تحولت إلى سلاح للدمار الاجتماعي الشامل‬.. «Social Media» ‫«منصات» خراب البيوت‬

22-7-2024 | 17:48
تحولت إلى سلاح للدمار الاجتماعي الشامل‬ ;Social Media; ‫;منصات; خراب البيوت‬د. سامية صالح- د. بهجت رشوان - د. سامح أبو النيل
عادل الشافعى
الأهرام العربي نقلاً عن

‫استمرار الإعجاب بمنشورات صديقة أو زميل عمل يشعل نار الشك والغيرة فى قلب الزوجين

موضوعات مقترحة

د. بهجت رشوان: مصدر للخلافات لمن يسمح لها بالاستحواذ على حياته وتأخذ من وقت أسرته
د. سامح أبو النيل: تجنب نشر أي محتوى شخصي حتى لا يتحول فيما بعد إلى مصدر للابتزاز والتشهير

د. سامية صالح: حياة افتراضية خادعة يجب ألا نهدر وقتنا داخلها ولا نقارنها بواقع حياتنا
 

 

 

خدعوك فقالوا إنها “وسائل تواصل اجتماعى”، والحقيقة أنها “وسائل تباعد اجتماعى”، بل أحد أخطر أسلحة الدمار الاجتماعى الشامل، ليس فقط بين الأسر، وإنما بين أفراد الأسرة الواحدة الذين يعيشون تحت سقف بيت واحد، كونها اليوم تعد من الأسباب الرئيسية التى تقف وراء الكثير من حالات الطلاق، والخلافات الزوجية بشكل عام.

حسابات مزيفة على صفحات التواصل الاجتماعى، تشهد علاقات غرامية وهمية لا تتعدى كونها وسيلة لملء الفراغ العاطفى لدى بعض الأزواج، لكنها تقود فى النهاية إلى خيانة شريك الحياة، بعد أن غاب الحوار بين الزوجين بسبب انشغال كل منهما بالساعات يوميا فى مطالعة ما يتم تداوله عبر تلك المنصات.

لا أحد يستطيع أن يحدد متى، وكيف تحولت وسائل التواصل الاجتماعى من نافذة للتقارب بين الناس إلى منصات لخراب البيوت، وتدمير العلاقات، بعضها بسبب الإعجاب بمنشور أو تعليق على آخر، يقود إلى إشعال نار الشك والغيرة بين الزوجين.

تزخر سجلات محاكم الأسرة بالكثير من حالات الطلاق بسبب صورة، أو بضع كلمات على الحالة الخاصة، يساء فهمها من قبل شريك الحياة. فبعد 5 سنوات من الزواج والاستقرار الأسرى، اكتشفت وفاء - 29 سنة - خيانة زوجها لها مع إحدى السيدات، ودليلها على تلك الخيانة صفحة لزوجها باسم مستعار على أحد مواقع الـ”سوشيال ميديا”، كان يقوم من خلالها بتبادل الرسائل الغرامية مع أخريات، وتحكى وفاء قائلة: كان يجلس بالساعات منعزلا مع هاتفه المحمول، وشعرت أن هناك أمرًا غير طبيعى، قد طرأ على زوجى، فسعيت إلى معرفة طريقة لفتح هاتفه أثناء نومه وبعد عدة محاولات، واستعانة بخبرة الصديقات تمكنت من ذلك، وكم كانت المفاجأة عندما طالعت الرسائل الغرامية، والصور المتبادلة بينه وبين إحدى السيدات، لم أتمالك نفسى واندفعت أصرخ فى وجهه، وواجهته ولم يستطع الإنكار.

بينما يحكى خالد - 33 سنة – كيف حولت تعليقاته وإعجابه بمنشورات زميلاته حياته إلى جحيم، حيث يقول: تزوجت لمدة 14 شهرا فقط كنت خلالها زوجا مثاليا، وأعيش حياة هادئة إلى أن فوجئت يوما بزوجتى تسألنى عن شخصيات نسائية، بعضهن كن زميلاتى فى سنوات الجامعة وأخريات من الأقارب والجيران القدامى، وعندما استفسرت منها عن سبب أسئلتها المتكررة عنهن، فوجئت بها تخبرنى أنها تدخل يوميا على صفحتى على موقع “فيسبوك”، وتفتش فى أرجائها تارة فى قائمة الأصدقاء، وأخرى لمن قمت بعمل إعجاب أو تعليق لهن، وهكذا حولت تعليقاتى حياتى الزوجية إلى مسلسل يومى، من الغيرة والشك والخلافات مع زوجتى.

مصادر الشك

يرى الدكتور بهجت رشوان، أستاذ الخدمة الاجتماعية، وعميد المعهد العالى للخدمة الاجتماعية بسوهاج، أن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت سببا رئيسيا فى وقوع الطلاق والانفصال بين الزوجين، بسبب ما تموج بها الصفحات من حياة افتراضية مغايرة تماما للواقع، وما يبوح بها الأزواج من أسرار وحكايات بعضها بحسن نية، لكنها تكون سببا فى إثارة الغضب والشك من قبل شريك الحياة، وهو ما خلص إليه عدد من الدراسات الاجتماعية الحديثة، منوها إلى أن موقع فيسبوك يأتى فى صدارة المواقع الاجتماعية، إذ يعد المتهم الأول المسئول عن ارتفاع نسب الطلاق فى العالم، وفى المرتبة الثانية يأتى تطبيق واتساب، وذلك لسهولة الاتصال بين الرجال والنساء ومعها ترتفع نسب خيانة الأزواج‪.‬

ويتابع خبير علم الاجتماع قائلا: هذه الوسائل والتطبيقات تصبح مصدرا للخلافات لمن يسمح لها بالاستحواذ على حياته، من جهة كونها تشغل الشخص عن شريك حياته، لاسيما حينما يدمنها ويقضى فيها وقتًا طويلًا ينافس الوقت الذى ينبغى أن يقضيه الزوجان مع بعضهما، مضيفًا، أنه قد يجد أحد الزوجين فى تلك الوسائل، مهربًا من إمضاء الوقت مع الطرف الآخر، بسبب وجود بعض المشكلات فى التحاور وتبادل الرأى، مما يوسع الهوة بينهما بدلًا من السعى للتقارب وإزالة أسباب الخلاف‪.‬

هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن التوسع فى قبول الصداقات بين الرجال والنساء على فيسبوك يفاقم المشكلات بين الأزواج، لأن الرجل الشرقى غيور بطبعه، ولا يرضى من زوجته هذه الطريقة فى التعاطى مع وسائل التواصل الاجتماعى، كما أن كثرة الرسائل وإجراء المحادثات عبر تلك الوسائل فى أوقات متأخرة من الليل، أو بمعزل عن أفراد الأسرة، تلعب دورا فى زيادة حجم الغيرة، وعدم الثقة بين الزوجين، ومن ثم توتر العلاقة،‪ ‬وينصح د. رشوان الأزواج بعدم الانسياق وراء “السوشيال ميديا”، والانشغال بما يدور عليها، وتخصيص وقت للحوار اليومى مع شريك الحياة، وتجنب كل ما يسمح بتسلل الغيرة والشك بينهما، وذلك من أجل تجنب خراب البيوت، وتدمير الأسرة وتشريد الأبناء.

إفشاء الأسرار
بينما يحذر الدكتور سامح أبو النيل، خبير التنمية البشرية والإرشاد الأسرى، من خطورة تمادى البعض فى الحديث عن حياته الشخصية والزوجية عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعى، وهو ما يدفع لتوتر العلاقة الزوجية ووقوع الطلاق، حيث نجد بعض الأزواج يكتبون دون وعى  على صفحاتهم “بوستات”، تخص حياتهم الشخصية، وهذا خطر بالغ وقال:” الحكاية تبدأ بنقد ظاهرة فى المجتمع، يرفضها الشخص من خلال تعليق مباشر، أو عمل مشاركة لمحتوى ما يتناسب مع فكرته، وبمرور الوقت يبدأ فى التعبير عن مشاعره، وما تمر به حياته الشخصية والأسرية على منصات التواصل الاجتماعى، ويتمادى فى التنقل بين الصفحات المختلفة بالساعات متجاهلا الحياة الواقعية، وحاجة شريك الحياة للمشاعر العاطفية والحوار معه، وهو ما يؤدى إلى شرخ فى العلاقة وتفاقم الخلافات بينهما إلى حد الطلاق.
ويتطرق د. أبو النيل، لزاوية أخرى أكثر خطورة تتمثل فى لجوء بعض الأزواج فى لحظة غضب للانتقام من شريك الحياة، سواء وقت الخلافات بينهما أو بعد وقوع الطلاق، بكتابة أسرار خاصة تسىء له عبر وسائل التواصل الاجتماعى، بدعوى أنه يبرر للناس كيف أنه على حق والطرف الآخر لا يستحق أن يكون معه فى مشوار الحياة، وهو بذلك يوقع نفسه فى خطر بالغ، فهناك بعض ضعاف النفوس قد يجد فى تلك المعلومة أو الصورة الموجودة على “السوشيال ميديا”، فرصة لتأجيج حدة الخلافات بينهما، ويتم استعمالها كوسيلة ضغط وابتزاز للشخص أو للأبناء فى وقت لاحق، وهو ما يفاقم من حجم المشكلة ويدفع العلاقة باتجاه الانفصال‪.‬

ابتزاز وتهديد

جانب آخر من مخاطر السوشيال ميديا، وتأثيرها السلبى على حياة الأسرة بشكل عام، والزوجين بشكل خاص، تتمثل فى تحولها إلى مصدر للابتزاز والتهديد، حسبما يقول الدكتور محمد خليف، استشارى الابتكار والتحول الرقمى، ومقرر لجنة الثقافة الرقمية بالمجلس الأعلى للثقافة، فعندما يتمكن الهاكرز من اختراق الصفحات الشخصية، ويتسلل إلى سجلات الهواتف، ويسرق الصور الشخصية الموجودة عليها، يقع أصحاب هذه الصفحات ضحية للابتزاز والتهديد بنشرها على منصات مختلفة، مما يؤدى إلى انهيار العلاقات، وتعد تقنيات الـ‪Deepfake‬، واحدة من أحدث التقنيات التى يتم استخدامها لاختراق الخصوصية، وإنشاء محتوى مزيف، يعرض الأفراد لخطر التشهير والابتزاز، ويؤدى إلى فقدان الثقة بين الأزواج عندما يرى أو يعلم بأن صورا لشريك الحياة متداولة على صفحات‪ ‬أخرى.

وللحفاظ على الخصوصية، وعدم التعرض للابتزاز والتهديد ينصح الدكتور خليف بضرورة تجنب نشر أى محتوى شخصى خاص، بأى من أفراد الأسرة، لأنه من الممكن أن يتحول فيما بعد إلى وسيلة للابتزاز، والحرص على تأمين هواتفنا وحساباتنا الشخصية ضد الاختراق، باستخدام برامج الحماية وكلمات مرور قوية، وتحديث التطبيقات ونظام التشغيل بانتظام لضمان الحصول على تحديثات الأمان.

منصات الإساءة

وتقول الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، إن “السوشيال ميديا”، ليست وحدها السبب فى تزايد خراب العلاقات الزوجية والأسرية بشكل عام، فهناك شخصيات سوية تتعامل معها وتستفيد من مزاياها، لكن الخطر فى هؤلاء الأشخاص الذين يسيئون استخدامها، ويجيدون تحويلها فى لحظات الغضب إلى منصات إساءة للآخرين حتى أقرب الناس إليهم، وتزداد مخاطر وسائل التواصل عندما يتحول استخدامها إلى “هوس” يصيب البعض فيضيع معظم وقته وهو لا يدرى فى التنقل من صفحة لأخرى والمشاركة فى تعليقات هنا وهناك، والانشغال بأحداثها “ الترند”، على حساب الوقت الذى يجب أن يقضيه مع أسرته، حيث تندمج الزوجة وتترك مسئوليات الأسرة، وكذلك الزوج يندمج ولا يشعر بأسرته ولا يعطى أية أهمية لزوجته وأولاده، ويجب أن ننتبه جميعا إلى تلك المخاطر ونتعلم اختيار الوقت المناسب والانشغال لوقت بسيط بتلك الوسائل حتى لا تخدعنا تلك الحياة الافتراضية بعقد مقارنات بينها، وبين الواقع الذى نعيشه، فكثير من الخلافات الزوجية يمكن أن تهدأ بالابتعاد عن السوشيال ميديا، فالحياة الزوجية تحتاج لبعض من الذكاء فى التعامل وتجنب كل ما قد يشعل الخلافات مع شريك الحياة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: