التجارة فى الحرب

29-6-2024 | 18:32
الأهرام العربي نقلاً عن

من إبادة إلى أخرى، تتصاعد تجارة الحرب من قبل مقاوليها المعتمدين، تشجعها نخبة سياسية غربية، تبرر للجلاد، وتلوم الضحية، يرفضها رأى عام عالمى، ولا يؤخذ برأيه، رغم ادعاء «الديمقراطية».

كان يوم السبت 8 يونيو 2024، موعدا مع الجحيم في غزة، أمريكا القوة العظمى، وراعية السلام، تشارك إسرائيل في مذبحة فى مخيم النصيرات، وتشاركها بريطانيا التى كانت عظمى ذات يوم، وتخلف المذبحة مئات الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء، من أجل تحرير أربعة أسرى!

كان الرئيس الأمريكى جو بايدن، أطلق ما دعاه بمبادرة من أجل إيقاف الحرب، وانتظر «العالم» الفرج الأمريكى.

كان من المفترض أن ينطلق الوسطاء من أجل التوصل إلى إيقاف عجلة الموت.

هكذا كانت تبدو الصور الخارجية، بينما كانت الصور الداخلية تختلف عن الإعلان الأمريكي بالفرج.

كانت الترتيبات تجرى سرا لمجزرة مروعة في غزة، وبدا الفرح بالقتل والتدمير كأنه مرض مزمن، ومتلازمة غربية لا فكاك منها.

هل ثمة حرب عالمية ثالثة تدور رحاها دون أن ندرى؟
نعم، هناك حرب عالمية ثالثة تدور من أوكرانيا إلى فلسطين، وهناك من يقوم بتغذيتها بالأفكار والسلاح، ويهدف إلى وضع العالم تحت الضغط المستمر، لعله ينكسر ويصبح طوع البنان، تمهيدا للسيطرة النهائية على الكرة الأرضية بالكامل.

السيطرة تتطلب حربا تلد أخرى، وسلاحا يلد سلاحا، وصولا إلى تصفية كل الجيوب التى يمكن أن تشكل عقبة أمام مقاولى الموت.

قبل سنوات، وقبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بين الجمهورى دونالد ترامب، والديمقراطية هيلارى كلينتون، تنبأت بفوز ترامب، وعارضنى بعض الذين يرتبطون بأمريكا أكثر من أوطانهم، وكانوا على يقين من فوز كلينتون، وهم العالمون ببواطن الأمور، وجرت الانتخابات وفاز ترامب، ولم يشهد العالم أي حرب تذكر، وتمت تصفية معركة «الربيع العربى» وكاد العالم يتنفس الصعداء، وتبدأ مسيرة مختلفة، من خلال تفكيك الأحلاف العسكرية، كما هدد ترامب حلف الناتو، وكان سيجري تفكيك الارتباط بين أمريكا، الدولة العظمى  وبين أمريكا الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس.

النخبة الأمريكية الممتدة من الداخل إلى الخارج لم تستسلم للضيف الطارئ ترامب، واتخذت قرارا إستراتيجيا تعيد به  الحال، كما كانت عليها قبل صعود ترامب، وبدأت التجارة فى الحرب تعود أخطر مما كانت عليه.
نخبة غزو العراق، واصطناع الربيع العربى، وتفكيك الدول، اندفعت على المسرح الأوكرانى، وجذبت روسيا إلى مسرح العمليات، ودفعت بعضا من الفلسطينيين إلى أتون معركة غير متكافئة، تتشكل من أطراف دولية عظمى، وأطراف إقليمية تجاور العرب، وتمتد إلى البحر والبر والجو، معركة مركبة ويسقط معها الإقليم في هوة عدم الاستقرار، وتمكين إسرائيل كحالة غربية متقدمة فى الإقليم من مستقبل شعوب المنطقة.
فى المسرح الأوكرانى بدا التلويح بالسلاح النووي جزءا من الخطاب العام،  وتم تهديد غزة بقصفها بالقنابل النووية، ويتم تهديدها في غالب الأحوال بإزالتها من الخريطة،  ويصرح كل ساسة إسرائيل بأنه لا وجود لدولة فلسطينية فى أدبياتهم، ويسمع الغرب تصريحاتهم دون تعقيب، بل يلومون الضحية وهى تصرخ تحت ضربات الجلاد.

ما جرى خلال ثمانية أشهر، لهو أخطر مما حدث فى الحرب العالمية الثانية.

والتاريخ ماكر، فـ»الجماعة التى ادعت أنها تعرضت للمحارق» فى أوروبا،  ترتكب نفس الأفعال، فهل  تصمد هذه الادعاءات أمام ما يجرى بالصوت والصورة من إبادة جماعية للفلسطينيين فى غزة؟

 

كلمات البحث