تعد الزهور جزءاً مهماً من الثقافة المصرية التقليدية والحديثة، حيث تشكل جزءاً لا يتجزأ من الاحتفالات والمناسبات الخاصة والدينية فى مصر، كما تعتبر الزهور رمزاً للجمال والرومانسية والتعبير عن المشاعر، ويُعتبر قطاع الزهور فى مصر من أهم القطاعات الزراعية، حيث تزرع مجموعة واسعة منها للاستهلاك المحلى والتصدير، والتى تشمل الورود والزنابق والكرنيشن والجيربرا والتوليب وغيرها.
موضوعات مقترحة
وحول مستقبل صناعة الزهور وأهميتها الاقتصادية وسبل النهوض بها.. قامت مجلة "الأهرام التعاونى والزراعى" بإجراء هذا الموضوع.
فى البداية أكدت الدكتورة بشرة عبد الله أستاذ الزينة بقسم بحوث البساتين، ورئيس قسم بحوث الزينة وتنسيق الحدائق سابقاً، ورئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية للزهور ونباتات الزينة، إن الزهور فى الوقت الحالى تعتبر مطلباً هاماً وضرورة من ضروريات الحياة، حيث تساهم رؤيتها على الخروج من التوتر ومعاناة الحياة، وهدوء النفس والتشجيع على القيام بالعمل وزيادة الإنتاج، وهى آية من آيات الجمال الإلهى يجب أن ننشرها فى مساكننا وأماكن عملنا، لنسعد بها ونُسعد بها الآخرين.
الزهور
اهتمام المصريين بالزهور منذ فجر التاريخ
وتابعت: فقد اهتم الإنسان منذ فجر التاريخ بالزهور، حيث يُعتبر المصريون القدماء من الشعوب ذات التاريخ العريق فى حب الزهور، فقد كانت تستخدم منذ 2500 سنة قبل الميلاد، حيث كانوا يقدمونها تحية للضيوف، وكرموز للحب والولاء، وفى مراسم الدفن والمقابر والمواكب وتزيين الطاولات وغيرها، كما كان المصرى القديم يعشق زهرة "اللوتس" على وجه الخصوص.
وبالنسبة للأهمية الاقتصادية للزهور.. أشارت إلى أنها تعتبر صناعة وليست زراعة فقط، حيث تقوم عليها صناعات عديدة منها الغذائية مثل: المربى والشربات ومكسبات الطعم، وبعض الأدوية والدهانات، ومستحضرات التجميل مثل: الشامبوهات والكريمات والزيوت، والعديد من أنواع العطور، مضيفة حيث إنها تساهم فى رفع المستوى الاقتصادى والدخل القومى، من خلال التجارة وإنشاء المصانع وتشغيل العمالة، لافتة لذا تقام المعارض السنوية فى مصر وجميع دول العالم، من أجل توعية المواطنين بأهمية زراعتها وإكثارها، ما يؤدى إلى تنمية الذوق الجمالى وتعزيز تصديرها، حيث يعتبر إنتاج وتصدير الزهور من المشروعات الهامة والمربحة، التى يمكن أن تساهم فى دعم الاقتصاد القومى.
زراعة الزهور فى مصر تجود فى جميع الأراضي
وأوضحت أن زراعة الزهور فى مصر تجود فى جميع الأراضى، وأنه إذا كانت الأرض التى تتم زراعة الزهور بها تحتاج إلى بعض محسنات التربة، فتتم إضافة بعض المحسنات وفقاً لنوع التربة مثل إضافة بعض المواد العضوية أو المعدنية لتحسين خواصها، وعلى سبيل المثال إضافة "البيتموس" لتحسين خواص التربة الرملية، وإضافة الرمل أو "البيرلايت" لتحسين خواص التربة الثقيلة المندمجة الحبيبات وهكذا.
وكشفت عن أن بعض الزهور لها قدرة كبيرة على الاحتفاظ بحيويتها ونضارتها لفترة طويلة بعد القطف مثل: الورد – القرنفل – الجربيرا – عصفور الجنة – جلاديولس – ليليم – داليا – فريزيا – تيبروز – عباد الشمس وغيرها.
ثم تحدثت دكتورة بشرة عبد الله عن كيفية النهوض بزراعة الزهور وتصديرها، وقالت أنها تحتاج إلى خبرة وتخصص وتكنولوجيا حديثة وقدرة على التسويق فى الداخل والخارج، موضحة: وأن هذا يتم من خلال بورصة الزهور والأسواق الحرة المتخصصة فى زهور القطف ودراسة السوق الأوروبية، وكذلك استخدام الطرق الحديثه فى النقل والتوزيع، حيث إن إنتاج أزهار القطف للتصدير أصبح الآن صناعة، تحتاج إلى خبرة واستخدام أحدث وسائل التكنولوجيا فى الإنتاج، مضيفة كما أنها تحتاج إلى مستوى عالٍ من التخصص، حيث يهتم كل منتج بالتركيز على إنتاج عدد محدد من النباتات وأزهار القطف ليتخصص ويتعمق فيه، على أن يكون هذا المستوى العالى من التخصص فى الإنتاج مصحوباً بنظام تسويق فعال، يتعرف على رغبات واحتياجات المستوردين، ويوازن بينها وبين إمكانيات وقدرات المنتجين الراغبين فى التصدير، وكذلك الاهتمام بعمليات الشحن حتى يمكن الاعتماد عليها فى توفير عبوات التصدير ومواد التغليف بتكلفة أقل، والتشجيع على إنشاء شركات تسويق دولية تقوم بالترويج لمنتجات الزهور المصرية فى الأسواق الدولية.
