من حقوق الطفل على أسرته الإجابة عن أسئلته؛ وفي الأسطر التالية إجابات عن أهم تساؤلات الأطفال عن الحج وعيد الأضحى..
يتساءل أطفال عن سبب تسمية عيد الأضحى بهذا الاسم ونجيب: لنعرف السبب سنحكي ما حدث مع سيدنا إسماعيل عليه وعلى نبينا محمد صلوات الله وسلامه، الذي كان رمزًا للتضحية وللطاعة من خلال إجابته لرؤيا أبيه سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ عندما رأى في منامه أنه يذبحه فكان خير معُين لأبيه على الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى، مضحيًا بنفسه في سبيل الله قائلا، كما جاء في القرآن الكريم: (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)، وعندما هم بذبحه فداه الله عز وجل بذبح عظيم ونجا إسماعيل.
لذا سمي هذا العيد بعيد الأضحية ولم يقف الأمر عند حد التسمية واستمر ذبح أضحية في كل عيد؛ لتكون رابطة بين الفروع والجذور، وتوثيقًا للصلات بين حلقات شجرة النبوة؛ ليستعيد فيها المسلمون ذكرى حلقات من أحلى الذكريات؛ ذكر التضحية والفداء التي كان بطلها جدهم إسماعيل عليه وعلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
يسأل الأطفال: لماذا يرمي الحجاج الجمرات؟ وهل هذا -فعلاً- يؤذي الشيطان؟
والإجابة: بل يغيظ الشيطان جدًا؛ فقد ورد: ما من يوم أشد غيظًا للشيطان من ذلك اليوم؛ لأن الرمز في دلالته خطير، إذا يجمع الملايين الذين خلصت نياتهم وتجردوا لله واستعانوا بالله على الشيطان على أن يقوموا بهذه العملية الرمزية التي ترمز إلى رجم الشيطان وقذفه بالحجارة، فهذا الرمز أي عندما يقوم المسلم برمي الجمرات فإنما يخلع عن نفسه كل هيبة للشيطان ويتصوره أمامه وهو يرجمه لكي يمضي في حياته بعد ذلك أي بعد هذا التدريب وهذا التمرين لكي يرجم الشيطان في كل موقف من مواقفه بالكلمة والفكرة والموقف والسلوك، وهذه هي الحكمة من رمي الجمرات، وعند رمي الحجاج للجمرات نتذكر عندما تعرض الشيطان لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام لكي يثنيه عن تنفيذه وحي الله في الابتلاء "الاختبار" الذي أراده الله بذبح ابنه إسماعيل ليختبر إخلاص إبراهيم لربه، ولكن أبا الأنبياء رجم الشيطان وقذفه بأقرب حجارة ومضى لتنفيذ أمر ربه فافتدى الله ابنه بالكبش.
والحكمة من رمي الجمرات أنها مظهر من مظاهر "التحدي" لعدونا الشيطان وإننا قد عقدنا العزم بعدم السماح له بالوسوسة لنا، وأننا نتحداه أن ينجح في السيطرة علينا بالاستجابة له والوقوع تحت سيطرته التي تدعونا على فعل ما ينهانا الله عنه، ولذلك التحدي يجب أن يكون داخل المؤمن؛ صغيرًا وكبيرًا "دائمًا" وليس في أيام الحج فقط حتى لا يتمكن الشيطان من دفعنا إلى طريق النار عن طريق ارتكاب المعاصي، ولنحاربه دائمًا بالحرص على أداء العبادات ونبذ الظلم والتقرب إلى الخالق عز وجل بالإحسان إلى الضعيف ومساعدة كل من يحتاج إلى مساعدة وبالتصدق على الفقراء، وبالتفوق في العلم والعمل حتى يحتل المسلمون مكانهم اللائق بهم في العالم بإذن الله تعالى.
من أسئلة الأطفال أيضًا؛ لماذا كان الحج للكبار فقط؟ ولم يشمل الأطفال أيضًا؟
ونرد: الحج مؤتمر عالمي سنوي يلتقي فيه المسلمون رغم اختلافهم في الجنس واللون واللغة؛ ليعبروا عن التزامهم بتلبية نداء ربهم سبحانه وتعالى في قوله: "وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ"، وفي الحج تتحقق الوحدة لأمة المسلمين في أنحاء العالم، وشعائر الحج عديدة.. ولذا كان الحج غير واجب على الصغار.. فهم بحكم صغر سنهم لن يمكنهم استيعاب المعاني الدينية العميقة وراء أداء مناسك الحج.
وأيضًا في الحج بعض المشقة على الكبار فما بالنا بالصغار، وهذه رحمة من الله سبحانه وتعالى بالأطفال، فلم يكلفهم عز وجل ما لا طاقة لهم به.
ولا داعي لأن يحزن أي طفل لأنه لا يستطيع الحج الآن، فإن شاء الله ستأتيه الفرصة عندما يكبر والمهم الآن هو الالتزام بكل تعاليم الدين، والتدرب على ذلك والحرص على كل ما يرضي الرحمن من قول أو فعل وتجنب كل ما يغضبه عز وجل أيضًا.
ويتساءل أطفال: في كل عام نسمع عن الحج ولا نعرف لماذا يحج الناس؟ وما هي الفائدة التي تعود عليهم؟ والرد: الحج ركن من أركان الإيمان الخمسة وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله والصلاة وصوم رمضان والزكاة والحج لمن استطاع إليه سبيلا.
فهناك عبادة يومية كالصلاة وعبادة سنوية كالزكاة والصوم، بالإضافة إلى العبادات العمرية التي تفرض على الإنسان مرة واحدة في العمر عند الاستطاعة ألا وهي الحج.
فالمسلم يحج تلبية لنداء ربه ورسوله الكريم "صلى الله عليه وسلم" الذي أمر بتعجيل فريضة الحج بقوله: "من أراد الحج فليتعجل".
فالحج هو رحلة إلى الله سبحانه وتعالى فيها إنفاق وتأديب؛ فمن يذهب إلى الحج يجب أن يتعود على العطاء وأن يبتعد عن الحرام ويتجنب الذنوب ويتحلى بمكارم الأخلاق، والحج وإن كان فيه مشقة من حيث الاغتراب والبعد عن الأهل، إلا أن المنافع التي يشهدها الحاج واستشعار بوجوده في أطهر الأماكن المقدسة وروعة الإحساس بوحدة المسلمين في جميع بقاع الأرض تجعل هذه المشاق تبدو شيئًا هينًا إذا ما قورنت بالفوائد الروحية العديدة.