اليوم التالي للاحتلال "1 – 2"

9-6-2024 | 14:43

الفشل والخلل والكارثة والحصار والعار والعزلة والملاحقات الدولية ثم السقوط.. السقوط العسكري والاخلاقي والانساني والديني والعقائدي والاقتصادي.. 

هذه بعض الكلمات التي تترجم ما قاله ويعترف به الصهاينة من المفكرين، والمتطرفين، والقادة العسكريين، بعد انقضاء نحو 8 أشهر على اندلاع موقعة السابع من أكتوبر 2023 في فلسطين المحتلة، ليأتي القرار الأممي الذي يضع كيان الاحتلال في قائمة العار، ومعه ثورات شباب العالم برفض الاحتلال، واعتراف دول العالم، بما فيها دول أوروبية، بدولة فلسطين عضوًا في الأمم المتحدة.

وكما حطمت حرب 1973 عبارة "جيش لا يقهر" التي كان يرددها على جيش الاحتلال، فقد كسرت المقاومة الفلسطينية "هيبة الردع"، التي كانت تروج لها إسرائيل، فجيش الاحتلال يدور حول نفسه، بعد أن أعاد الدخول إلى مناطق دخلها أكثر من مرة في القطاع، فما حدث هو فشل كبير، وخلل توالى على قواته على مدى 8 أشهر، ومازالت المقاومة تفاجئ هذا الجيش، وآخرها الوصول إلى خلف خطوط قواته.

ولم يتوقف هذا السقوط فيما هو خارج هذا الكيان، بل ما يحدث في الداخل أكثر قوة، حيث يحدث، لأول مرة، انقسام بين رموز العقيدة الأصولية الدينية المتطرفة، وبين العلمانيين، وانقسام آخر بين المستوطنين، وبين الأسرى وعائلاتهم، وكذلك بين الطوائف الصهيوينة، حتى إن الصهاينة المسافرين إلى الخارج يخشون ذكر اسم بلدهم.

ولاشك أن التخبط هو السمة الغالبة على هذا الكيان الآخذ في السقوط، فبعد أن فشلت قواته العسكرية في المعارك والمواجهات الحربية، اتجه إلى تجييش المجتمع بتسليح المتطرفين، وكذلك المدنيون وتدريبهم على العدوان وقتل الفلسطينيين، بل وحمايتهم أثناء قيامهم بالعدوان وإحراق البيوت والزراعات وقتل المدنيين.

ومن المنظمة الدولية "الأمم المتحدة" جاء إعلان"إسرائيل في القائمة السوداء لانتهاكات حقوق الأطفال خلال الحرب، ليكمل مشهد السقوط، فما قالته الأمم المتحدة، بأنها وضعت الجيش الإسرائيلي إلى ما يسمى بـ "قائمة العار" التابعة لها، والمرفقة بالتقرير السنوي المقدم من مكتب الأمين العام، "أنطونيو غوتيريش"، الذي يوثق انتهاكات الحقوق ضد الأطفال في النزاعات المسلحة، وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إدراج إسرائيل في هذه القائمة، وهي خطوة أثارت غضب العديد من المسئولين في تل أبيب، أخيرًا تعترف المنظمة الدولية بشكل صريح ومعلن، وهو ما أكده المتحدث باسم الأمم المتحدة، "ستيفان دوغاريك"، بأنه تم إبلاغ إسرائيل بإدراجها على قائمة الدول التي ترتكب انتهاكات ضد حقوق الأطفال خلال النزاعات، وأضاف المتحدث: "هذا الأمر صادم وغير مقبول، لم أر هذا من قبل خلال أكثر من 24 عامًا من خدمتي للأمين العام".

سيتم تقديم التقرير السنوي إلى مجلس الأمن في 14 يونيو الحالي. وسيتم نشر التقرير الرسمي في 18 يونيو. وسيناقش في المجلس في 26 من نفس الشهر.

هل تستثمر جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، هذا التطور من قبل الأمم المتحدة، وتعلن عن مراجعة شاملة لوضع دولة الاحتلال، ووضعها في مكانها الصحيح بعد إصرارها على إبادة الأطفال في فلسطين، فقد قال برنامج الأغذية العالمي إن 9 من كل 10 أطفال في قطاع غزة يعانون من فقر غذائي حاد نتيجة حرب الجوع.

نعم.. هذه الحرب هي حرب على الأطفال، حرب على طفولتهم ومستقبلهم، فقد فضح وزير الدفاع الأمريكي "لويد أوستن"، الكيان الصهيوني، وقال الخميس الماضي، خلال جلسة استماع في الكونغرس: "إن إسرائيل قتلت أكثر من 25 ألف امرأة وطفل في قطاع غزة منذ بداية الحرب".

دولة الاحتلال تفعل ذلك متعمدة، فلم نشاهد في المذابح اليومية سوى المجازر للأطفال والنساء، كما كشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن قوات الاحتلال تقتل حوالي 4 أطفال كل ساعة في قطاع غزة، ويعيش 43,349 طفل دون والديهم أو دون أحدهما، بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع، وأكثر من 816 ألف طفل بحاجة إلى مساعدة نفسية من آثار العدوان.

وأظهر الجهاز أنه تم خلال عام 2023 اعتقال 1,085 طفل من الضفة الغربية، منهم 500 طفل بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، منهم 318 طفلًا من محافظة القدس، ووفقًا لبيانات هيئة شئون الأسرى، فإن الاحتلال ما زال يعتقل 204 أطفال في سجونه، منهم 202 من الضفة الغربية وواحد من قطاع غزة، وواحد من داخل أراضي عام 1948، ومن بينهم 11 أسيرًا محكومًا، و158 موقوفًا، و35 قيد الاعتقال الإداري، وحوالي نصف المجتمع الفلسطيني من الأطفال.

هناك الكثير في العالم العربي مازالت المفاجأة والدهشة تسيطر على فكره ووجدانه، لم يتصور أن ذلك واقع يحدث اليوم، بعد أكثر من 70 عامًا من الاحتلال، ولعل اعتراف زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" وهو الأكثر تطرفًا "أفيجدور ليبرمان" يزيل هذه الدهشة، فقد اعترف قائلا: "بعد 8 أشهر من الحرب حصلنا على العار الكامل بدلا من النصر الكامل".
ولاشك أن عسكرة المجتمع في دولة الاحتلال، أمر بالغ الخطورة، فالمستوطنون باتوا مسلحين، يزاولون حياة عسكرية، وأصبح هذا الشعب كله، رجال ونساء مسلحًا، فلا يوجد مدنيون، وهو من بين مشاهد السقوط المتوالي للكيان، وهو حديث الأسبوع المقبل إن شاء الله.

[email protected]

كلمات البحث