أجمعت الدعوات الرسمية والأممية والشعبية، التي انطلقت من إفريقيا مؤخرًا، على أولوية الإنصات للشباب الإفريقي وإعطائهم دورًا أكبر، وإتاحة الفرص أمامهم لمشاركة حقيقية في صنع القرار البيئي، وإنشاء بنك أخضر يمنح الأولوية لمشروعاتهم، ويحقق رؤيتهم ومطالبهم بالمساهمة الجادة في مشروعات المناخ.
هذا ما فعلته "القمة الإفريقية للمناخ" العام الماضي، وهو ما اهتم به أيضًا "منتدى الحفظ الإفريقي لبرنامج الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة – IUCN، منتدى الشباب الإفريقي وهي فعاليات، نهاية الشهر الماضي، شهدتها "نيروبي" الكينية الواقعة شرقي إفريقيا التي تعد القارة الأكبر من حيث عدد الشباب الذين يمثلون 60٪ من القارة، في المقابل فهي أصغر القارات عمرًا في العالم.
لماذا إفريقيا؛ لأنها بأبعادها وتضاريسها وسماتها، بمثابة كوكب صغير، وهي بالفعل أصغر القارات في العالم من حيث التركيب السكاني، وغالبية سكانها هم شباب ونسبتهم الغالبة، وتقل أعمارهم عن 25 عامًا، ويشكل شبابها 19٪ من سكان العالم، بواقع 226 مليون نسمة، وبحلول عام 2030 من المتوقع أن يزداد عدد الشباب في إفريقيا بنسبة 42٪، كما تقول بيانات الأمم المتحدة، والتي ذكرت أيضًا، أن جميع البلدان العشرة الأول في العالم، من حيث العمر، هي في إفريقيا، فالقارة وشبابها هم بالفعل رأس المال الطبيعي للكوكب.
نبعت الحلول والمبادرات والتطبيقات هنا على الأرض الإفريقية، حيث البشر والشراكة المجتمعية بظواهر التغير المناخي والكوارث الجامحة، وعوامل الطقس والتنوع البيولوجي، وهي موجات من التفاعلات الكونية تنبع من الطبيعة كثيفة الحضور في القارة.
"نحن كثيرون – Tuko wengi باللغة السواحيلية الأشهر في إفريقيا، وهي عبارة رددها نخبة من الشباب الإفريقي، الذي حضر من كينيا ودول إفريقية وعربية أخرى، وشارك هؤلاء في فعاليات "منتدي الحفظ الإفريقي - 2024" بالعاصمة الكينية.. من السمات المدهشة في أن متوسط الأعمار هناك حوالي 19 عامًا، و65٪ من السكان تقل أعمارهم عن 35 عامًا.
ولعل اتفاق دول القارة على مفاهيم واحدة، ولتكن رؤية تمويل المناخ، وهي الأساس الذي انطلقت منه أعمال المنتدى، فالقارة تكاد تصل إلى صافي انبعاث كربوني، فهي في الوقت الذي تنتج فيه الدول المتسببة، وهي 20 دولة، حوالي 80% من إجمالي حجم الانبعاثات الكربونية للكوكب، ومن هنا طالت الفعاليات بتحقيق العدالة المناخية، وتفعيل مبادئ "الحوكمة" في القارة، خاصة أن مصر حققت تقدمًا بلغ 3 مراكز في مؤشر الحوكمة الإفريقية.
مشروعات القارة الخضراء، وأيضًا للضغط على الدول الكبرى الملوثة والأكثر إنتاجًا للكربون، القارة تحتاج إلى رصد لتاريخ وجغرافية مواردها وتفاعلاتها، واستكشافات المياه الجوفية ومراقبة الأراضى والمشروعات الزراعية، وخارطة للثروات المعدنية، فضلا عن رصد المتغيرات المناخية، والمشروعات الوطنية في كل بلد، ومد الكيانات العلمية بها، ودور البحث والدراسات، والجامعات.
لماذا لا تتكامل دول القارة السمراء وتتعاون في الاستفادة من مشروعاتها التنموية الخضراء عبر مشروعات مشتركة ثنائية أو إقليمية، وعلى سبيل المثال، محطة الطاقة الشمسية المصرية "بنبان"، في أسوان، وهو مشروع عملاق للطاقة المتجددة، حيث غالبية الدول الإفريقية تتشارك في مواردها، وتتشابه في طقسها وبيئتها.
وجه منتدى IUCN بنيروبي، نداءً موحدًا إلى كل العالم، قائلًا: "إفريقيا صوت واحد.. بلد واحد، وإذا كان صوتنا لم يكن عاليًا في الماضي، إلا أننا اليوم، نتحدث إلى العالم بصوت واضح قوي وموحد، فلنطلق العنان للشباب.. نريد للناس الانطلاق خارج الزمن، ولابد أن نقوم بتمويل أنشطتنا بأنفسنا. .بلا توقف Unstopable.
واقترحت فعاليات المنتدى أن تسعى أربع دول أساسية محورية في القارة وهي: مصر- نيجيريا – كينيا – إثيوبيا، فلتكن هذه الدول الأساس لخطوات وخطط جادة نحو المستقبل.. لماذا لا ننشئ منتدى إفريقي على غرار "دافوس"، وليكن دافوس إفريقيا، يتصدره شباب القارة، والتوجه للعالم عبر الكتلة الإفريقية بات ملحًا وضروريًا عبر تثمين الطبيعة والمحافظة عليها، وتعزيز ودعم الحوكمة الفعالة والعادلة للموارد الطبيعية، ونشر الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة التحديات المجتمعية، وتشمل تغير المناخ، الغذاء، التنمية، من خلال استخدام الحلول المستمدة من الطبيعة والقائمة عليها.
من المعروف أن "الاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة IUCN، يعد أكبر شبكة بيئية عالمية على الكوكب؛ حيث يضم 1200 منظمة ووكالة حكومية ومؤسسة ومنظمة أهلية، ويعمل لديه أكثر من 11 ألف متطوع من مختلف دول العالم، يضعون المعايير لمجتمع عالمي لتكامل الطبيعة وتنوعها، وضمان الاستخدام العادل لموارده الطبيعية.
[email protected]