اليوم التالي للاحتلال "2 – 2"

19-6-2024 | 17:54

من داخل فلسطين المحتلة، تتوالى الاعترافات والتقارير الرسمية وغير الرسمية، بفشل مشروع الكيان الصهيوني لإقامة دولة "أرض الميعاد"، التي حشدت لها قوى الهيمنة الغربية والولايات المتحدة، الموارد الحربية والخطط والسياسات والبرامج والمشروعات، علي مدى الثمانين عامًا الماضية، للترويج لهذا الكيان الموعود وتثبيت دعائمه، إلا أن المقاومة الفلسطينية نجحت في إفشال هذا المشروع.

هذا ما يقره المؤرخ اليهودي "ألين بابيه"، قائلا: "إن ما يحدث هو الظلام الحالك، وهو بداية النهاية لمشروع الدولة"، لتتحول "أرض الميعاد" التي استغرق دعمها والترتيب لها 80 عامًا لتتحول إلى أرض الخوف والهرب في 8 أشهر".

بعد اجتياح المقاومة لدولة الاحتلال في السابع من أكتوبر 2023، تشكل ما يسمى ب "مجلس الحرب"، لمواجهة هذا الاجتياح وإعادة الأمور إلى طبيعتها ولملمة ما وقع من الاحتلال، إلا أن حجم تناقض المشروع الصهيوني كان أكبر من مجلس الحرب الذي ألغى، بعد فشله في تحقيق أهدافه، وانسحاب وزيرين منه، وسط فوضى امنية وسياسية، آخرها كان قرار "الهدنة التكتيكية" الذي اتخذه قادة الجيش دون الرجوع لرئيس الوزراء، وهو دليل على عمق الأزمة والصراع داخل سلطة الاحتلال.

هذا الانكسار تؤكده أيضًا عشرات الاعترافات بفشل المشروع الصهيوني، من بينها كلمات "نحمان شاي"، الوزير سابق لـ"الشتات" والمتحدث السابق باسم الجيش هناك، والذي كتب مقالا بصحيفة "معاريف" الصهيونية قائلا:
"تبقى سفينة واحدة كبيرة، اسمها إسرائيل، وهذه السفينة، أيها السادة، هي سفينة بلا ربّان. تنجرف وتهتزّ من مكان إلى آخر ومن عاصفة إلى عاصفة وليس هناك قائد.. إن وضعنا خطير بالفعل، وأخطر مما كان عليه في أي وقت مضى من تاريخنا".
         
أما قائد الجبهة الداخلية بالجيش الإسرائيلي "رافي ميلو"، فأقر بأن: "هناك أزمة ثقة كبيرة في الجيش"، ونقلت صحيفة "يسرائيل هايوم" الإسرائيلية عنه: "أن هناك أزمة ثقة كبيرة بين المواطنين الإسرائيليين في الجيش، وهناك صعوبة كبيرة في توفير الشعور بالأمن لسكان البلاد، وما زلنا غير قادرين".

والمواطن في المشروع الصهيوني هناك يدعي مستوطن، وليس مواطن، والجمع مستوطنون وليس مواطنون، وهؤلاء يعيشون حياة العسكرية، وهم يعلمون أنهم سرقوا أرضًا ليست لهم، ويريدون أن يمحوا التاريخ، وفعلوها ومازالوا بكافة السبل، يفشلون، فلا يوجد بينهم مدنيون فكل الرجال والنساء مسلحون بقرار من الحكومة، فالتعامل معهم باعتبارهم من الجيش هو أمر عادل، وتشكيل قوات تدخل سريع "مليشيات مسلحة" من المستوطنين تحت إشراف الجيش، هو تطور سريع نحو المزيد من السقوط.

علي موقع التواصل الاجتماعي "X"، يكشف المستوطنون الصهاينة واقع ما حدث يعايشه الناس هنا، فلا مجتمع ولا أمة، وهذا بعض ما كتبوا على الموقع:


-  أكثر من 10 آلاف جندي يعودون من غزة وهم يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة حسب تعليق الإسرائيلي ما بين السطور على تغريدة انتحار جندي قبل أيام نتيجة الاضطرابات..

- ما يحدث مهم جداً وله تأثير كبير على بقية الجنود وعائلاتهم، كثير من العائلات الإسرائيلية غادرت "فلسطين المحتلة" بسبب ذلك والكثير من الجنود انتحروا أو تسببوا في أعمال عنف وخطر على بقية أفراد المجتمع بسبب اضطرابات الصدمة..

- قبل أيام أحدهم ألقى قنبلة على وزارة الدفاع الإسرائيلية..

- ما يجري على أرض غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، أصبح خارج نطاق التحليل البشري، فمن لديه حظ من النظر الإستراتيجي، يدرك أن تداعيات الحدث تتجه شطر نهايات مرسومة ومقاصد قد حددها.

-أسمع المزيد والمزيد من الناس يغادرون البلاد إلى كريت باليونان،  ولندن، والبرتغال، وقبرص، وباريس، وأكثر من ذلك.

- إسرائيل تنهار،" هذا ما نشره إسرائيلي على حسابه. الحقائق التي تحاول إسرائيل إخفاءها. 

قبل قليل في نقاش على تيليغرام بين جندي وإسرائيلية على الصورة التي نشرتها بالأمس لمجندة وخلفها رهينة فلسطينية، الإسرائيلية تنتقد تصوير تلك المشاهد ليس ضد حدوثه، ولكن تصويره ونشره، والجندي كان يدافع عن المجندة، وبين السطور وبعد نقاش مطول يقول الجندي: "لقد فقدت كل شيء، أصدقائي جميعًا قتلوا في المعارك الجارية في غزة بعد السابع من أكتوبر، وأنا لا أعلم متى يأتي دوري، وأنت كل ما تفعلينه هو انتقادنا من خلف شاشة هاتفك".

- الآن المشهد لا يمكن استيعابه داخل الكيان من جميع الاتجاهات، لقد فقدوا الثقة تماما فى المسئولين والأصعب أنهم يشاهدون ولا يصدق ولا يستوعب الانهيار الذى يحدث للجيش الذى لا يقهر الذي يرعب جميع من حوله يشاهد عجز فى الرد والردع على جبهة الشمال والغرق في رمال غزة.


هذا السقوط المدوي للكيان داخليًا وخارجيًا، وتلك التناقضات لم يكن لها أن تنفجر، إلا باستمرار المقاومة الباسلة والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني الذي تعلم من النكبة الأولى، ولم ينتظر إلى نكبة ثانية، فقد صدرها إلى مغتصب أرضه، فضلا عن عناصر المقاومة التي تتعافى في كل مكان يتركه جيش الاحتلال، في شمال قطاع غزة، في خان يونس، وفي المخيمات وفي المواصي، وحاليًا في رفح، حيث أذهلوا العالم باستعادة زمام الأمور، وسيطرتهم على الأرض المباركة، والتي تحارب مع أهلها بالفعل.. "أليس الصبح بقريب..".

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة