إذا أردت أن تطرب أذنًا متعبة؛ أو تطمئن قلبًا منهكًا؛ وإذا أردت أن تبهج عينًا حائرة؛ أو تهدئ روعًا مٌفزعة؛ تحدث عن تطوير التعليم؛ فذلك السبيل الأبسط لكل ما سبق.
بهدوء يظل حديث تطوير التعليم؛ هو الحديث الأهم لدى الناس؛ نعم حديث خفض الأسعار وتحسين الأحوال المعيشية، مهم للغاية؛ ولكن الجميع دون استثناء يعلم أن تطوير التعليم هو البوابة الفعالة لتحقيق ذلك.
ما دون ذلك؛ هو بذل لجهود مضنية؛ قد لا تؤتي ثمارًا؛ أضنانا انتظار حصدها؛ لذلك مع كل تعديل أو تغيير حكومي؛ ينتظر الناس مشاهدة ما يمكن أن يؤول إليه التطوير.
حدث ذلك مع ولاية د. طارق شوقي لوزارة التربية والتعليم؛ وكان للكل طموحات كبيرة؛ أعلن عنها؛ ووضح للناس مشروعه؛ كنت أحد من عارضوا أفكاره؛ لسبب بسيط رغم جمالها؛ وانبهارنا بها؛ إلا أنها كانت تحتاج لبنية تحتية؛ لم تتوافر إلا في بعض أجزاء مصر؛ والسواد الأعظم منها كان غير مؤهل على الإطلاق للدخول في أتون تنفيذ فكر د.طارق شوقي.
رحل د.طارق شوقي؛ وأيضًا رحلت أفكاره؛ وبقي منها أطلال؛ كلفتنا عددًا من مليارات الجنيهات؛ وبعد أن كان حديث تطوير التعليم؛ هو سمة العصر؛ وعنوانًا دائمًا لوسائل التواصل؛ خفت؛ أو قل أفل إلى حين عودة.
وبعد ذلك تولى المسئولية الوزير د. رضا حجازي؛ ورحل؛ وفي ولايته انشغل الناس بمعرفة مصير أفكار د.طارق شوقي؛ كما انشغل بمتابعة حال الأبناء.
الآن جاء إلينا وزير جديد للتعليم.. كل المجتمع يحذوه الأمل أن يعرف ما هو آت في المنظومة التعليمية.. لماذا؟
لأن التعليم هو أمل الناس في أن يحيوا حياة طبيعية؛ وهذا حق أصيل.
الهند وتايوان ودول أخرى مثل سنغافورة؛ ارتفاع المستوى التعليمي؛ جعل لها مدخولًا اقتصاديًا غير محدود؛ فالهند بها مدن قائمة على إنتاج البرامج ومشتملاتها؛ وبها أحد أفضل المبرمجين في العالم.
تايوان؛ هي الأفضل في الرقائق الإلكترونية التي تستعمل في صناعة السيارات الحديثة، ولا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة أكبر مستورديها؛ أما سنغافورة؛ فهي تملك أحد أكبر شركات إدارة الموانئ في العالم؛ دخلها السنوي من تلك الصناعة مليارات متزايدة من الدولارات.
كل ذلك من خلال الاهتمام بالمنظومات العلمية؛ عن قرب أعرف أحد الأطباء الذي يعمل بالخارج في أحد أهم الدول الأوربية؛ هو شاب في مقتبل العمر؛ يأخذ أجرًا معقولا بالنسبة لمستوى المعيشة في البلد؛ يحيى بشكل جيد؛ سعيد؛ يأتي كل حين يقضي إجازته مع عائلته، متفوق في عمله بين أقرانه.
الغرض من ذكر المثل السابق؛ أن المصري بفطرته مبدع؛ جل ما يحتاجه البيئة الحاضنة؛ التي تمكنه من الإبداع.
فهل لنا في تهيئة البيئة اللازمة لتخريج مصريين على قدر من الكفاءة والتميز؛ تسمح لنا بأن نكون في مرتبة أعلى وأكبر؟! الإجابة.. نعم.
وفي المقال المقبل.. نكمل إن شاء الله.