Close ad

اللاجئون في يومهم العالمي

20-6-2024 | 10:20

بعد أحداث الحرب العالمية الثانية المفزعة، ونتائجها وتداعياتها التي قلبت مصير العالم، ومنها البؤس الإنساني بشتى وجوهه، التي طال أغلب بقاع الأرض، كان الهرب واللجوء أحد هذه الوجوه البائسة، بعد أن شردت هذه الحرب ثلاثين مليون إنسان من منازلهم، هذا غير الملايين القتلى التي خلفتها، على أثر هذه الكوارث الأخلاقية البشرية صدر في باريس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، كواحد من المعايير المشتركة التي ينبغي لكل الأمم والشعوب أن تهتدي بها، فكان تبني الأمم المتحدة الإعلان ردًا على هذه الفظائع المرتكبة بحق الإنسانية خلال الحربين العالميتين الماضيتين.

ثم تبع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إنشاء المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1950، وهي منظمة عالمية تكرس عملها لإنقاذ الأرواح، ومساعدة ملايين الأشخاص الذين خسروا منازلهم، وحماية حقوق المشردين، وبناء مستقبل أفضل للأشخاص المجبرين على الفرار من ديارهم من جراء الحروب والاضطهاد، وتمارس المفوضية عملها حتى اليوم في 135 بلدا، وتقدم المساعدات المنقذة للحياة، بما في ذلك المأوى، والرعاية الطبية، والغذاء، والمياه، كما تساعدهم في العثور على مكان يستقرون فيه حتى يتمكنوا من إعادة بناء حياتهم المستقبلية.

ويوم العشرين من يونيو من كل عام، خصصته الأمم المتحدة ليكون يوما عالميا للاجئين، لتكريمهم في جميع أنحاء العالم، وليحتفل فيه بقوة وشجاعة الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من أوطانهم، هربا من الصراع أو الاضطهاد، كما يعتبر اليوم العالمي للاجئين مناسبة لبناء التعاطف معهم، وتفهم محنتهم، والاعتراف بقدرتهم على الصمود في إعادة بناء حياتهم، بعد تعميق أشكال المعاناة الإنسانية الشديدة المختلفة بداخلهم.   

ووفقا لتصريحات "انطونيو غوتيريس" أمين عام الأمم المتحدة فإنه يتبين من أحدث الأرقام المسجلة أن العدد الإجمالي للنازحين قسرا يفوق المائة وعشرين مليون شخص في جميع أنحاء العالم، منهم 43,5 مليون لاجئ، من فلسطين، والسودان إلى أوكرانيا، ومن الشرق الأوسط إلى ميانمار، فجمهورية الكونغو الديمقراطية وما وراءها، وغيرها من البلدان الكثير، وفي كل دقيقة، يترك عشرون شخصا كل شيء وراءهم، هربا من الحرب أو الاضطهاد أو الإرهاب.

ولك أن تعلم –قارئي الكريم- أنه في نهاية عام 2023، كان عدد اللاجئين يقدر بنحو117.3 مليون شخص، نزحوا قسرا في جميع أنحاء العالم، نتيجة للاضطهاد، والصراعات، والعنف، واستمر النزوح القسري، بحسب تقديرات المفوضية، في الازدياد على مدى الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، وبحلول نهاية أبريل 2024، كان عدد النازحين قسرا قد تجاوز الـمائة وعشرين مليونا.

ولعل بحديثنا الآن عن اللاجئين والمشردين، لا يغيب عن عقولنا اللاجئون، والنازحون، والمشردون العرب، وأولهم إخوتنا الفلسطينيون، وما يتجرعوه من اضطهاد وتشريد وحرب إبادة، مسلطة عليهم من الكيان الصهيوني منذ السابع من أكتوبر الماضي، وما خلفته من استشهاد لآلاف مؤلفة منهم، وتدمير للبنية التحتية لكل من غزة ورفح، ونزوح أهاليهم الى مناطق عديدة، بعدا عن فوهات المدافع والرشاشات التى تطولهم، حتى وهم في خيامهم اللائجين فيها، والفارين إليها، وفي هذا ترصد الأمم المتحدة أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) لديها حوالي ستة ملايين لاجيء فلسطيني، كما أن حوالي 90% من اللاجئين الفلسطينيين، يعيشون حاليا تحت خط الفقر في كل من غزة ولبنان وسوريا.

كما لا يستطيع العقل الجمعي العربي، المهموم بأدبيات قضايا أمته وأبنائه، نسيان الأشقاء السودانيين، وما خلفته الحرب الدائرة المستعرة هناك، وأنه بعد مرور عام على اندلاع الاقتتال، اضطر أكثر من 8.6 مليون شخص لمغادرة ديارهم، من بينهم 6.8 مليون نازح داخل البلاد، وأكثر من 1.8 مليون لاجئ وعائد ممن فروا إلى الدول المجاورة، وبين هذه الأرقام، سطور وسطور من مآس ومحن مأسوية عديدة تعرض لها شقيقاتنا السودانيات، من اغتصاب وقهر وتعذيب، على أيدي قوات الفئتين المتناحرتين هناك.

أيضا لا ننسى اخوتنا اللائجين السوريين، حيث معظم اللاجئين الذين تركوا سوريا، عابرين الحدود خلال الاثني عشر عاما الماضية، أكثر من 5.5 مليون، موجودون في دول مجاورة لسوريا، مثل تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق.

أما عن مصر وفتح أبوابها للاجئين، فلنا أن نعرف أن مصرنا –حفظها الله- تستضيف أكثر من ستمائة ألف لاجئ وطالب، مسجلين من 62 جنسية مختلفة، ومع نهاية أكتوبر الماضى 2023، أصبح السودانيون بها الأكثر عددا، يليهم السوريون، يليهم أعداد أقل من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، واليمن، والصومال، والعراق، فوصل عدد اللاجئين المسجلين بمصر لدى المفوضية إلى 324,048 لاجئا من السودان، و156,191 من سوريا، و41,733 من جنوب السودان، و35,612 من إريتريا، و18,281 من إثيوبيا، و8,665 من اليمن، و7,908 من الصومال، و5,676 من العراق، وأكثر من 54 جنسية أخرى.

والحق أشهد أن أشقاءنا السوريين، ويليهم اليمنيون، يهتمون بالعمل والاستثمار، وتشير إحدى الإحصائيات الاقتصادية إلى أن الجالية السورية، وعددها مليون ونصف مليون سوري يقيمون في مصر منذ أكثر من عشر سنوات، استثمروا ما يقرب من مليار دولار في كثير من الأنشطة والمشاريع الاقتصادية داخل مصر.

ختام قولى، حفظ الله بلادنا وجنبها الشرور والحروب، وحفظ على شعبها الطيب مشاعره الكريمة الفياضة ترحابا وحسن معاملة، وعدم كراهية أو رفض، لأى جنس بشرى يلوذ بنا وببلادنا المباركة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
رؤساء الهيئات الإعلامية والصحفية.. عندما تتحدث الإنجازات

ثمة حقائق نؤمن بها دائمًا، تكون نورًا وبرهانًا هاديًا لنا فى مسيرتنا الحياتية والعملية، من هذه الحقائق سنة التغيير والتبديل، التي تنتهجها دولتنا المصرية

علو الهمة.. لهيب الحياة ونور الطريق

من الصحابيات الجليلات اللواتي كان لهن مواقف مشهودة فى الإسلام وأكثرهن كذلك- الصحابية الجليلة الشفاء بنت عبدالله القرشية ، هذه المرأة التى شرفت بكونها

الأكثر قراءة