14-7-2024 | 15:49

..وكأنها جهنم.. هكذا باتت حرارة الصيف بعد أن شهدت تغيرات حادة، وتطورات غير معتادة، لم تشهدها الكرة الأرضية من ذي قبل.. وأصبح المسمى المناسب لنشرة الأرصاد الجوية هو "الأهوال الجوية" وليس الأحوال الجوية، بعد أن أصبحت درجات الحرارة تسجل أرقامًا قياسية، وسط توقعات بتغيرات أشد حدة، وأكثر تطرفًا.

فلم تعتد مصر تلك الدرجات القياسية، ولم تألف هذه التغيرات المناخية الحادة، التي صاحبت موجات حارة تضرب البلاد الواحدة تلو الأخرى مسجلة معدلات غير مسبوقة في تاريخ البلاد التي تميزت بمناخ معتدل طوال العام باستثناء بعض الموجات التي ترفع درجات الحرارة، ويكون مصدرها من شبة الجزيرة العربية أو منخفضات جوية أخرى من خارج المنطقة، إلا أن ما تشهده البلاد من ارتفاعات في درجات الحرارة بات وضعًا طبيعيًا يتطلب التعايش معه.

المؤكد أن ما تشهده مصر من تقلبات مناخية حادة سماتها الصيف الهجير والشتاء الزمهرير، لم يكن بمعزل عما يشهده العالم من تطورات حادة بفعل التغيرات المناخية التي أصبحت تتهدد الكرة الأرضية، جراء ارتفاع حرارة الأرض الناتج عن الاحتباس الحراري.

 الغريب أنه رغم وجود تلك النذر التي تهدد العالم بالفناء، إذا ما استمرت معدلات الانبعاثات الضارة بهذا المستوى، ورغم التحذيرات التي خرجت عن مؤتمرات المناخ التي عقدت خلال السنوات الماضية، ومنها مؤتمر شرم الشيخ، إلا أن العالم ما زال يتجه إلى طريق الموت، ويندفع بقوة نحو الأزمات المناخية؛ بسبب عدم وفاء الدول الكبرى صاحبة الحصة الأكبر في تلك الانبعاثات والأضرار الناتجة عنها بتعهداتها، ولم تحد من تلك الانبعاثات حتى أن الخبراء بات لديهم قناعة أن العالم قد يفشل في تحقيق الهدف الذي تم تحديده بوقف ارتفاع درجات حرارة الأرض بأكثر من 1.5 درجة مئوية، وأن الأمور في طريقها لأن تخرج عن السيطرة وحين يتحقق ذلك فإن الأرض ستغمرها الفيضانات، وتشعلها الحرائق، بل إن ملايين الكائنات ستختفي ويصاحب ذلك انتشار واسع للأوبئة والفيروسات التي تهدد البشر الشجر والحجر.

ولم تكن نذر الخطر هذه وليدة اليوم ولا ظاهرة التغير المناخي تم اكتشافها هذه الأيام؛ بل هي أزمة بدأت مؤشراتها منذ عقود وتنبهت إليها الأمم المتحدة وعقدت لها اتفاقية إطارية عام 1992 باسم "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ"، وحددت فيها ماهية الانبعاثات الضارة، والتزامات الدول بالحد من هذه الانبعاثات، وأشارت إلى الأضرار المتوقعة التي تتهدد العالم.

ورغم كل ذلك إلا أن الدول الكبرى المسئولة عن هذه الانبعاثات بنسبة 80% ماضية في طريقها دون رادع وبلا ضمير، كما أنه رغم ما يزيد على 3 عقود على هذه الاتفاقية، إلا أن العالم ومنظمته الدولية فشلوا في إيجاد آلية تحد من مخاطر البيئة وتتصدى لمسببات التغير المناخي.

المؤكد أن قنبلة المناخ التي أصبحت تهدد البشرية تحتاج إلى تحرك دولي أكثر فعالية لنزع فتيلها بعيدًا عن سياسة المكايدات والمناكفات السياسية التي تتبعها الدول الكبرى، والتي كانت وما زالت سببًا في عرقلة أي تحرك دولي لوقف هذا الخطر المحدق بالبشرية، وتكفي الإشارة إلى أن صندوق الأضرار والخسائر الذي اقترحته قمة شرم الشيخ، وتم تفعيله في قمة الإمارات العام الماضي؛ ليكون إحدى المؤسسات الدولية التي تستهدف الحد من الآثار الضارة للتغيرات المناخية، ومساعدة الشعوب النامية في مواجهة هذه الآثار لا يزال رهن التمويل؛ بسبب عدم إيفاء الدول المتقدمة بتعهداتها.

..لا شك أن قضية التغيرات المناخية باتت أهم القضايا التي تواجه البشرية، وإذا كانت ارتفاعات الحرارة أحد أبرز صورها، إلا أن القادم ربما يكون أسوأ.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: