شهدت مصر خلال السنوات الماضية طفرة ملحوظة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وذلك بفضل الجهود الحكومية الحثيثة الرامية إلى تهيئة مناخ استثماري جاذب وتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري.
موضوعات مقترحة
وتشير المؤشرات إلى أن مصر قد نجحت بالفعل في تحقيق تقدم كبير في هذا المجال، حيث ارتفع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال العام المالي 2022/2023 ليصل إلى 11.4 مليار دولار، مقارنة بـ5.2 مليار دولار في العام المالي 2021-2022.
وإلى جانب ذلك، فقد احتلت مصر المركز الأول على مستوى الدول العربية في مؤشر جذب الاستثمارات الأجنبية للربع الأول من عام 2023، كما ارتفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر ليصل إلى حوالي 3.3 مليار دولار في الربع الأول من العام الحالي 2024.
كيف تمكنت الدولة من تعزيز جذب الاستثمارات الأجنبية خلال السنوات الماضية؟
وبهذا الصدد، يقول الدكتور وليد جاب الله، الخبير المالي والاقتصادي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، لـ"بوابة الأهرام": الدولة المصرية قامت بإجراءات كبيرة خلال السنوات الماضية بشأن جذب الاستثمار الأجنبي بنا فيها تهيئة البنية التحتية التي أنفقت تريليونات الجنيهات من أجل تنفيذها وكذلك تهيئة البنية التشريعية بتقديم الكثير من الحوافز للمستثمرين وكذلك الانخراط في تكتلات اقتصادية عالمية كتكتل بريكس، الكوميسا الأفريقي واتفاقية التجارة الحرة الأفريقية.
الدكتور وليد جاب الله
وأكد الخبير المالي والاقتصادي، أن الجهود المصرية نجحت بالفعل في أن تجعل من مصر الوجهة الاستثمارية الأولى للاستثمار الأجنبي في أفريقيا ولكن لازالت طموحات الدولة المصرية كبيرة ومستهدفاتها مضاعفة حجم الاستثمارات المباشرة رغم صعوبة الظرف العالمي والمؤكد أن الحكومة الجديدة جادة جدًا فيما تذهب من أجل زيادة حجم الاستثمارات.
موضوعات قد تهمك:
«الحكومة الجديدة» ترفع شعار حياة أفضل للمواطنين.. إستراتيجيات جديدة لمواجهة التحديات الاقتصادية وتحسين الخدمات
«ثورة 30 يونيو».. إنجازات عظيمة في جذب الاستثمارات واستغلال الأصول بقطاع الأعمال
تهيئة بنية تحتية وتشريعية لجذب الاستثمارات
وفي السياق ذاته، يوضح الدكتور مصطفى أبو زيد، الخبير الاقتصادي، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية الإستراتيجية: خلال السنوات الماضية حرصت الدولة المصرية على الاهتمام بجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصاد المصري ولتحقيق ذلك الهدف قامت الدولة بالعمل على عدة مسارات بالتوازي، فقد قامت بتنفيذ بنية تحتية قوية والتي تعد اللبنة الأولى في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى جانب تهيئة بيئة الأعمال والاستثمار عبر إصدار القوانين والتشريعات الداعمة لتحفيز وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال إصدار قانون الاستثمار وما يتضمنه من حوافز استثمارية وضريبية بالإضافة إلى إطلاق خريطة استثمارية موضح بها الفرص الاستثمارية المتاحة.
أهم عوامل جذب الاستثمار خلال الفترة الماضية
ولفت الخبير الاقتصادي، إلى تفعيل دور الدبلوماسية الاقتصادية التي تبناها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال جولاته الخارجية ومشاركاته في المحافل الاقتصادية لعرض كافة الفرص الاستثمارية والاجتماع مع كبرى الشركات العالمية ورجال الأعمال لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر للاقتصاد المصري ولفهم طبيعة والاتجاهات الحديثة للاستثمار الأجنبي المباشر فيما يتعلق بالقطاعات الجاذبة للاستثمارات، وبالتالي نجد الدولة المصرية تحركت في اتجاه التحول نحو الاستثمارات الخضراء فيما يتعلق بالطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وصدور عدة قرارات داعمة ومحفزة من المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية.
وأضاف، أن تلك الإجراءات والعوامل سالفة الذكر تطورت تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية برغم الأزمات العالمية التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي إلا أن الاقتصاد المصري استطاع خلال تداعيات جائحة كورونا وحتى تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، حقق تدفقات للاستثمار الأجنبي المباشر في العام المالي 2016/2017 نحو 7.9 مليار دولار، وفى العام المالي 2017/2018 بلغ 7.7 مليار دولار، وفى العام المالي 2018/2019 بلغ 8.2 مليار دولار، وفى العام المالي 2019/2020 7.5 مليار دولار، وفى العام المالي 2020/2021 بلغ 5.2 مليار دولار، وفى عام 2022/2023 بلغ 9.8 مليار دولار؛ حيث تربع الاقتصاد المصري في المركز الأول على مستوى أفريقيا وبذلك يعد ذلك تأكيدا على جاذبية مناخ الاستثمار في مصر.
تأثير مبشّر بعد دمج واستحداث وزارات معنية بملف التعاون الدولي
ونوّه، أن التوجه الجديد للحكومة ومن خلال استحداث ودمج بعض الوزارات المعنية بملف الاستثمار والتعاون الدولي سيكون لذلك تأثير مبشّر على زيادة جذب الاستثمار الأجنبي المباشر خاصة فيما يتعلق بدمج التخطيط والتنمية الاقتصادية مع التعاون الدولي.
الدكتور مصطفى أبو زيد
سياسة موحدة
ويرى أبو زيد أن هذا الدمج سيكون له العديد من الفوائد؛ حيث ستكون هناك سياسة موحدة فيما يتعلق بالاتساق فيما تتطلبه الاستثمارات الحكومية من تمويلات ميسرة منخفضة التكلفة أو منح من شركات التنمية في إقامة المشروعات القومية خاصة فيما يتعلق بمشروع حياة كريمة أو مشروعات البنية التحتية أو المشروعات الصناعية والإنتاجية بشكل عام، مضيفًا أن دمج تلك الوزارتين سيتيح توفير التمويلات اللازمة لانجاز تلك المشروعات؛ حيث أن وزارة التخطيط هي المسئولة عن الباب السادس بالموازنة العامة للدولة المتعلق بالاستثمارات المالية والتي يصرف منها على مشروعات الحكومة المصرية ومن جانب آخر وزارة التخطيط هي المسئولة عن حسابات الناتج المحلى الإجمالي، وبالتالي تقدير معدل النمو الاقتصادي والتعاون الدولي مع التخطيط سيجعل الصورة أكثر وضوحا وأكثر دقة فيما تحتاجه الحكومة المصرية من تمويلات استثمارية لزيادة حجم الناتج المحلى الإجمالي.
واستطرد، وبتحقيق معدل نمو الاقتصاد المستهدف والذي من خلاله يتم توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، يساهم في تراجع معدل البطالة، وبالتالي انعكاس ذلك على معدل الفقر، موضحًا أن تلك الخطوة بدمج وزارتي التخطيط مع التعاون الدولي خطوة على طريق الإصلاح الهيكلي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة.