لو أننا تابعنا برامج الفضائيات في الأيام الماضية، لوجدنا أن الكلام عن التحكيم والحكام كان قاسمًا مشتركًا في معظم الحوارات.. وجميعها دار حول فشل المنظومة والتشكيك في القائمين على عملها من رئيس أجنبي للجنة، وهو البرتغالي بيريرا أو أعضاء اللجنة الرئيسية واللجان الفرعية وحتى الحكام أنفسهم..
والظاهرة أن جميع من تمت استضافتهم سبق لهم العمل في نفس المنظومة؛ سواء كمسئولين عن اللجنة أو أعضاء فيها أو محاضرين.. وكلهم تنافسوا في إبراز سلبيات وفشل تجربة الأجانب في إدارة اللجنة.. وهو شيء أتفق معهم فيه، وسبق أن حذرت من التجربة قبل بدايتها أيام كلاتنبرج.. خاصة أن التحكيم المصري لا يملك خطة أو خريطة محددة في إدارة المنظومة.. وكل من سبق وأدار لجنة الحكام لم يقدم دراسة مستقبلية لعمله.. ولم يترك تقريرًا عن الفترة التى قضاها في رئاسة اللجنة للاستدلال بها في مرحلة مقبلة.
التحكيم المصرى يحتضر والجميع شركاء فيما وصل إليه من ضعف في المستوى وعدم وجود كوادر جديدة؛ سواء من الحكام أو من الإداريين.. والأمر أصبح يحتاج إلى وقفة حقيقية بدراسة وخطة مستقبلية.. وليس بدقائق من الاستعراض بالكلمات في الفضائيات.. صراع شديد يشهده حاليًا التحكيم كالعادة حول من سيخلف البرتغالى بيريرا في رئاسة لجنة الحكام.. الذى ينتهى عقده مع نهاية شهر أغسطس المقبل.. وهو الموعد الذى انتظره مسئولو الاتحاد لضمان عدم دفع مبلغ الشرط الجزائى في حالة إقالته.. رغم أنهم كبّدوا خزينة الاتحاد ملايين الدولارات في الشرط الجزائى لفيتوريا.. ومن قبله كيروش وفى الطريق إيهاب جلال وغيره من التعاقدات الفاشلة التى أبرمها الاتحاد في السنوات الأخيرة.. لكن يبدو أنه كان هناك سبب مجهول للإصرار على بقاء بيريرا لنهاية عقده ولا يتعلق الأمر بالخوف من مبلغ الشرط الجزائى!
بيريرا سافر وعاد من إجازته التى استمرت أسبوعين دون أن نعرف من الذى منحه تلك الإجازة في أصعب أوقات المسابقة وأكثرها إثارة وسخونة.. سواء في القمة أو القاع، لكن الإجازة كانت دليلاً على براءته من اختيار طاقم التحكيم الإسبانى لمباراة الأهلى وبيراميدز.. الذى لم يرتقِ لمستوى وقوة المباراة، وظهر بمستوى سيئ هو وكل أفراد طاقمه من المساعدين ومسئولى الفار، مثلهم مثل كثير من المحللين في برامج الفضائيات.. الذين أظهروا مدى ضعفهم الفنى في تحليل أخطاء المباراة، وعلى رأسها ضربة الجزاء التى احتسبت لمصلحة حسين الشحات، وأحرز منها وسام أبوعلي هدف الأهلي الثانى والعودة للمباراة.
إثبات فشل بيريرا في رئاسة اللجنة لم يكن يحتاج إلى كل هذا الهجوم والوقت في البرامج الليلية.. لكنى اندهشت من شهادة أحد أعضاء اللجنة حول مشاركة محمد الحنفى في إدارة مباراتى بيراميدز والمقاولون العرب والإسماعيلى وسيراميكا كليوباترا.. واعترافه بأن الحنفى لم يجرِ اختبارات اللياقة البدنية المعروفة "بوارنر تيست" وهو أمر مخالف للوائح.. ويستدعى كما قال إعادة المباراتين، بل وطالب الأندية باللجوء للفيفا للحصول على حقها..
الغريب أننى عندما سألت نائب رئيس اللجنة عن اعتراف زميله قال لي إن اتحاد الكرة قام بإقالة ذلك العضو.. والذى كان يعمل مستشارًا قانونيًا في اللجنة منذ أكثر من شهر.. وأن العضو الذى أصبح سابقًا بحكم ابتعاده من اللجنة لم يكن له علاقة بالأمور الفنية.. ولم يشهد إجراء الاختبارات للحكم محمد الحنفي التي تمت بالصوت والصورة بمدينة السويس؛ لتصبح مشاركته في إدارة المباراتين صحيحة ولا تحمل أي مخالفة تتسبب في إعادتهما.. ويتبقى سؤال لمصلحة من اتهم العضو السابق لجنة الحكام بالمخالفة في إشراك الحنفي؟ ولماذا لم يُصدر اتحاد الكرة حتى الآن قرارًا بمثوله أمام لجنة الانضباط للتحقيق معه في إثارة البلبلة والشكوك عن واقعة يمكن أن تثير أزمة بين الأندية.. وإلزامه بتقديم ما يملك من مستندات لإثبات تصريحاته التي تسبّبت في تصدير مناخ سيئ عن التحكيم المصري ومسابقة الدوري بصفة عامة.. والأهم لماذا لم يصدر الاتحاد بيانًا لتبرئة نفسه والحكم محمد الحنفي من هذا الاتهام؟
الصراع حول رئاسة لجنة الحكام بعد رحيل بيريرا أصبح ساخنًا جدًا.. وهناك أطراف عديدة تطمع في تولي المهمة.. خاصة أن الأسماء المطروحة لم تنحصر كالعادة بين جمال الغندور وعصام عبدالفتاح، فأصبحت هناك أسماء أخرى تحاول طرح نفسها.. حتى ولو على حساب التحكيم المصري وإبراز سلبياته.. والغريب أن الأندية التي تتسابق في إصدار البيانات وتشجب وتندد بسوء مستوى الحكام لم تتحرك لطلب عقد اجتماع طارئ للجنة الأندية؛ لبحث مستقبل التحكيم.. خاصة أن الأزمة ممتدة من مواسم سابقة، ولا تتعلق بفشل بيريرا والمطالبة برحيله وتولي غيره المسئولية.. فشل منظومة التحكيم وليس الحكام وحدهم يحتاج إلى تحرك عاجل وسريع واختيار شكل جديد لإدارة اللجنة.. التى يبدو أن كل من تولاها أسهم في غرس مزيد من الفشل، ولم يضع بذرة صالحة لمستقبل أفضل.