد يتمادى في الكذب إلا عندما "يتيقن" أن هناك من يرغب ويتمنى ويتلهف أيضًا لسماع الأكاذيب.

وهو ما رأيناه جميعًا، فقبل خطاب نتنياهو في الكونجرس الأمريكي تضاعفت المظاهرات في أمريكا رفضًا لزيارته، ولم تكن من العرب المقيمين بأمريكا وحدهم، بل شملت أيضًا العديد من الأعراق والأديان والأمريكيين ومن كل الأعمار، ورفعوا صور المذابح الصهيونية في غزة، وطالبوا بمحاكمة نتنياهو كمجرم حرب.

وهذا تغير واضح وغير مسبوق في أمريكا، خاصة والغرب عامة، وسبقه مظاهرات واحتجاجات في غالبية مدن أمريكا وأوروبا ولا ننسى الاعتصامات في غالبية الجامعات وأهمها وهو ما لم يحدث من قبل.

كما غاب لأول مرة عن خطاب نتنياهو في الكونجرس ٩٠ عضوًا رفضوا الحضور والاستماع إليه، ومنهم من أعلن رفضه استمرار أمريكا في تمويل إبادة غزة، مع ملاحظة أن عدد أعضاء الكونجرس ٤٣٥.

وللأمانة فقد أعطى الكونجرس الأمريكي الفرصة لبعض أهالي أسرى الصهاينة وتركوهم يعلنون مخاوفهم على أسراهم ومطالبتهم "بضرورة" الإسراع بإنهاء الحرب، وعودة ما تبقى من الأسرى أحياء؛ بعد أن تسبب جيش الصهاينة في قتل الكثيرين منهم أثناء القصف الوحشي على غزة.

رأى قادة أمريكا ونواب الكونجرس المظاهرات وسمعوا مطالبات أهالي الأسرى، وقاموا بتطبيق الديمقراطية الأمريكية "بامتياز"  وجوهرها قل ما تريد وسأفعل ما أريد.

تنافس نواب الكونجرس في التأييد المطلق للصهاينة واستمعوا في "خشوع" لخطاب نتنياهو وبالغوا في التصفيق "وقوفًا" وكأنهم كانوا يحتاجون بشدة لسماع كل هذه الأكاذيب ربما "لطمأنة" أنفسهم أن الهزيمة الواضحة يمكن أن تتحول في يوم ما إلى نصر "ينتظرونه"؛ حتى لا تزول إسرائيل من الوجود ويتطهر العرب من هذا السرطان للأبد.

طالب نواب بالكونجرس بضرورة إنهاء الصراع والسلام مع دعم متزايد للصهاينة؛ وهذا يعني بوضوح تام استسلام غزة ويؤكد رفضهم رؤية الواقع ربما للاستكبار والعنصرية التي "تسكن" قلوبهم قبل عقولهم.

بذل نتنياهو جهدا واضحا لببدو متماسكًا رغم أنه كان يتكلم في "ملعبه" وسط أكبر وأهم داعميه.

ومن المؤكد أنه تدرب كثيرًا على الخطاب؛ ورغم ذلك ارتبك وظهرت علامات عدم الثقة في لغة جسده وكثرة حركاته ونظراته التي فضحت أنه لا يصدق ما يقول.

أبدع نتنياهو في الكذب في خطابه فادعى أنه هو والغرب يمثلون التحضر في مواجهة وحشية المقاومة في غزة وفلسطين وإيران التي تدعمها "علانية"، وأن الأخيرة تشكل بهذا الدعم خطرًا "وجوديًا" على أمريكا والغرب!!

ونتساءل أين الخطر على العالم المتحضر من "خلاص" شعب من جحيم الاحتلال؟! وأين الوحشية في مقاومة محتل يهدم البيوت والمستشفيات والجامعات والمساجد؟! وينبش القبور ويسرق الجثث؟! ويفتخر جنوده بالتبول على الجثث الشهداء، وارتداء ملابس نسائية في منازل اقتحموها وقاموا بسرقة ذهب النساء وارتداء ملابسهن الداخلية والتصوير بها؟!

كان نتنياهو ساذجًا في محاولة شيطنة المقاومة الفلسطينية، وإظهار الصهاينة بالملاك البريء، ومن استهتاره بذكاء المستمعين أو ثقته بأنهم يعرفون أنه يكذب "ويرحبون" باكاذيبه؛ قال ساخرًا: "حذرونا كثيرًا من اقتحام رفح، وقالوا سيموت عشرات الألوف ولم يمت أحد من المدنيين!!، وسألت فقالوا لم يمت إلا ٢٤ وقعت عليهم شظية فقتلتهم بلا قصد، أي لم يمت أحد!!

أما عن شيطنة إيران. فمن المؤكد أنها لم تحتل فلسطين ولم تطرد "أجداد" نتنياهو منها كما فعل الصهاينة مع الفلسطينيين، وأين الوحشية في سعي شعب للخلاص من الاحتلال الذي يتعرض لأبشع التنكيل منذ عام ١٩٤٨؟.

ولماذا يحرص على "تخويف" أمريكا والغرب من تحرير فلسطين إلا إذا كانوا شركاء في الجرائم والمذابح؟

أكد نتنياهو أنه سينتصر وسيتعاون معه الفلسطينيون ولا ندري هل سيأتي بشعب آخر؟! وهل يتعامى عن استطلاعات ميدانية صهيونية أكدت أن كل ٥ صهاينة منهم ٤ يريدون الهجرة الى الخارج.

رأينا جميعًا طفلًا يرتدي حذاء والده وزيًا عسكريًا عليه نياشين "بلاستيك" وينتفش زهوًا ويتوهم أنه بطل الأبطال؛ وهو ما نراه بوضوح في أغلبية قادة الصهاينة ومعظم شعوب العالم، وترفض أمريكا وشركاؤها الاعتراف به، كما يرفضون أن التاريخ يؤكد أن الشعب الذي "يناضل"  للتحرر سينتصر حتما؛ وهو ما ستفوز به غزة وكل فلسطين بمشيئة الرحمن.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: