30 يونيو في عيون المصريين

29-6-2024 | 18:20

هل من الممكن أن نقول إن ثورة 30 يونيو ثورة تصحيح للأخطاء التي وقعت فيها ثورة يناير؛ فبعد أن كانت ثورة شعب قام بها الشعب من أجل مطالبات مشروعة عيش، حرية، كرامة، وهذا من حق أي شعب أن يحيا حياة كريمة تليق به بما هو كذلك، لكن سرعان ما قفز على هذه الثورة أصحاب المآرب الأخرى، فاعتلى منصاتها المنتفعون فتحولت هذه المنصات إلى دعوات حزبية، وللأسف جميعهم يدعون إلى الإصلاح، وما هم بمصلحين، وإنما شعارات جوفاء ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب (ولي فيها مآرب أخرى).

ومن ثم الضرورة ملحة؛ انتفض الشعب المصري وهب على قلب رجل واحد في 30 يونيو وملأوا الشوارع والميادين بغيتهم واحدة وهدفهم واحد، مصر أولا وقبل كل شيء، لا للحزبية، لا للشللية، لا للشعارات الدينية، لا للعنصرية، لا للطائفية، ومن هنا يمكننا أن نطلق عليها إن جاز لنا - ثورة التصحيح.

وبالفعل قامت هذه الثورة مدعومة من الجيش الذي انحاز إلى الشعب ووقف بجواره، ولم لا وهو حصننا ودرعنا الواقي في السلم وفي الحرب.

لكن الكارهون للحياة، الحاقدون على الوطن، الهاربون خارج البلاد، هل سيتركوننا في حالنا، لا... فراحوا يشككون في إنجازات هذه الثورة المباركة، ليس هذا وحسب؛ بل راحوا يوظفون الأزمات توظيفا خبيثا، ولا سيما الأزمات الاقتصادية أو أزمة انقطاع التيار الكهربائي أو ارتفاع وغلاء الأسعار، فراحوا ينفثون سمومهم فى هذا الشعب الذي صم آذانه ولم يستمع إلى دعواتهم التخريبية وقالوا في وجوههم سنقف جنبًا إلى جنب مع قادتنا من أجل تنمية مستدامة، من أجل النهوض بهذا البلد الطيب أهله.

أصبح الأمر واضحًا جليًا لا يخفى على أحد اللهم إلا فاقد البصر والبصيرة وفاقد الحس الوطني.

إن ما يمر به بلدنا الحبيب مصر من أزمات متلاحقة، لأمر يثير الدهشة، لماذا، لماذا مصر بالذات تتعرض لهذه الأزمات؟! فما إن تحل أزمة إلا وتلحق بها أخرى وكأننا مكتوب علينا أن نعيش في عدم استقرار ورغد من العيش، هل مثلا لسوء فى الإدارة؟! هل مثلا من يفتعل هذه الأزمات لا يريد أن يهدأ بلدنا من أجل إحداث الفتن وتأليب الناس على قياداتهم.

أم لأن هذه الأزمات طبيعية تمر بها كل بلدان العالم وتلك سنة كونية فاليوم رغد من العيش، وغدًا ضيق.. وهكذا فالحياة لا تثبت على حال واحد؛ ومن ثم وجب التعامل بمنتهى الحنكة والكياسة فى معالجة مثل هذه الأزمات.

تعالوا بنا نحلل هذه الثلاثة:

أما الأولي، فمسألة سوء الإدارة، فلا يمكن بحال من الأحوال أن نصف هذه الإدارة بالسوء، لماذا؟ لأن هذه الإدارة تسلمت مقاليد الحكم والبلد مهلهلة لا يصلح معها الترقيع، فزمن الترقيع ولى وانقضى، وإنما سعي دؤوب إلى بناء دولة جديدة معاصرة تساير ركب التقدم والمدنية الحديثة والمعاصرة على كافة المستويات و الأصعدة؛ سواء السياسية أو العسكرية أو الثقافية أو الاجتماعية أو في مجال التعليم، فلابد من تضافر كل الجهود، فزمن المعجزات ولى وانتهى، وليس بأيدينا عصا موسى، وإنما معنا ما هو أفضل من هذه العصا، معنا الله قبل كل شيء، ومعنا العزيمة والإرادة القوية التي ستجعلنا نقف صفًا واحدًا خلف قيادتنا، نشد من أزرهم ونصبر ونحتسب من أجل النهوض بوطننا الغالي الذي يتربص به المتربصون في الداخل وفي الخارج.

وإن كانت هناك بعض الأخطاء في الإدارة فضرورة ملحة إلى تصويرها، وهذا ما يسعى إليه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي.

أما الثانية، افتعال الأزمات، فمما لا شك فيه أن هناك أزمات تمر بها البلاد مثلها في ذلك مثل كل بلدان العالم، لكن القبيح استغلال هذه الأزمات وتضخيمها لتشويه كل ما هو حسن وجميل، فلماذا الحديث عن الأزمات وترك الحديث عن الإنجازات والحديث عن المشروعات العملاقة في الصناعة والتجارة والاستثمار والتسليح.

لماذا يا أصدقاء الشيطان تضربون على وتر حساس، وتريدون بث الفتنة والتشكيك في وطنية قادتنا، والتشكيك في جيشنا وجره إلى حرب على الحدود، فكيف ببلد تبني وتحاول أن تواكب التقدم والركب الحضاري تنجر إلى حرب لا يعلم مآلاتها إلا الله، لماذا اللعب على أزمة انقطاع الكهرباء، جميعها أزمات ليست عصية الحلول، وإنما هؤلاء الشياطين، شياطين الإنس، يريدون أن يخربوا بلادنا، لكن الله من ورائهم محيط.

أما الثالثة، فتلك أزمات طبيعية، بل وسنة كونية فلا يمكن بحال من الأحوال أن تسير الحياة على وتيرة واحدة، فاليوم رغد من العيش وغدًا ضيق وهكذا، لكن مع الصبر وتضافر الجهود سنتجاوز كل هذه الأزمات.

المهم الإيمان بما نفعل وإخلاص النوايا فى الإصلاح والإيمان بحب وطننا، فحب الأوطان من الإيمان.

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة