جيل مختلف من الآباء! (1-2)

18-7-2024 | 16:32

كلما أخذني الحنين للماضي؛ متذكرًا لحظة ولادة أبنائي؛ وكيف كانت أحد أهم لحظات حياتي؛ أدركت أن الله سبحانه خلق داخلنا حب الأبناء؛ ووصاهم علينا.

ولأننا نحبهم؛ فكل منا يفعل ما يحلو له مع أبنائه؛ وفي بعض الأوقات قد نرى بعض التصرفات؛ التي أحب أن أصفها بالمجنونة؛ ورغم ذلك فقد تتكرر وأرى أنها تنتشر انتشار النار في الهشيم.

ولأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر؛ فما تزرعه في أبنائك ستحصده يومًا ما؛ وبكل تأكيد لن تحصد غير ما زرعته.

أما المستفز والغريب؛ فهو طريقة التربية؛ فعدد كبير من الآباء؛ يزرع داخل أبنائه أنهم متميزون؛ يأكلون الغالي؛ ويلبسون النفيس؛ ولا يختلطون بمستويات أقل منهم ماديًا على الإطلاق.

يحدث ذلك من لحظة الولادة؛ ولا يشترط أن يكون الأب أو الأم من عائلة ثرية؛ ولكن المطلوب منهم؛ أن يضعوا أنفسهم وأولادهم في فئة متميزة؛ مختلفة.

فينمو الأبناء؛ في معية التميز؛ وهي معية مرهقة جدًا؛ ومكلفة؛ وفي أحيان كثيرة مؤلمة؛ ولما لا؛ وفكرة التميز نفسها تتطلب بذل مزيد من الجهد للحفاظ على هذا التميز؛ جهد مالي وبدني ونفسي.

قد يقول قائل هي وجهة نظر تخص أصحابها؛ فما لنا نحن؟

الرد أن النشء بتلك الكيفية؛ لا يدرك أى قيمة على الإطلاق؛ وبخاصة قيمة المال؛ فهو لم يبذل فيه جهدًا، ولا يشعر أن الآباء قد بذلوا فيه جهدًا، فما أتى باليسر؛ يذهب أيضًا باليسر؛ وهنا الأمثلة كثيرة.

بداية؛ أصحاب أكبر الإمبراطوريات المالية الكبيرة بالعالم؛ بدأوا حياتهم من الصفر؛ ومنهم من قال إنه بدأها من تحت الصفر؛ لم يتكبر؛ ولم يجمل من حياته؛ بل على العكس تمامًا، أكد معاناته الشديدة جدًا من أجل الحصول على أبجديات الحياة البسيطة؛ وفي المقابل نجد فئة، ليست بالقليلة، تنكر قيمة العمل؛ لذلك لا تحرص على أن يعمل أبناؤها ببعض الأعمال الصعبة؛ حرصًا عليهم؛ وهم في الحقيقة يهدرون فيهم أهم القيم في الحياة؛ وهي قيمة العمل.

أتذكر رجال الأعمال في مصر؛ وهم يروون كيف بدأوا عملهم الخاص منذ نعومة أظفارهم؛ إلى أن حققوا نجاحًا باهرًا حتى أمست شركاتهم أحد أهم الشركات في الشرق الأوسط؛ وعندما تستمع إلى حديثهم تشعر بالفخر يعلو رءوسهم عندما يروون ذكريات الأيام الأولى؛ ولذة العمل والكفاح.

وهناك قامات مصرية كبيرة في مجالات مختلفة؛ بنت نفسها بالعمل الشاق؛ وبالكفاح؛ دون كلل أو ملل؛ حتى تحققت أحلامهم؛ والأمثلة كثيرة؛ لسنا في معرض ذكرها.

ولكن الهدف التركيز على ما يزرعه عدد من الآباء في أبنائهم؛ وكلها قيم تخالف ما تم ذكره من أمثله؛ أما الأكثر غرابة؛ وأحد أهم علامات التميز؛ فهو ما تشاهده من حوار يدور بين الأب والأم؛ والأبناء؛ تسمع كلمة عربية؛ وثلاث كلمات أو أكثر إنجليزية؛ كدليل عملي على قمة التميز.

بهذه الكيفية يكون التميز؛ أما اللغة العربية؛ لغة القرآن؛ فباتت لغة قديمة؛ يتحدث بها العامة؛ لذلك لا يكون غريبا؛ حينما تشاهد أحد فيديوهات التيك توك؛ لأحد مقدمي برامج الشارع؛ حينما يسأل الشباب عن يوم عاشوراء ولا يعرف؛ أو ما هي سورة الإخلاص؛ ولا يعرف؛ بل إن أحدهم سأل مرة ما هي أركان الإسلام الخمس؛ وأخطأ في الإجابة عدد كبير منهم؛ أما تعليمهم فهم في جامعات يشد لها الرحال!!

،،، وللحديث بقية نكملها في المقال القادم إن شاء الله.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة