بايدن وترامب.. مناظرة نادرة ورهان خاسر

23-6-2024 | 15:31

تتجه أنظار العالم يوم الخميس القادم إلى مدينة أتلانتا الأمريكية؛ حيث تجرى أول مناظرة بين المرشحين جو بايدن ودونالد ترامب في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وسط توقعات أن تكون هذه المناظرة الفريدة من نوعها مصيرية في تحديد مستقبل كلا المرشحين في هذا السباق المحموم على رئاسة أكبر دولة في العالم، حيث هناك شريحة كبيرة من الناخبين الأمريكيين لم تحسم بعد موقفها من المرشحين وربما تكون هذه المناظرة دافعًا لهم في حسم الأمر.

ومن المفارقات الغريبة والتباينات الصارخة أنه لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة تجرى مناظرة بين مرشحين ضالعين في العمر؛ حيث يبلغ بايدن 81 عامًا، بينما يبلغ ترامب 78 عامًا، وقد تحول عامل السن إلى نقطة ضعف لكل منهما، إذ هناك تشكيك في قدرتهما الذهنية على إدارة دولة عظمى بحجم الولايات المتحدة ولعل هذا العامل أكسب المناظرة المرتقبة أهمية وإثارة.

إذ يتوقع أن يخضعا المرشحين لاختبار قدرات ذهنية عبر عدد من الأسئلة التي تم إعدادها للمناظرة وتستمر 90 دقيقة.

كما أنه من المفارقات أيضًا أنه لأول مرة تجرى مثل هذه المناظرة قبل موعد الانتخابات بنحو 6 أشهر، كما لم يحدث من قبل أن يكون أحد المرشحين متهمًا في قضايا جنائية، كما هو الحال بالنسبة لترامب الذي وجهت له المحكمة 34 تهمة جنائية قبل نحو أسبوعين.

في المقابل وبذات المفارقات وبنفس التباينات يعيش العالم أسوأ حالاته ويواجه النظام العالمي هزات عنيفة؛ بسبب تزايد الصراعات وتصاعد الأزمات والتحديات في ظل عجز المؤسسات الدولية عن القيام بدورها.

ولعل مراجعة أمينة لتداعيات ما يحدث في العالم من حروب بكل أشكالها وصراعات بكافة أنواعها ستكشف عن مخاطر محدقة باتت تهدد السلم والأمن الدوليين وأن طبول حرب عالمية ثالثة باتت أقرب من ذي قبل.

لا بايدن ولا ترامب يحمل في يده أغصان الزيتون للعالم.. كلاهما يشعل الحروب ويثير الفتن، ويغزي الفرقة والعداوة بين الشعوب.. كلاهما يحمل مشروعًا للهيمنة على ثروات الشعوب، والسطو على مقدرات الأمم، بدعاوى الحرية، وزيف حقوق الإنسان.

هذان العجوزان اللذان يدخلان هذه المناظرة بكل تناقضاتها ومفارقاتها هما من زرعا الفرقة في العالم، وغرسا الكراهية بين الشعوب، وأشعلا نار الحروب خلال العقد الماضي، فلم تكن روسيا تتحرك نحو أوكرانيا لولا تحريض أمريكا-بايدن وسعيها لكسب النفوذ فى أوكرانيا تهدد به أمن روسيا، وها هي هذه الحرب المدمرة تدخل عامها الثالث دون توقف.

وفي غزة تحارب أمريكا بقيادة بايدن جنبًا إلى جنب مع الكيان المحتل في حرب إبادة لم يشهدها التاريخ، ورغم ما قدمه بايدن لإسرائيل من دعم إستراتيجي لا محدود في هذه الحرب الوحشية إلا أن إسرائيل تراهن على فوز ترامب الذي تتوقع منه أن يكون أشد دعمًا وأكثر سخاءً في تقديم السلاح المدمر، للقضاء على الشعب الفلسطينى، بل والقضاء على القضية الفلسطينية برمتها، ولعل هذا المخطط لم يعد سرًا، بل أصبح من أدبيات الخطاب الإسرائيلي، فقد تصاعد خلال الأيام الماضية حديث احتلال غزة والضفة، وتعيين إدارة مدنية إسرائيلية لهما وهو ما يعني بداية ضم هذه الأراضي لإسرائيل، شأن مدينة القدس، ونزع صفة الاحتلال عنها بعد نقل الإدارة من الجيش إلى إدارة مدنية.

لا بايدن ولا ترامب يحمل الخير للعالم، كلاهما تحركه نوازع الهيمنة، ودوافع الانتقام، وتركيع الشعوب، نجحا في إفساد المنظمات الدولية، فلا عادت الأمم المتحدة مظلة للشعوب، ولا مجلس الأمن حصنًا للعدالة، ولا محكمة العدل الدولية ملاذا للمظلومين.

بايدن وترامب سيتسابقان فقط على ترسيخ هيمنة أمريكا، وبسط نفوذها على شعوب الأرض، بأجندة وحيدة وسجل واحد.. وبلا قدرات ذهنية، والرهان على أحدهما هو الخسارة بعينها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: