هزت جريمة مرعبة الشارع المصري؛ حيث قام 3 أشقاء بقتل طفل في مركز البداري بأسيوط، لتقديم كفيه قربانًا للجن لفتح مقبرة أثرية، تأتي هذه الجريمة ضمن الطقوس الخرافية التي يعتقد بعض المنقبين عن الآثار للتوفيق في عمليات التنقيب والحصول على الكنوز، ما يستدعي ضرورة نشر التوعية بمخاطر الخرافات والشعوذة، والبحث عن الدوافع وراء هوس التنقيب عن الآثار والحد من هذه الظاهرة.
موضوعات مقترحة
ويُعدّ التنقيب عن الآثار علمًا ذا أهمية كبيرة لفهم الحضارات القديمة وتاريخها. لكن تحول هذا العلم في بعض الأحيان إلى هوس لدى البعض، مدفوعًا بحلم الثراء السريع؛ أدى إلى تدمير المواقع الأثرية وسرقة القطع الأثرية، وتهديد للهوية الثقافية.
دوافع نفسية
وبهذا الصدد، يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي والسلوكي، لـ"بوابة الأهرام": تتنوع الدوافع النفسية وراء هوس التنقيب عن الآثار، ونذكر منها البحث عن الثراء؛ حيث يُغرى البعض بفكرة العثور على كنوز أثرية ثمينة تُثري حياتهم وتُغير مصائرهم، كذلك الشعور بالإنجاز، فيجد البعض في اكتشاف آثار جديدة إثباتًا لقدراتهم وإنجازاتهم، ووسيلة لترك بصمة مميزة في التاريخ.
وتابع: كما قد يلجأ البعض إلى التنقيب عن الآثار هروبًا من مشاكلهم الشخصية أو شعورهم بالفشل في حياتهم، مضيفًا أن هناك بعض الأشخاص يُحبّ المخاطرة والإثارة، ويجدون في التنقيب عن الآثار مغامرة مُثيرة تُضفي على حياتهم التشويق.
كما قد يكون دافع البعض هو شغفهم بالتاريخ وحبّهم لاكتشاف أسرار الحضارات القديمة.
التنقيب عن الآثار
التنقيب عن الآثار
الدكتور جمال فرويز
التنقيب عن الآثار
مخاطر هوس التنقيب عن الآثار
ولفت استشاري الطب النفسي والسلوكي، أن هوس التنقيب عن الآثار يُهدد حياة الفرد وممتلكاته، بل وحتى حرّيته؛ حيث قد يتعرض المنقبون للمخاطر الجسدية كالإصابات أو الوفاة نتيجة انهيار التربة أو التعرض للحوادث أثناء التنقيب، فضلا عن أن التنقيب عن الآثار دون ترخيص يُعدّ جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن والغرامة، وقد يُلحق التنقيب عن الآثار ضررًا بالمواقع الأثرية، ويُفقدها قيمتها التاريخية والثقافية.
الدكتور أحمد القرماني
علاج هوس التنقيب عن الآثار
وأوضح فرويز، أنه بالإمكان علاج هوس التنقيب عن الآثار وذلك من خلال معرفة الدوافع النفسية وراء هذا الهوس ومعالجتها، مع ضرورة التوعية بمخاطر التنقيب عن الآثار من خلال حملات توعوية تُبيّن خطورة هذه الممارسة على الفرد والمجتمع، بالإضافة إلى توفير فرص بديلة مثل العمل في مجال التنقيب الأثري بشكل قانوني تحت إشراف متخصصين، ودعم هوايات أخرى تُشبع رغبة الشخص في الاستكشاف والمغامرة.
ظاهرة خطيرة تُهدد الفرد والمجتمع
ويؤكد استشاري الطب النفسي والسلوكي، الدكتور جمال فرويز، أن هوس التنقيب عن الآثار ظاهرة خطيرة تُهدد الفرد والمجتمع. ولذا، يجب علينا التوعية بمخاطر هذه الممارسة، وتوفير فرص بديلة تُشبع رغبة الفرد في الاستكشاف والمغامرة بشكل قانوني وآمن.
التنقيب عن الآثار جريمة يعاقب عليها القانون
ومن الناحية القانونية، يوضح الدكتور أحمد القرماني، الخبير القانوني، أن قانون حماية الآثار يجرم أية تعاملات تتم بيعا أو شراء أو حيازة على الآثار ويقصد بالأثر وفقا لما جاء بالمادة الأولى بالقانون كل عقار أو منقول تتوافر فيه الشروط الآتية:
" ١- أن يكون نتاجا للحضارة المصرية أو الحضارات المتعاقبة أو نتاجا للفنون أو العلوم أو الآداب أو الأديان التي قامت على أرض مصر منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى ما قبل مائة عام .
٢- أن يكون ذا قيمة أثرية أو فنية أو أهمية تاريخية باعتباره مظهرا من مظاهر الحضارة المصرية أو غيرها من الحضارات الأخرى التي قامت على أرض مصر.
٣- أن يكون الأثر قد أنتج أو نشأ على أرض مصر أو له صلة تاريخية بها وتعتبر رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها حكم الأثر الذي يتم تسجيله وفقا لأحكام هذا القانون ".
وواصل: تعتبر الآثار من الأموال العامة وقد نصت المادة السادسة من القانون على أن :" تعتبر من الأموال العامة جميع الآثار العقارية والمنقولة والأراضي التي اعتبرت أثرية ما عدا ما كان وقفا أو ملكا خاصا فيجوز تملكه وحيازته والتصرف فيه في الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية".
العقوبة القانونية للحفر والتنقيب عن الآثار
وأشار القرماني، أما عن الحفر والتنقيب عن الآثار فقد جرمت المادة ٤٢ / ٢ كل من أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول الآثار بدون ترخيص، وفى تلك الحالة يتم التحفظ على موقع الحفر ومصادرة الأدوات والمعدات المستخدمة في الحفر، موضحًا أن المشرع رصد عقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن سبع سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.
وأضاف، وتجدر الإشارة أنه في حالة وجود تشكيل عصابي تخصص في الاتجار بالآثار بقصد تهريبها للخارج أو سرقتها تكون العقوبة السجن المؤبد، وذلك وفقا لنص المادة ٤٢ مكررا على ١ ، مع الأخذ في الاعتبار جريمة غسيل الأموال إن وجدت وذلك لأن المتاجرين بالآثار يغسلون ملايين الأموال في سبيل التنقيب عن الآثار فهناك تلازم بين التنقيب عن الآثار و الاتجار في الآثار وجريمة غسل الأموال ، وإن كان موظفا عاما تلاحقه أيضا جريمة الكسب غير المشروع.
وذكر الخبير القانوني، أنه قبل حكم محكمة النقض في القضية رقم ١٠٢١٩ بجلسة ٢٧ أبريل ٢٠٢٣ لم تكن أعمال الحفر مجرمة طالما لم يكن الحفر في موقع أثري إلا أن محكمة النقض أثناء نظر الطعن سالف البيان أحالت الطعن للهيئة العامة للمواد الجنائية بتاريخ ٩ فبراير ٢٠٢٣ وقضت الهيئة بتاريخ ٢٢ مارس ٢٠٢٣ إلى أولا إقرار الأحكام التي انتهت إلى تأثيم أعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثريا أو غير أثرى مملوكا ملكية عامة أو خاصة، متى كان ذلك بقصد الحصول على الآثار بدون ترخيص من الجهة المختصة والعدول عما تعارض ذلك من أحكام، ليتم الحكم في النقض بجلسة ٢٧ أبريل ٢٠٢٣، وبالتالي أصبح التنقيب والحفر عن الآثار في البيوت بقصد الحصول على أثرا مجرم قانونا وتستخلص محكمة الجنايات قصد التنقيب عن الآثار على ضوء شواهد وقرائن الدعوى.
ويرى القرماني، تشجيع المواطنين على التنقيب عن الآثار مع مكافأة الدولة لكل من يدلى على أية مكان أثرى أو أية موقع به أثارًا، منوهًا أن يكون التعويض مجزيا لأننا ببساطة رغم شدة العقوبات لم تمح الجريمة ويزاد التنقيب يوما بعد يوما وبدلا من التنقيب في خفاء يبلغ المواطن الجهة المختصة بالتنقيب ليكون تحت إشرافها مع تعويضه تعويضا مجزيا حتى لا تُهرب الآثار للخارج فمصر مليئة بالأسرار والعلوم التي تحتويها الآثار.