بعد عشر سنوات على تدشين الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين مصر والصين في 2014.. سافر الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى بكين بدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ في زيارة رسمية لدولة الصين.. وبالفعل لم تكن زيارة عادية سواء في توقيتها أو تفاصيلها أو ملفاتها.. فالقمة المصرية-الصينية انعقدت في أيام يعيش فيها العالم أزمات ساخنة ويواجه قضايا بالغة التشابك والتعقيد..
كما أنها بمثابة تأكيد جديد على ما تتمتع به مصر ورئيسها من أهمية ومكانة واحترام للدور العالمي الذي بدأه ولا يزال يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسي على الساحتين الإقليمية والدولية.. كما أنها قمة انعقدت والعلاقات المصرية-الصينية تعيش أوج نجاحها بعدما شاركت الصين في العديد من المشروعات الاقتصادية الكبرى في مصر..
الزراعة والنقل والسكك الحديدية وبناء السفن والإنشاءات في العاصمة الإدارية والجامعات والعلوم والتكنولوجيا.. وإطلاق القمر الصناعى المصري سات 2 واستثمارات صينية جديدة في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس وتصنيع السيارات والتحول من النفط إلى الغاز وإنتاج الألواح الشمسية والسياحة الصينية الوافدة إلى مصر.
وبالنسبة للرياضة كانت الصين حريصة على حضور الرئيس عبدالفتاح السيسي لافتتاح دورة بكين الأوليمبية الشتوية العام قبل الماضي لتجسيد عمق الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين وتقارب الشعبين لبعضهم البعض في جميع المجالات، ومن بينها الرياضة.. التى تمثّل القوة الناعمة لتقارب الشعوب، وتبادل الخبرات في مختلف اللعبات وفق بروتوكولات تم توقيعها بين البلدين في أكثر من مناسبة.. خاصة أن الصين باتت تحتل مكانة مرموقة ومتميزة في عدد من الرياضات.. حققت فيها التفوق والصدارة في الكثير من البطولات والدورات الأوليمبية.. سواء التي شاركت فيها خارجيًا أو خلال الدورة التي استضافتها بكين عام 2008، وكانت بمثابة انطلاقة جديدة للرياضيين الصينيين..
وهى نفس الدورة التي تركت ذكرى وعلامة في تاريخ المشاركات المصرية في الأوليمبياد عندما حققت مصر أول ميدالية أوليمبية نسائية في تاريخ مشاركاتها في الدورات الأوليمبية.. وكانت في رياضة رفع الأثقال وحققتها البطلة عبير عبدالرحمن.
عمق العلاقات بين مصر والصين خلال السنوات العشر الماضية كان وراء زيادة التعاون في المجال الرياضي بين البلدين في العديد من المشروعات.. سواء في مجال تطوير ودعم بعض اللعبات التى تعتبرها الصين من التراث الشعبي كالكونغ فو وتنس الطاولة والجمباز والغطس.. أو في مجال تبادل البعثات الرياضية وإقامة المعسكرات واللقاءات الشبابية بين البلدين.
وقد استفادت مصر من تلك البروتوكولات وتبادل الخبرات في المجال الرياضي.. خاصة أن الصين تقدم نموذجًا رائعًا في التطوير واستخدام العلوم الحديثة لخدمة الرياضة والرياضيين.. الأمر الذي وضعها من بين القوى العظمى في العالم بعدما أدرجت الملف الرياضي من بين المشروعات الرئيسية للصين في السنوات الأخيرة.. وصرفت من أجله مليارات الدولارات لتحقيق نهضة رياضية كانت وراء تحقيق لاعبيها عددًا كبيرًا من الميداليات خلال الدورات الأوليمبية الأخيرة ومنافستها لأمريكا في آخر دورتين.. وهو الأمر الذي استشعر خطره الأمريكان في دورة طوكيو الأخير التي ظهرت فيها بطلات وأبطال الصين كمنافسين حقيقيين محققين قفزات هائلة في عدد من الرياضات التى كان يحتكر صدارتها الأمريكان لسنين طويلة.
العالم كله أصبح يتابع ما تفعله الصين في المجال الرياضي في السنوات الأخيرة ودخولها ضمن قائمة العشرة الكبار في عدد الميداليات واحتلالها المركز السابع عقب دورة طوكيو.. حتى بات العالم متشوقًا لما سوف تفعله الصين وتحققه في أوليمبياد باريس 2024 الشهر المقبل.
انضمام مصر العام الماضي لتكتل "بريكس" الاقتصادي الذي كان يضم في عضويتة خمس دول هي الصين وروسيا والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل ضمن مجموعة الستة الجدد السعودية والأرجنتين وإثيوبيا وإيران والإمارات يمنح تأثيرًا إيجابيًا للاقتصاد المصرى؛ سواء بزيادة حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء أو بفتح قنوات اتصال لنقل الخبرات.. والتي من بين ملفاتها الرياضة؛ سواء في مجال التدريب أو إعداد الكوادر أو في التصنيع للمنتجات الرياضية التي باتت الصين أحد الكبار في هذا المجال.. خاصة أن لهذا التكتل أهدافًا رياضية وبطولة تنظم في عدد من اللعبات كرة القدم والسلة والهوكي والألعاب القتالية وألعاب الفيديو والأجهزة التكنولوجية.. وسوف تستفيد الرياضة المصرية من مشاركتها وتواجدها في هذا التجمع اقتصاديًا بجذب استثمارات وتنشيط السياحة الرياضية مع الصين وباقي دول التجمع بشكل فعّال وكبير.