فهم سلوك الانطواء عند المراهقين ظاهرة مقلقة أم سمة طبيعية؟ ..استشاري نفسي يجيب

9-7-2024 | 17:34
فهم سلوك الانطواء عند المراهقين ظاهرة مقلقة أم سمة طبيعية؟ استشاري نفسي يجيبأسباب الانطواء عند المراهقين
إيمان محمد عباس

في مرحلة المراهقة، يشهد الكثير من الأطفال تحولات كبيرة في شخصياتهم وسلوكياتهم. ومن أبرز هذه السلوكيات الانطواء والانسحاب من التفاعل الاجتماعي. لكن ما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الانطواء؟ وما هي التداعيات المحتملة؟

موضوعات مقترحة

"بوابة الأهرام" تستعرض أسباب الانطواء عند المراهقين  وطرق علاجه من خلال السطور التالية.

أسباب الانطواء عند المراهقين 

وبهذا الصدد، يقول الدكتور علاء الغندور، استشاري التأهيل النفسي والسلوكي، إن مرحلة المراهقة هي مرحلة حرجة وتغيرات كبيرة في حياة الفرد؛ حيث أن من الشائع أن يتصف المراهقون بالانطواء والانسحاب الاجتماعي لفترات متقطعة خلال هذه المرحلة، وهذا الانطواء قد يرجع إلى عدة أسباب، أهمها، التغيرات الفسيولوجية والإدراكية، لأنه المراهق يمر  بتغيرات جسدية وعقلية كبيرة، وهذا قد يجعله ينطوي على نفسه لفترات للتأقلم مع هذه التغيرات.كما أن المراهقون يواجهون ضغوطاً كبيرة من الأسرة والأقران والمدرسة؛ مما قد يدفعهم للانسحاب والانطواء، مضيفًا أنه خلال هذه المرحلة، يسعى المراهق إلى اكتشاف ذاته وتطوير هويته الخاصة، وقد يتطلب ذلك بعض الانطواء والعزلة لفترات، وبعض المراهقين قد يعانون من مشاكل نفسية كالقلق أو الاكتئاب، وهذا قد يؤدي إلى سلوكيات انطوائية.

هل يوجد شخص انطوائي بنسبة ١٠٠% ؟

وتابع: أن الانطوائية في الأشخاص هي صفة مثل باقي الصفات الشخصية و لكنها صفة مميزة، فالشخص الانطوائي ليس شخص كئيب و وحيد مثل ما يتخيل البعض هو فقط شخص يستمد طاقته من كونه بمفرده يفعل الأشياء التي تجعله سعيدا و تفرز في مخه مادة الـ "استيل كولين" (acetylcholine)، أنه الناقل العصبي الذي يساعد الإنسان على التركيز و الإبداع، مؤكدًا على أن معظم البشر يتمتعون بمزيج من الصفات تختلف فيم بينهم على سبيل المثال، هناك أشخاص منفتحين بنسبة 50% و انطوائيين بنسبة ٥٠%، ويمكن أن يكون الطابع الغالب في الشخص هو كونه انطوائيا بنسبة أكثر من كونه منفتحًا و غالبا لا يكون هذا الشخص منفتحًا إلا مع عدد معين من الناس المقربة إليهم الذين يشعرون معهم بالأمان و الحرية.


أسباب الانطواء عند المراهقين

هل الانطوائية شيء ليس له سلبيات ؟

وأستكمل الغندور، أن السلبيات هي كلمة ليست محدده؛ حيث أن يمكن أن نقول الانطوائية لا تنفع في البعض  من فرص العمل التي تتطلب أن يكون الإنسان منفتحًا، فعلى سبيل المثال إذا كان هناك شخصًا انطوائيا مهتم بمجال التسويق، لافتًا   أن هذا مجال يتطلب الانفتاح من مختلف المناظير، فيمكن لهذا الشخص أن يشعر كونه انطوائيًا أن فرصة في مجال التسويق تكاد تكون مستحيلة،  ولكن دائمًا ما أقول أن المهارات المكتسبة هي أقوى من أن يكون الإنسان موهوب بالفطرة، فالشخص عندما يكون لديه خطة واضحة و خطى ثابتة تجاه هدف معين سوف يصل و ينجح، لذا أنصح الشباب بقرائه كتاب (ميزة الانطوائي ) فهو كتاب رائع و سوف يساعدهم في تطوير شخصياتهم.

العوامل البيولوجية والهرمونية أهم أسباب الانطواء عند المراهقين

وكشف الغندور، عن عدة عوامل قد تساهم في انطواء المراهقين، أولاً، يأتي دور العوامل البيولوجية والهرمونية التي تجعل هذه المرحلة من العمر مليئة بالتقلبات والتغيرات الجسدية والعقلية، مما قد يؤدي إلى شعور المراهق بالحرج أو عدم الراحة مع الذات. ثانيًا، الضغوط الاجتماعية من الأقران والعائلة والمجتمع تلعب دورًا كبيرًا أيضًا؛ حيث يمكن أن تؤدي التوترات الناجمة عن هذه الضغوط إلى تجنب المواقف الاجتماعية والتقليل من الانخراط في الأنشطة الاجتماعية.

وأضاف، أن هناك تأثير للظروف الاقتصادية والثقافية على انطواء المراهقين، و تأثير كبير على تطور الشخصية والسلوك لدى المراهقين. على سبيل المثال، التنقل المتكرر بين المدارس أو الظروف المعيشية الصعبة يمكن أن تؤثر سلبًا على ثقة المراهق بنفسه وقدرته على التأقلم مع البيئة الجديدة، مما قد يزيد من مشاعر الانعزالية والانطواء.

دعم الأسرة تعزيز صحة المراهقين النفسية والاجتماعية

وأكد، علي ضرورة دعم الأسرة و يلعب دورًا حيويًا في تعزيز صحة المراهقين النفسية والاجتماعية؛ حيث يمكن للأسرة الاستماع إلى المراهقين بفهم وتقديم الدعم العاطفي والنفسي اللازم، بينما يمكن للمجتمعات توفير الفرص للمشاركة الاجتماعية الإيجابية مثل الأنشطة الرياضية أو الثقافية التي تعزز الاندماج والثقة بالنفس.

وأضاف أن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لها دور في تفاقم حالات الانطواء بين المراهقين، لأنها قد تسهم في تقليل التفاعل الوجه لوجه وتعزيز التواصل الافتراضي، مما قد يزيد من مشاعر الانعزال والانطواء عند بعض المراهقين.


الدكتور علاء الغندور

هل هناك استراتيجيات معينة يمكن للأسر تبنيها للتعامل مع انطواء المراهقين في المنزل؟

وأشار الدكتور علاء الغندور، إلي أنه يجب علي الأهل تقديم الدعم العاطفي والمساعدة في تحفيز المراهق على المشاركة في أنشطة تعزز الثقة بالنفس والتفاعل الاجتماعي، بالإضافة إلى توفير بيئة داعمة وخالية من الضغوط.

موضوعات قد تهمك:

هل طفلك مُدمن شاشات؟.. 10 نصائح ذهبية للحد من استخدام الموبايل

 

مرحلة المراهقة.. كيف تتعامل مع أبناءك في هذه الفترة الصعبة؟ و10 نصائح ذهبية لمساعدتهم

 

هل يمكن أن يكون الانطواء نتيجة لمشاكل نفسية أعمق مثل القلق أو الاكتئاب؟

وأستطرد أن الانطواء قد يكون عرضًا لمشاكل نفسية أكبر، ومن المهم التعرف على هذه الأعراض وتقديم الدعم والمساعدة اللازمة للمراهق للتعامل معها بفعالية، مستكملا علي ضرورة  تشجيع الانخراط الاجتماعي وتعزيز المهارات الاجتماعية لدى الشباب منذ سن مبكرة، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والعاطفي اللازم.

كيف يمكن للمدارس المساهمة في تقليل حالات الانطواء بين الطلاب؟

وأستكمل الغندور أن المدارس يمكن أن تلعب دورًا هامًا في توفير بيئة تعليمية داعمة تشجع على التفاعل الاجتماعي وتعزز مهارات التواصل بين الطلاب، بالإضافة إلى تقديم الخدمات النفسية والاجتماعية للطلاب الذين يحتاجون إليها.

تأثير  الأفلام على المراهقين

 ويوضح أن تأثير للأفلام والإعلام على صورة المراهقين عن أنفسهم وعلى مدى احتمالية تطويرهم لحالات الانطواء قد يؤثران على صورة المراهقين عن أنفسهم ويمكن أن يزيدان من مشاعر الضغط الاجتماعي والتوتر، مما يزيد من احتمالية تطوير حالات الانطواء في بعض الأحيان، مشيرًا إلي أنه يمكن أن يلعب التعديل السلوكي في مساعدة المراهقين  على التغلب على الانطواء في  تعزيز مهاراتهم الاجتماعية والتفاعلية، وتعلم استراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية بشكل أفضل، مما يسهم في تحسين جودة حياتهم النفسية والاجتماعية.

التداعيات المحتملة لسلوك الانطواء لدى المراهقين

وأشار إلي إن استمرار سلوك الانطواء عند المراهقين قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على صعيد التنمية الشخصية والاجتماعية، مثل،تدني مستوى التحصيل الأكاديمي والإنجاز، صعوبات في تكوين علاقات اجتماعية وعاطفية سليمة، انخفاض في الثقة بالنفس والشعور بالوحدة، زيادة خطر الاضطرابات النفسية كالاكتئاب والقلق، محذرًا أن سلوك الانطواء عند المراهقين يعتبر  مؤشرًا على مشكلات أعمق تحتاج إلى فهم وتعامل حكيم. فبدلاً من إهمال هذا السلوك أو محاولة إجباره على التفاعل، يجب على الآباء والمعلمين استيعاب أسبابه والتعامل معه بحساسية لضمان نمو المراهق نموًا صحيًا وسليمًا نفسيًا واجتماعيًا.

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة