منذ سنوات طويلة لم تتعرض الإدارة الأمريكية لهذا الكم من الانتقادات؛ سواء من الصحافة الأمريكية أو من الصحافة العالمية؛ خاصة الصحافة العربية وصحافة دول الشرق الأوسط؛ نتيجة السياسة الأمريكية الفاشلة في التعامل مع العديد من الملفات الدولية، وفي مقدمتها الملف الفلسطيني، خاصة بعد انطلاق العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة في ٧ أكتوبر الماضي، والموقف الأمريكي غير المدروس؛ بل والمنحاز تمامًا لإسرائيل دون أي مبررات، غير أنه أثبت دعم إدارة بايدن اللامحدود لعمليات القتل الممنهج والتدمير والتشريد التي تقوم بها حكومة – مجرم الحرب – بنيامين نتنياهو المتطرف، وعصابته الإسرائيلية على مرأى ومسمع من العالم كله.
والمثير للدهشة؛ بل والمخالف لكل الأعراف الدبلوماسية هو ما يقوم به الرئيس الأمريكي بايدن؛ حيث يطلق من فترة لأخرى تصريحات يعلن فيها عن التوصل لاتفاق بين الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس؛ لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ثم يفاجأ العالم كله برد فعل إسرائيل وإعلانها عدم وجود أي اتفاق، وأن تصريحات الرئيس الأمريكي "لا قيمة لها"، وبالتالي فإن تصرفات بايدن تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة تكشف عن مدى ضعفه في التعامل مع العصابة الإسرائيلية، وعدم قدرته على السيطرة على مسارات الأحداث المتعددة في ذلك الملف الشائك، الذي كشف؛ بل أكد استخدام واشنطن لسياسة المعايير المزدوجة وفشلها أمام العالم كله في التعامل العادل مع الموقف، رغم المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال يوميًا في غزة، وتجاوز حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع منذ أكتوبر الماضي أكثر من 37,626 شهيد، و86,098 جريح، أغلبيتهم من الأطفال والنساء.
والمؤكد أن الجولات المكوكية التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للمنطقة، التي بلغت ثماني جولات، بالإضافة إلى الاتصالات الهاتفية مع كافة أطراف الأزمة لم تسفر جميعها عن شيء، وكانت محصلتها على الأرض "صفر"؛ خاصة ما يتعلق بوقف الجرائم الإسرائيلية في غزة وردع إسرائيل، بل إن بلينكن -نفسه- بدا واضحا أنه غير مقتنع بالحق الفلسطيني تمامًا؛ بل إن قناعته الأساسية هي كيفية دعم وتعزيز الكيان الصهيوني بكافة السبل، وبالتالي فإن جميع مقترحات بلينكن كانت تصب لصالح إسرائيل، بالتالي فشلت كافة محاولاته، وبات وزير الخارجية الأمريكي الأكثر فشلا في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية، بل إنه أعطى نموذجًا صارخًا للانحياز الأعمى للمعتدي عندما أعلن أنه يهودي قبل أن يكون مريكيًا، وبالتالي فقد مصداقيته أمام العالم كوسيط يسعى لحل عادل لقضية لم تر حلولًا عادلة منذ سنوات طويلة.
وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة بقيادة أنطونيو جوتيريش أمينها العام حاولت كثيرًا القيام بدور ملموس في دعم الشعب الفلسطيني؛ سواء على الأرض من خلال منظمة "الأونروا" أو داخل اجتماعات مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن تلك الجهود تحطم معظمها على صخرة "الفيتو" الأمريكي الذي أثبت للعالم أن الدبلوماسية الأمريكية عمياء؛ ولا ترى شيئًا سوى مصالح الكيان الصهيوني فقط؛ بل إنها تعاملت بعنف غير مسبوق مع المظاهرات التي شهدتها أعرق الجامعات الأمريكية؛ دعما للشعب الفلسطيني وإدانة للعدوان الإسرائيلي؛ وهو ما جعل كفة الرئيس بايدن في الانتخابات الأمريكية المقبلة تتجه للخسارة بصورة كبيرة، وباتت تصرفاته غير المحسوبة سياسيًا في الملف الفلسطيني "شوكة" قوية تهدد بقاءه في البيت الأبيض خلال السنوات المقبلة.
[email protected]