أكد خبراء اقتصاد أن وضع مصر الاقتصادي خلال الأشهر الماضية أحرز تقدمًا كبيرًا في جذب استثمارات مباشرة من شأنها ضبط سعر الصرف، مما أدى لتحسن توقعات المؤسسات الدولية للاقتصاد المصري وارتفاع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار.
موضوعات مقترحة
ستاندرد تشارترد يتوقع انخفاض الدولار أمام الجنيه
توقع بنك ستاندرد تشارترد انخفاض سعر صرف الدولار إلى 45 جنيهًا قبل نهاية عام 2024 مدفوعا بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة لهيكلة الاقتصاد المصري.
وتوقعت كارلا سليم خبيرة اقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وباكستان، خلال المائدة المستديرة التي عقدها بنك ستاندرد تشارترد، خفض البنك المركزي الفائدة بالسوق المصرية بداية من الربع الثالث من العام الجاري، بنسبة تتراوح بين 3 و5% حتى نهاية العام.
ورجحت انخفاض معدل التضخم إلى 29.8% بنهاية يونيو المقبل من 32.5% بنهاية أبريل الماضي وإلى 25% بنهاية العام الجاري ديسمبر 2024، على أن يتراجع إلى 20% العام القادم.
كان معدل التضخم على مستوى المدن قد تراجع للمرة الثانية على التوالي في أبريل الماضي؛ ليصل إلى 32.5% مقابل 33.3% في مارس الماضي.
البنك الدولي يقدم تمويلا لدعم الموازنة المصرية
ومن جانبه أعلن البنك الدولي، الأسبوع الماضي، تقديم تمويل بقيمة 700 مليون دولار لدعم الموازنة المصرية ضمن برنامج مدته ثلاث سنوات قيمته ستة مليارات دولار.
وذكر البنك الدولي في بيان أن التمويل يأتي لدعم سياسات التنمية لمساندة الحكومة المصرية في جهودها لزيادة مشاركة القطاع الخاص، وتحسين قدرة الاقتصاد الكلي والمالية العامة على الصمود، وتحقيق نمو أكثر مراعاة للبيئة.
مؤسسات دولية تتوقع مزيدا من ارتفاع الاحتياطي النقدي
من ناحية أخرى، توقعت خمس مؤسسات دولية، أن يرتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي في مصر بدعم من تدفقات اتفاقيات التمويل وحزمة استثمارات رأس الحكمة، ليقترب من 60 مليار دولار بنهاية النصف الأول من العام الجاري، حيث توقع صندوق النقد الدولي زيادة صافي الاحتياطيات الدولية لمصر، مسجلة نحو 49.2 مليار دولار مع نهاية شهر يونيو المقبل، وذلك من 40.36 مليار دولار بنهاية مارس 2024.
كما رأت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، أن يصل صافي الاحتياطي النقدي الأجنبي في مصر لنحو 49.7 مليار دولار، وبزيادة 16.2 مليار دولار قبل نهاية يونيو المقبل، ليصل إلى 53.3 مليار دولار مع حلول العام 2025، كما توقعت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" زيادة إجمالي الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي بمقدار 24 مليار دولار إلى 58 مليار دولار بنهاية يونيو المقبل.
ورجح بنك "مورجان ستانلي" ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي في مصر إلى مستوى 58.3 مليار دولار بنهاية يونيو المقبل، ليواصل الارتفاع إلى 67.4 مليار دولار في يونيو 2026، بينما رجح بنك الاستثمار الأمريكي "جي بي مورجان"، أن يرتفع بنسبة 16.2% خلال العام المالي القادم 2024- 2025، ويبدأ في يوليو المقبل.
تراجع صرف الدولار مرتبط بزيادة التدفقات
قال محمد بدرة، إن توقعات البنوك والمؤسسات الدولية بتراجع سعر الدولار خلال العام الجاري أو الأعوام المقبلة، يكون قائما على أسس ومن الممكن أن تتحقق في حال زيادة التدفقات الدولارية، موضحا أن استقرار سعر الدولار وتحركه بصورة بسيطة صعودا وهبوطا أمر طبيعي، طالما في حدود 10% .
تحرك في نطاق الحدود الآمنة
وأكد أن هذا التحرك طالما في نطاق الحدود الآمنة ضرورة للحفاظ على الأموال الساخنة، موضحا أن زيادة حجم تدفقات تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وذلك بعد تقريب الفجوة بين سعر الدولار في السوق الرسمي والموازية أمر مهم للاقتصاد المصري، متوقعًا أن تعاود تحويلات المصريين بالخارج إلى معدلاتها الطبيعية متجاوزة 31 مليار دولار سنويًا، وأن يستمر الدولار في تراجعه أمام الجنيه.
وأضاف أن التدفقات الدولارية القادمة من الاستثمارات الأجنبية، من ناحية والتدفقات القادمة من قرض صندوق النقد من ناحية أخرى من شأنها إحداث فوائض دولارية كبيرة لسد الاحتياج وتنمية الإنتاج من الصناعة والزراعة مما ينعكس بالإيجاب على الصادرات.
زيادة تحويلات المصريين بالخارج
ولفت إلى أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة أكبر في تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتي تتجاوز أكثر من 30 مليار دولار سنويا وذلك بعد القضاء على السوق الموازية، إضافة إلى زيادة دخل مصر من الصادرات والسياحة المصرية وغيرها من عوامل زيادة السيولة الأجنبية، إضافة إلى عزم الدولة على الاستمرار في برنامج توطين الصناعة المحلية وتعظيم الصناعة الوطنية واستبدال المنتج المحلي مكان المستورد وذلك لتقليل فاتورة الواردات وزيادة حجم الصادرات.
استقرار سعر الصرف يسهم في تحسن مؤشرات الاقتصاد
أضاف أن استقرار سعر الصرف بعد تراجع سعر الدولار يسهم في زيادة تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي وطمأنة المستثمرين بزيادة استثماراتهم والتوسع فيها وجذب مستثمرين جدد وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد وزيادة في توفير فرص العمل كل هذه الأمور ستنعكس بالإيجاب وتؤدي إلى تراجع سعر الدولار.
تراجع الدولار أمام الجنيه
قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، بشأن توقع بنك ستاندرد تشارترد بتراجع سعر الدولار مقابل الجنيه إن مؤشرات الاقتصاد المصري الحالية وزيادة تدفقات الدولار من موارد مختلفة تؤكد قدرة الجنيه المصري على الارتفاع مجددا مقابل الدولار، متوقعا تراجعا كبيرا خلال الفترة المقبلة لما بين 40 و42 جنيها.
وأضاف أن انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بعد ارتفاعه خلال الأيام الماضية في ظل الحدود الآمنة أمر طبيعي في ظل سوق صرف حر يتم التعامل فيه وفقا لآليات العرض والطلب، موضحا أن التراجع يدل على استقرار السوق بعد زيادة بسيطة عقب إجازة العيد، موضحا أن الارتفاع والانخفاض البسيط في الحدود الآمنة في سعر الدولار مقابل الجنيه يمثل استقرارا خاصة أن الفترة الماضية قد تراجع الدولار لأقل من 47 جنيها.
توقعات استقرار سعر الصرف الأشهر المقبلة
توقع غراب، أن يستمر استقرار سعر صرف الدولار خلال الأشهر المقبلة وحتى نهاية العام الجاري، خاصة مع استمرار زيادة تدفقات النقد الأجنبي لمصر من الاستثمارات الأجنبية التي تدخل مصر، بالإضافة لزيادة حصيلة الصادرات المصرية وزيادة الحصيلة من تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتي تزداد كل يوم، وزيادة حصيلة دخل مصر من السياحة، وغيرها من مصادر العملة الصعبة لمصر.
وأضاف أن مصر حصلت على تدفقات من النقد الأجنبي تصل لـ 30 مليار دولار خلال الفترة الماضية، من بينها الجزء الثاني من أموال مشروع تطوير رأس الحكمة البالغة 20 مليار دولار، إضافة لتمويلات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، إضافة إلى استمرار تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، إضافة إلى دخول الاستثمارات الأجنبية والخليجية في مشروعات سياحية وصناعية جديدة في مصر.
زيادة الاحتياطي النقدي
أكد أن الفترة الحالية شهدت زيادة في الاحتياطي النقدي الأجنبي نتيجة زيادة التدفقات النقدية لمصر، وهو ما ينعكس أثره الإيجابي على انخفاض أسعار جميع السلع بالأسواق وهذا يؤدي لتراجع أكبر في معدلات التضخم بلا شك، لأن توافر العملة الصعبة للمستوردين والمنتجين والصناع وبسعر صرف منخفض يسهم في توفير خامات ومستلزمات الإنتاج وزيادة معدلات التشغيل وزيادة الإنتاج المحلي وزيادة المعروض بالأسواق وبأسعار مخفضة بعد تراجع سعر الدولار.
مؤشر جيد لقوة الاقتصاد
قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن توقعات بنوك ومؤسسات دولية تراجع سعر الدولار أمام الجنيه، وزيادة احتياطي النقد الأجنبي المصري مؤشر جيد للاقتصاد المصري من حيث الوفاء بالتزاماتها المحلية والخارجية، وتنشيط مصادر النقد الأجنبي، وعلى رأسها الاستثمار الأجنبي، وتحويلات المصريين من الخارج، مع هدوء التدفقات القادمة من السياحة وقناة السويس بسبب الأحداث بالمنطقة.
وأضاف أن الدولة تعمل حاليًا على توفير احتياجاتها من النقد الأجنبي، وذلك عن طريق بعض المبادرات، والتفاوض مع دول عربية مثل الإمارات والسعودية، لضخ المزيد من الاستثمارات والودائع لدى البنك المركزي.
مرونة سعر الصرف
وأضاف أن بعض التقارير الدولية، أكدت أن مرونة سعر الصرف ستدوم أكثر مما مضى، ما يعني أنه لن يكون هناك ثبات واستقرار دائم في سعر الصرف، بسبب تحركه وفقًا للظروف والأحداث، حيث تأخذ مرحلة الاستقرار في سعر الصرف فترة أخرى.
أوضح، أن سعر صرف الجنيه يرتبط بشكل وثيق بمدى توفر العملة الأجنبية بالحجم الذي يلبي متطلبات الاقتصاد الداخلية والخارجية، موضحًا أنه مع تحقيق الاستمرارية في المشروعات التي تضمن تدفق العملات الأجنبية، فإن سعر الجنيه سيرتفع بشكل كبير أمام الدولار.
توقع سعر الجنيه أمام الدولار بنهاية العام
وتوقع الإدريسي، أن يتحسن أداء الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية على المدى الطويل، موضحًا أنه إذا وصل سعر الدولار لنحو 45 جنيها بنهاية العام يكون الأداء جيدا، على أن يصل على المدى البعيد إلى 40 جنيهًا.