العالم يراهن على مستقبل مصر.. والشعب ينتظر "نجاح الحكومة"

3-7-2024 | 00:39

تبدو اللحظة الراهنة في مصر دقيقة للغاية، فمن ناحية مصر محاطة بدائرة نيران مشتعلة؛ سواء في غزة او لبنان، والسودان الذي تمزقه حرب ضروس، كما أن الوضع في ليبيا ما زال يراوح مكانه، ولم يصل مرحلة الاستقرار بعد.

وأثرت حرب غزة على حركة الملاحة في قناة السويس والبحر الاحمر، كما أن حرب أوكرانيا تلقي بظلالها على إمدادات الغذاء وأسعاره.

.. وأغلب الظن أن هذه العوامل مجتمعة أثرت، بل اختبرت قدرة الدولة المصرية على الصمود، ومنحت الأزمات العاصفة القاهرة "شهادة ثقة"
مهمة للغالية تقول بوضوح "مصر لم تنهار، ولم تغرق في الفوضي". بالطبع عانى قطاع كبير من المصريين، وما زال يعاني من انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع الأسعار، ولكن الدولة المصرية لم تغرق في  طوفان "التضخم المفرط"، وتمكنت  بما تملك من أصول مهمة مثل رأس الحكمة، وما ينتظرها من فرص واعدة  كاحد" القوي الكبري"في مجال الطاقة المتجددة، والآفاق الواعدة التي بشر بها حقل ظهر، وما تراه شركات البترول والغاز من احتياطات واعدة.

وانطلاقًا من هذه المعطيات تمكنت القاهرة من تجاوز "عين الإعصار"، والتزمت بالوفاء بالتزاماتها المالية في التوقيتات المحددة. 

ومرة أخرى خاب ظن الذين راهنوا على الفوضى في مصر، وأثبتت الدولة المصرية، وبرهن الشعب المصري على أن "مصر أكبر من أن تسقط"، وأن القاهرة محروسة بعناية الله، وصبر وحكمة الشعب المصري، والتي تظهر دوما في اللحظات الصعبة.

.. والآن تغيرت معطيات مهمة للغاية، فالعالم شرقه وغربه يراهن على مستقبل مصر، فأوروبا تري القاهرة شريكًا إستراتيجيا، ليس فقط على مستوى التنسيق السياسي والأمني؛ بل مركز إقليمي للغاز، وشريك موثوق به في إمدادها بالطاقة المتجددة. 

ومنذ أيام جرى عقد مؤتمر أوروبي موسع لاستكشاف فرص التوسع في الاستثمار الكبير والتصنيع في مصر.
وتري كوريا الجنوبية مصر"بوابة إفريقيا"، والهند ترسل خبراء للقاهرة لوضع خارطة طريق لشراكة شاملة مع مصر. أما روسيا فهي تعمل بسرعة لاستعادة "العلاقة الوثيقة القديمة"، فهي تقيم محطة الضبعة النووية بشروط ميسرة، وتقيم منطقة صناعية روسية، وتتدفق مزيد من الشركات، وتؤمن شحنات متتالية من القمح لمصر. 

وفي المقابل تنجح موسكو وبكين في ضم القاهرة لتجمع بريكس، وتعمل الصين بسرعة صاروخية لزيادة وتنويع استثماراتها في مصر. والمدهش أن بكين تفاجئ الجميع على فترات بالدخول في مجال جديد لعل آخرها تخصيص 300 مليون دولار للاستثمار في صناعة النسيج والملابس الجاهزة، فضلا عن تضخم عدد الشركات الصينية؛ سواء في المنطقة الصناعية الصينية الحرة شمال غرب السويس، أو في بقية أنحاء مصر.

 وإذا اقتربنا من دول الجوار، فدول الخليج ترى فرصا كبيرة واعدة في حاضر ومستقبل مصر، ولا يخفى على أحد رهان الأردنيين والسوريين والسودانيين والعراقيين على الاستقرار في مصر، وضخ استثمارات صغيرة ومتوسطة بها. وفي ذات الوقت تزداد وتيرة الاستثمارات التركية في مصر مع عودة الدفء لعلاقات القاهرة وأنقرة.

