وصفت "القمة الإفريقية للمناخ" التي عقدت في العاصمة الكينية "نيروبي سبتمبر الماضي 2023، القارة الإفريقية بأنها أكثر المناطق تضررًا في العالم بسبب تغير المناخ، ووضعت حلولا جاءت في صدارتها الإنصات إلى صوت القارة، وخاصة الشباب الإفريقي.
ونوه الرئيس الكيني، خلال القمة، إلى سمات الشاب الإفريقي، باعتباره رأسمال التنمية المرن والمتحمس والمنفتح على العمل، وهي سمات ستحدد مستقبل الفرص العالمية لتحقيق ازدهار غير مسبوق ونموذج جديد لتصنيع يحترم البيئة، ويدعم قدرة الكوكب للحفاظ على التنوع البيولوجي.
وطالبت القمة، بإعطاء الشباب الأفارقة دورًا أكبر في صنع القرار بشأن العمل المناخي، وإنشاء بنك عالمي أخضر، وميثاق مالي عالمي جديد، يعطي الأولوية للشباب ومصالحهم في تمويل المناخ.
كما شهدت نيروبي أيضًا، الشهر الماضي، فعاليات، "منتدى الحفظ الإفريقي" والذي جذب حوالي 700 مشارك، ما بين عالم ومسئول ومتخصص ومتطوع، حضروا برعاية "برنامج الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة – IUCN"، وتحدث هؤلاء بصوت واحد من أجل قارتهم، باحثين عن سبل وخطط جادة لتوظيف موارد القارة الهائلة، وصياغة برنامج الاتحاد 2026 - 2029، والرؤية الإستراتيجية على مدى 20 عامًا القادمة.
تحدث الشباب الإفريقي بصوت واحد خلال المنتدى الذي استمر 3 أيام، قائلا: لا نحتاج إلى مبادرات جديدة.. كفانا شعارات.. نعلم أن إفريقيا هي قارة الفرص الخضراء، ولديها إمكانات هائلة، خاصة في مجال التحول في الطاقة النظيفة، والتوسع في الطاقات المتجددة، وندرك أن دولنا الإفريقية لديها الفرص الهائلة، وما نحتاجه فقط هو تسريع عمليات التوسع في استخدام الطاقة المتجددة، وإقامة شراكات قوية بين إفريقيا وأوروبا ومختلف أنحاء العالم التي في حاجة إلى موارد قارتنا الخضراء.
رئيس الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، رزان خليفة المبارك، بلورت رؤية المنتدى، تحت شعار "معا أقوى" لتحقيق حلول إفريقية للطبيعة والناس نابعة من إفريقيا، لنواصل تمهيد الطريق نحو المؤتمر العالمي لحفظ الطبيعة التابع للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية، العام المقبل في أبو ظبي.
أما نائب رئيس الاتحاد، إيمين ميليان، فقد نبه إلى ضرورة أن يفتح الاتحاد أبوابه، أمام أصوات السكان الأصليين والمجتمعات المحلية وشواغلهم ومشاركتهم النشطة، وهي الرسالة الرئيسية التي نقلتها مجموعات الشباب ومؤسسات المجتمع المدني، والتي ستصبح آليات "الحوكمة المستنيرة" وصيغ التمويل الكافية، هي الأساس لبرنامج وإستراتيجية الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وقال: "لقد نفد الوقت لدينا: الإجراءات الحالية غير كافية والتحول الحقيقي يعني الانتقال من خطاب التحول إلى الإجراءات المتكاملة في الصلة بين التنوع البيولوجي والمناخ والطاقة الآن، وليس غدًا".
أتاح المنتدى، الذي عقد تحت شعار «الحلول الإفريقية للطبيعة والناس - خلق استجابات تحويلية لأزمة التنوع البيولوجي والمناخ في إفريقيا»، للمشاركين الأفارقة فرصة استخدام منصة الاتحاد الدولي لتوصيل أصواتهم إلى العالم، والحديث بصوت ونسق واحد، وشارك من مصر رئيس "المكتب العربي للشباب والبيئة"، د.عماد الدين عدلي، ومدير البرامج في "الشبكة العربية للبيئة والتنمية"، د.غادة أحمدين، وممثلا عن "جمعية كتاب البيئة والتنمية" كاتب هذه السطور، حيث كانت الزراعة موضوعًا مهمًا للمنتدى، باعتبارها محركًا رئيسيًا لفقدان التنوع البيولوجي، فقد شهدت الجلسات دعوة لممارسات إيكولوجية زراعية جديدة وحلول قائمة على الطبيعة، لتحقيق الفائدة لكل من النظم البيئية والناس، مما يجعل الوظائف الخضراء مجدية اقتصاديًا وأكثر استدامة.
ولم تكد تنتهي أعمال المنتدى، نهاية الشهر الماضي، حتى حظيت "لجنة بقاء الأنواع التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة" بلقب موسوعة "جينيس للأرقام القياسية - "Guinness World Records"، حيث اعتمدت الموسوعة، اللجنة، باعتبارها "أكبر شبكة متطوعة لعلوم الحفظ في العالم".. وقالت الموسوعة: "إن اللجنة تعد أكبر شبكة متطوعين لعلوم الحفظ في العالم، فهي ملتزمة ببناء المعرفة حول حالة الأنواع وتهديداتها، حيث تقدم الشبكة المشورة الحيوية، وتضع السياسات والمبادئ التوجيهية، وتيسر تخطيط الحفظ، وتنفذ الإجراءات على الأرض لحماية التنوع البيولوجي للكوكب".
المعروف أن "موسوعة جينيس"، هي السلطة العالمية في الإنجازات القياسية، وتوثيق الإنجازات الفائقة الأفضل في العالم، حيث تتحقق من استيفاء كل عنوان قياسي جميع المعايير التالية: قابلة للقياس، قابلة للكسر، قابلة للتحقق، بناءً على متغير واحد، والأفضل على ظهر الكوكب.
هذا التطور لم يكن ليتحقق بعيدًا عن العمل الجاد وإصرار الآلاف من الخبراء والمتطوعين من كل بلد في العالم تقريبًا، عملوا واجتهدوا لتحقيق رؤية "عالم عادل يقدر الطبيعة ويحفظها من خلال العمل الإيجابي لمنع فقدان وتعافي تنوع الحياة على الأرض، وخاصة في القارة الخضراء.
وبصوت واحد أكد خلاله الأفارقة أن قارتهم لن تستمر ضحية لانبعاثات القوى الاقتصادية والصناعية الكبرى كما كان يحدث في الماضي، فإنهم أهلها يبحثون عن سبل للتغلب على تحديات للمتغيرات المناخية والمجتمعية والبشرية مستقبلا، فضلا عن أهمية دعم قارتهم لتصبح إفريقيا خضراء، وليكن القرن الحالي هو قرن "إفريقيا الخضراء"؛ لتشكل قوةً بيئية عظمى في مجال الطاقة المتجددة.
وقد دعا "الاتحاد الدولي- IUCN" إلى اتخاذ إجراءات شاملة للحفاظ على الطبيعة والتنوع البيولوجي، ما هي الإجراءات، وكيف تنفذ.. هو حديث الأسبوع المقبل إن شاء الله.
[email protected]