الأوقاف.. بين الأزهري وجمعة

21-7-2024 | 14:50

وزارة الأوقاف، ‏واحدة من أهم الوزارات القوية ذات القوة الناعمة، الهادفة لبناء الإنسان المصري، المسلم، المعاصر، القوي، المستوعب لأمور دينه بما يتماشى مع دنياه، في وتيرة واحدة تبعد به عن التعصب والتطرف من جهة، ومن جهة أخرى الداعمة والمؤيدة لكل تقدم علمي، وفكري، ودعوى لأئمتها، وعلمائها، ومنتسبيها، دفعًا بهم إلى أعلى الدرجات العلمية، ليعود هذا بالنفع والإثمار الطيب على المجتمع وبنيه.

‏والحق أشهد أن فضيلة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف السابق قد حاز قصب السبق في النهوض بالوزارة منذ توليه المسئولية منذ أكثر من عشر سنوات، دفع بها قدمًا إلى مصاف أولى الوزارات المعنية بأفرادها المنتسبين إليها، سواء أئمة وخطباء، وعمال، وإداريين، مجددًا عقلية الإمام والخطيب الثابتة عند شهادة تخرجه من كليته الجامعية، بل دفع به دفعًا لنيل الماجستير والدكتوراه، فكان الكثير والكثير من أئمتنا وخطبائنا ووعظاتنا الحاصلين على أعلى الدرجات العلمية البحثية، وذلك صبًا في زيادة المعرفة الدينية والدعوية، وتحديثًا للخطاب الديني الدعوي الذي تركن إليه دولتنا المصرية، ويحتاجه المواطن المصري، كما أن إنشاء أكاديمية الأوقاف الدولية ليست عنا ببعيد، والتي بها العديد من الدورات الدعوية، والتكنولوجيا المعلوماتية، والتنموية البشرية، التي تؤهل الأئمة والدعاة ليكونوا خير علماء، يمثلون مقتضيات العصر، ويتعاملون معه تعاملًا هادفًا بناءً علميًا، يواكب الثورة المعلوماتية، وحروب الجيل الرابع والخامس، وما يستجد من حروب فكرية وإلحادية تهدد كيان وأركان العقل الجمعي لمواطنينا ودولتنا المصرية الحديثة المنشودة.

‏التحدث عن إنجازات الوزير السابق مختار جمعة لا يسعه المقام لضيق المساحة، ‏لكنها شهادة حق في هذا الرجل الذي لم يدخر جهدًا في النهوض بوزارة الأوقاف، نهضة فكرية، معلوماتية، تراثية، علمية، دعوية، إنسانية، بشرية، لم تحدث إلا في عهده، رغم ما له وما عليه، حقًا إن مختار جمعة سيتعب من يأتي بعده بإنجازاته في وزارة الأوقاف على جميع الأصعدة.

‏بيد أن تولي فضيلة الدكتور أسامة الأزهري كان هو الآخر إنجازا يضاف لرصيد الوزارة، لما للرجل من حب رباني يملأ قلوبنا جميعًا، وقلوب كل الأئمة والدعاة ومنسوبي الوزارة تجاهه، حتى أنهم كانوا يطالبون الرئيس السيسي من قبل بمجيء الأزهري وزيرًا للأوقاف، ولكن عندما جاءت إرادة الله تولى الوزارة، ليستكمل ما هو قائم بها من إنجازات، وليضيف فكره التنويري المستحدث، خدمة للدعوة الإسلامية، وللمواطن المصري، وللأئمة والخطباء والواعظات.

وزير الأوقاف العالم الشاب النابه المحدث الدكتور أسامة الأزهري كان هو أيضًا سباقًا بفكره الثاقب ونظرته الطيبة التي صرح بها، دفعا بوزارته ومنسوبيها لتكون زادًا دعويًا فكريًا، وحصنًا حصينًا يتحصن به الوطن والمواطن، ضد منابع الخلل والفساد الفكري والأخلاقي، وانعدام الهوية التي بها يدمر الوطن وينخر في عظامه، فكان من جميل وعظيم فعله أن صرح مؤكدًا أن المؤسسة الدينية على قلب رجل واحد، وأن المستهدف العام لها التي تقصده، مواجهة التحديات والأزمات التي تحيط بالوطن، مدللا على هذا بزيارته التاريخية المهمة لفضيلة شيخ الأزهر ووفد من كبار مسئولي وزارته، ليعلن للجميع أن عمله كوزير للأوقاف ينضوي تحت لواء البيت الكبير، أزهرنا الشريف، وكبير العائلة فضيلة شيخ الأزهر، وكأنه يوصل رسالة للجميع"أن هذا بيتنا، وهذا كبيرنا الذي لا نتعداه، ولا نتخطى حدودنا في ظله"، مؤكدًا أيضا أن شيخ الأزهر الواجهة المشرفة والمعبرة عن مصر في الشأن الديني، وأنه أوصاه خيرًا بكل أبناء الأوقاف من الأئمة والخطباء.

‏في رسائله أيضًا التي أفصح بها عن طبيعة رؤيته في المرحلة القادمة، كان الوزير الأزهري صريحًا عندما أوضح أن المصريين متعطشون لخطاب ديني "محمدي" أي يتحدث بأقوال وأفعال نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، الحميدة، وخصاله الجليلة، التي أدبه بها ربه، وجعله بها رحمة للعالمين، إضافة لحاجاتنا لخطاب دين أخلاقي رباني لين، وهذا بالفعل ما نرجوه لمجتمعنا وأبنائه، بعد طوفان الأخلاق الذميمة التي انتشرت وتنتشر بفعل وسائل التواصل الاجتماعي والميديا، والتي بعدت بمجتمعنا عن قيمه وأخلاقه، بعد المشرقين، فصار المجتمع "مخوخًا" إلا من رحم ربي ممن يتمسكون بدينهم وأخلاقهم ومبادئهم.

‏الأزهري أكد مرارًا أن آلية عمل وزارته كمؤسسة دينية رسمية ستعمل بكامل طاقتها تحت راية الأزهر الشريف وأمامه الأكبر، وبالتنسيق مع بقية مؤسسات الدولة الدينية الرسمية، دار الإفتاء، ومشيخة الطرق الصوفية، ونقابة الأشراف، والكنيسة المصرية الوطنية العريقة، وأن التحرك بينهم جميعا موحدًا، خدمة للوطن والمواطن.

‏وإذا كان الدكتور جمعة كان اهتمامه الأول بأئمته وخطبائه من خلال رفع مستواهم العلمي والفكري والدعوي، فإن الدكتور الأزهري هو الآخر جاء مكملًا لهذه المسيرة الإنجازية، مضيفًا إليها اهتمامه بالمواطن المصري تحديدًا، جنبًا لاهتمامه بعلماء وزارته، من خلال تأكيده الجاد الطموح على ملء وعي الإنسان المصري بالشغف بالعلم، وبث روح الأمل فيه، ولم الشمل والبر والوفاء به، فبناء الإنسان المصري هو أحد محاوره الأربعة التي يعمل عليها، بل هي البداية للخطاب الديني، ولاجتماع كل مكونات المؤسسة الدينية تحت راية الأزهر الشريف.

‏ألم أقل لك -قارئي الكريم- إنني متفائل، وأستبشر خيرًا بهذه الوزارة الجديدة عامة، وبالدكتور أسامة الأزهري خاصة، والمحصلة والمقصد النهائي المواطن المصري، ووطننا العزيز المبارك، والخير قادم بمشيئة الله وحوله وقوته وأبشروا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
رؤساء الهيئات الإعلامية والصحفية.. عندما تتحدث الإنجازات

ثمة حقائق نؤمن بها دائمًا، تكون نورًا وبرهانًا هاديًا لنا فى مسيرتنا الحياتية والعملية، من هذه الحقائق سنة التغيير والتبديل، التي تنتهجها دولتنا المصرية

علو الهمة.. لهيب الحياة ونور الطريق

من الصحابيات الجليلات اللواتي كان لهن مواقف مشهودة فى الإسلام وأكثرهن كذلك- الصحابية الجليلة الشفاء بنت عبدالله القرشية ، هذه المرأة التى شرفت بكونها

اللاجئون في يومهم العالمي

بعد أحداث الحرب العالمية الثانية المفزعة، ونتائجها وتداعياتها التي قلبت مصير العالم، ومنها البؤس الإنساني بشتى وجوهه، التي طال أغلب بقاع الأرض، كان الهرب

الأكثر قراءة