وأضافت كذلك التعاون والاتصال المستمر بمكاتب التمثيل التجارى فى السفارات المصرية بالخارج، لإمداد الأعضاء بالبيانات اللازمة، وأهم المحاصيل البستانية المطلوب تصديرها، والتعرف على إمكانات الدول المنافسة فى هذا المجال، وتنظيم الاجتماعات بين المصدرين والمنتجين، لتسهيل تسويق المنتج وخلق فرص تصديرية جديدة، وكذلك استيراد الأصناف والأصول الجديدة، لرفع كفاءة المحصول وزيادة التصدير.
زيادة صادرات الزهور
وكشفت أستاذ نباتات الزينة أن الإحصائيات أوضحت أن أكبر مصدرى الزهور فى العالم هى هولندا (نحو 53%) يليها كولومبيا (15%)، وأن مصر تسعى لزيادة صادراتها من الزهور، حيث تم تصدير نحو 6 أطنان من الزهور خلال عامى 2021 ، 2022، وقد كانت نسبة الصادرات العالمية وفقاً لإحصائيات التجارة الخارجية من الزهور الطازجة والمجففة نحو 10.8 مليار دولار عام 2021، مضيفة: ويرى الخبراء أن الاعتماد على الزهور الإفريقية يتزايد من سنة لأخرى، حيث يقترب الرقم الآن من نحو مليار ونصف مليار زهرة يأتى نصفها من كينيا، وتشترك إثيوبيا وأوغندا وزامبيا وزيمبابوى وتنزانيا فى نسبة 40%، أما الـ 10% الباقية فهى لكل دول القارة الأخرى، وتعد إثيوبيا أسرع الدول الإفريقية نمواً فى هذا المجال، حيث ارتفع نصيبها الى نحو 16% بعد أن كان أقل من 0.5% منذ خمس سنوات.
فى سياق متصل أوضح الدكتور ممدوح الشامى رئيس قسم بحوث الحدائق النباتية بمعهد البساتين، أن زراعات نبات الزينة وزهور القطف تحتاج إلى التوسع لزيادة الصادرات والدخل القومى من العملة الأجنبية، إذ تعتبرالدول الأوروبية سوقاً واعدة لزهور القطف ونباتات الزينة، مشيراً حيث تتميز زراعة الزهور ونباتات الزينة عن غيرها من المحاصيل الحقلية والبستانية فى حاجتها إلى العمالة الكثيفة، كما أنها من المشروعات عالية الربح، ومع ذلك فإنها لا تشكل سوى 0.02% من إجمالى الصادرات العالمية.
وقال إن الأمر يستلزم إنشاء بورصة للزهور ونباتات الزينة لخدمة المُزارعين والمُصدرين، يكون الهدف الأساسى منها تجميع مُزارعى نباتات الزينة والزهور فى كيان واحد، لتسهيل التصدير والعمل على فتح أسواق جديدة سنوياً أمام الصادرات المصرية، كاشفاً أن تصدير نباتات الزينة والزهور حدثت به طفرة بزيادة التوسع فى المساحات المزروعة منها، والتى تعد من المحاصيل الأكثر أهمية اقتصادية من ناحية العائد منها، لافتاً وتعد الدول العربية من أكبر الأسواق المستوردة لنباتات الزينة المصرية، وكذلك عدد من البلدان الأوروبية، ويعتبر هذا النوع من المحاصيل فرصة هائلة لعمل مشروعات اقتصادية متكاملة، وفتح المجال لإقامة العديد من الصناعات التى ترتبط بها.
الزهور توفر العملات الأجنبية
وبالنسبة لزراعة نباتات الزينة والزهور تحت الصوب، أفاد "الشامى" بأنها تتم لمواجهة العديد من المشاكل فى الإنتاج، مثل: موسمية الإنتاج، ونقص الأراضى الزراعية، وزيادة فرص التصدير، مما يساهم فى زيادة دخل المزارعين، وتحسين مستوى معيشتهم، وزيادة الدخل القومى، بالإضافة لتوفير العملات الأجنبية، حيث إن كل طن يتم تصديره يوفر 300 فرصة عمل من العمليات الزراعية الإضافية، مثل: التهيئة والتلميع والتحزيم و التجفيف، إذ يبلغ متوسط مقدار مضاعفة الإنتاج من الصوبة بالنسبة للأرض المكشوفة نحو 9 أضعاف.
وأشار إلى أن زراعة الزهور ونباتات الزينة بالصوب تؤدى لتوفير المساحة المزروعة، وزيادة كفاءة استخدام المياه، كاشفاً كما أن الصوب عالية التكنولوجيا توفر 80% من استهلاك المياه، بينما توفر الصوب التقليدية 40%، هذا إلى جانب تهيئة الجو المناسب لإنتاج النباتات طوال العام، وحماية النباتات المزروعة من التغيرات المناخية المفاجئة، والظروف الجوية غير الملائمة، بالإضافة إلى تكثيف وزيادة الإنتاج من وحدة المساحة، وتحقيق العائد المادى وإنتاج شتلات عالية الجودة.