انسحاب الزمالك أو اعتذاره عن عدم خوض مباراة القمة لم يكن الأول، ولن يكون الأخير، مثله مثل غيره من الأندية، وعلى رأسها الأهلى الذى اعتذر في مواسم سابقة، سواء لنفس السبب أو لغيره من الأسباب، لكن الأمر توقف عند حدود احتواء المشكلة وحلها سواء لقوة الأهلى أو لقناعة المسئولين بموقفه..
كم هائل من الاعتذارات والتهديد بالانسحاب في تاريخ المسابقة يعكس مدى الفشل الذى يعيشه اتحاد الكرة منذ سنوات في إدارة المسابقة، وفشله في تحقيق العدالة بين الأندية، وفشله في وضع منظومة إدارية ناجحة تليق بالكرة المصرية حاضرها ومستقبلها.
فلا توجد مسابقة في العالم على الإطلاق تسمح لوائحها أو بنود تنظيمها لفريق بأن يتوقف عن أداء المباريات لمدة أربعة أشهر كاملة، يعود بعدها ليلعب مبارياته القادمة دون المؤجلة مثل الأهلى.. ولا يوجد فريق يلعب في نفس المسابقة يتوقف عن المشاركة في المباريات دون سبب وتؤجل له المباريات، وعندما يعود يلعب مبارياته الجديدة دون أداء باقى مبارياته المؤجلة مثل الزمالك.. يحدث هذا مع اتحاد الكرة المصرى الذى من المفترض أنه يدير واحدًا من أقدم وأعرق الدوريات في العالم وليس في إفريقيا وحدها.
من الصعب جدًا ونحن نتحدث عن كرة القدم كصناعة تعمل على تطورها بلاد العالم لتجنى من ورائها المليارات من الدولارات.. وأقوى ديربى في المنطقة العربية والقارة الإفريقية بين الأهلى والزمالك يلغى مرتين في أربعة مواسم.. كيف للقائمين على كرة القدم المصرية الآن التحدث عن الأحلام والطموحات في تسويق مسابقة الدورى وزيادة استثمارات الأندية والعمل على نجاح المسابقة لجذب مزيد من الرعاة في دورى غير منتظم، ولا توجد به ضمانات لعدم تكرار اعتذارات أخرى لأندية في المسابقة، سواء لنفس السبب أو لأسباب أخرى.. إلغاء القمة بين الأهلى والزمالك جاء بمثابة كارثة سواء حملت الخطابات المتبادلة كلمة انسحاب أو اعتذار، المهم أنها مباراة سقطت من تاريخ الكرة المصرية.
كل الاعتراضات والدفوع التى ساقها مسئولو الزمالك في بيانهم حول أزمة المؤجلات وترتيبها بما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأندية مقبولة، وتبدو مقنعة للجميع، بل وتسوق الكثير من الأندية للتضامن معه في موقفه، خاصة أنه سبق أن طالهم نفس الضرر سواء بفقد نقاط أو خسارة مباريات.. بالإضافة إلى المعاناة من سوء حال التحكيم وتدنى مستوى الحكام، وفكر القائمين عليه في علاج الأزمات وحتى تقنية "الفار" التى بدلاً من أن تكون أداة مساعدة للحكام وترفع من مستوى المسابقة بعلاج الأخطاء أصبحت عبئًا على المسابقة وشريكًا في الفشل.. وتجربة إسناد رئاسة اللجنة لأجنبى بداية من الإنجليزى كلاتنبرج إلى البرتغالى الحالى بيريرا باءت بالفشل بسبب توظيفهم الخاطئ، وسيفشل كل من هو قادم سواء أجنبى أو مصرى طالما أنه لا توجد معايير للاختيار أو خطة للنهوض بالتحكيم.. ولجنة المسابقات التى كان هذا هو مسماها حتى قبل عشر سنوات قبل أن يتولى شئونها عامر حسين فأطلق عليها "لجنة الحاج عامر".. فلا أحد يعرف كيف تدار المسابقة ولا كيف يتم وضع جدول مبارياتها، وكل الأمور متشابكة وخيوطها في يد شخص واحد هو عامر حسين، الذى بات يحتاج إلى لجنة من المفسرين لوضعه القانونى في إدارة لجنة المسابقات ولجنة الأندية ورئاسته لمنطقة الإسكندرية، وهيمنته على الحكام والمناطق ودورة الترقى، هذا غير الكرة النسائية والصالات والكرة الشاطئية، حتى بات وجود الحاج عامر داخل المنظومة لغزًا محيرًا.
الزمالك حتى وإن حقق مكاسب معنوية وتكاتفًا جماهيريًا لكنه سيجنى ثمار تهور مسئوليه وتسرعهم في إصدار قرار الاعتذار، خاصة أن المشكلة لم تتوقف عند حدود الاعتذار عن عدم أداء القمة، فهناك عدد من المباريات إذا اعتذر الفريق عنها وتمسك بموقفه فسيفقد عددًا من النقاط كفيلة بهبوطه، بالإضافة إلى خسائر مادية طائلة بداية من الرعاة الذى سيكون على النادى دفع الغرامات والتعويضات أو بمبالغ العقوبات التى ستفرضها عليه لجنة الأندية، وهو ما يمثل عبئًا ثقيلاً على خزينة النادى المكبلة بالديون للاعبين ومدربين ومساعدين وللفيفا والكاف وكلها أمور لم يكن للمجلس الحالى مسئولية عنها على العكس تحمل وكافح واستطاع إعادة فتح باب القيد قبل الانتقالات الصيفية الماضية واستطاع تدعيم الفريق بعناصر جديدة ساعدت الفريق في الفوز بالكونفيدرالية للمرة الثانية في تاريخه.