وتنتظر طهران؛ بل وتتعجل عودة العلاقات الطبيعية، وطوي كل خلافات الماضي، وذلك حتي تفوز بنصيب كبير من السوق المصرية الواعدة.

.. إذن هذه صورة مستقبل مصر كما يراها العالم، وهذه الأرضية التي يتعين على الحكومة المصرية الجديدة أن تعمل وفقا لها بسرعة، وأن تلبي تطلعات الجماهير في الرخاء، وأن تطبق مخرجات الحوار الوطني بجدية وعزم، وأن تبرهن للغالبية أن تضحياتها لم تذهب هباءً؛ بل وأن تكافئه بمزيد من تحسين مستوى المعيشة، باختصار بالنجاح في الاختبار الصعب الذي ينتظرها.

.. وأغلب الظن ان الحكومة الجديدة تنتظرها تحديات كبيرة، كما أن الرئيس  عبدالفتاح السيسي كلف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بأن تحقق الحكومة الجديدة  عددًا من الأهداف، على رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ووضع ملف بناء الإنسان المصري على رأس قائمة الأولويات، خاصة في مجالات الصحة والتعليم.

كما كلفه السيسي بمواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية، وكذلك على صعيد ملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، وتطوير ملفات الثقافة والوعي الوطني، والخطاب الديني المعتدل على النحو الذي يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي.

.. وأغلب الظن أن الرئيس السيسي والشعب المصري والعالم الخارجي ينتظر نجاحات كبيرة في زمن أقصر، وبكفاءة أعلى نظرًا لأن الرهان كبير للغاية. 

فالرهان أن تصبح مصر "أحد النمور الاقتصادية الصاعدة"،  وأحد مراكز توزيع الطاقة، وقوى عظمى في مجال الطاقة المتجددة، بالإضافة لدورها كأحد أهم نقاط عبور التجارة العالمية عبر قناة السويس. 

ويريد العالم من مصر أن تتولى مزيدًا من المسئوليات في استقرار المنطقة، وهندسة نظام أمن إقليمي جديد،  وأن تكون "صوت الجنوب العالمي" في نظام دولي متعدد الأقطاب يتشكل الآن.
 
 .. وأغلب الظن أن المرحلة تتطلب تغيير السياسات وليس فقط تغيير الوجوه، لأن الأصل في الأمر هو السياسة التي تسير عليها الحكومة، ورئيس الدولة يكلف رئيس الحكومة بمجموعة من الأهداف وبناء عليها جرى تحديد الكفاءات التي تحقق هذه الأهداف.. وهنا جوهر التحدي و اختبار الزمن للحكومة الجديدة.

 .. ومن ناحية أخرى تبدو التوقعات الشعبية  والدولية الكبيرة متناغمة مع تكليفات الرئيس السيسي، وهذه التكليفات بها  عنصر مهم وهو أن تعمل الحكومة على تشجيع نمو القطاع الخاص، وهذا يوضح الرؤية والتكامل بين القطاعين الحكومي والخاص للنهوض بالاقتصاد. فضلا عن تكليف  الحكومة  بمواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق. وتتطلب تحقيق تلك التكليفات أن تعمل المجموعة الاقتصادية بأقصى درجة من   الكفاءة العالية، 
 وأن يؤمن الجميع في الحكومة  بدعم القطاع الخاص.

.. ويبقى أن الزمن الجديد يدق أبواب عالمنا بقوة، والتغيرات والتطورات الدولية هادرة وعاصفة بقوة، ومثلما أن التحديات كبيرة فأن "نافذة الفرص" التي انفتحت أمام مصر واعدة، ولكنها تتطلب انتهازها بسرعة فائقة، وذلك نظرًا لأن الطامعين والراغبين في مزاحمة مصر، وخطف هذه الفرصة أطراف عدة. 

والحكومة الجديدة لديها الفرصة لأن تنجح وتحقق تكليفات الرئيس، وتلبي طموحات الجماهير إذا أخذت بتوصيات ومخرجات الحوار الوطني، وإذا اختارت لغة العالم الجديد: "الكفاءة"، والإنجاز بسرعة وبأعلى المواصفات العالمية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: