في الآونة الأخيرة، أصبحت مسارات الطائرات في السماء وعرة بشكل كبير ، وتعرضت عدة طائرات لحوادث متفرقة ما بين الخفيفة إلى الخطرة، لذلك فنحن في حاجة لفهم تلك الاضطرابات التي تحدث في السماء ، والتنبؤ بها أمرًا لم يعد رفاهية بل أمراً ملحًا.
موضوعات مقترحة
حركة الهواء الدائمة
عندما تنظر للأعلى، قد تبدو السماء هادئة – ولكن الواقع أن الهواء في حركة دائمة. إنه سائل، يتدفق مثل الماء، مع دوامات وتيارات، أحيانًا سلسة وهادئة، وأحيانًا مضطربة وعنيفة. الاضطراب الهوائية هو واحدة من أكثر الظواهر الجوية التي لا يمكن التنبؤ بها . وتظهر الأبحاث أن هذه الاضطرابات الشديدة تصبح أكثر احتمالا في حدوثها مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
وقائع غريبة متكررة
الأيام الماضية ، أفادت التقارير أن ما لا يقل عن 12 راكباً على متن رحلة الخطوط الجوية القطرية المتجهة من الدوحة إلى أيرلندا أصيبوا بجروح بسبب الاضطرابات الجوية
في الخامس والعشرين من مايو .ويأتي هذا الحادث بعد خمسة أيام فقط من تحويل رحلة طائرة تابعة للخطوط الجوية السنغافورية كانت متجهة من لندن إلى سنغافورة إلى بانكوك بسبب اضطرابات شديدة تسببت في اضطراب الطائرة وهى على ارتفاع 6000 قدم. وأدى الاضطراب الذي شهدته تلك الرحلة إلى وفاة رجل بريطاني يبلغ من العمر 73 عاما، فيما احتاج 20 راكبا آخر إلى العناية المركزة.
أنظمة رادار طقس متطورة ..ليست كافية
الطائرات الحديثة مجهزة بأنظمة رادار طقس متطورة يستخدمها الطيارون لتحديد المناطق التي تعاني من الاضطرابات والتنقل حولها. يقول بول ويليامز، عالم الغلاف الجوي في جامعة ريدينج: "يمكننا التنبؤ بنجاح بحوالي 75% من الاضطرابات الجوية لمدة تصل إلى 18 ساعة".
ومع ذلك، هناك أنواع عديدة من الاضطرابات الهوائية ، وبعضها قد يكون من الصعب اكتشافه. غالبًا ما يكون الاضطراب الشديد الذي ضرب رحلة الخطوط الجوية السنغافورية ناتجًا عن اضطراب جوي غير مرئي . يمكن أن يحدث هذا دون سابق إنذار ، وهو أحد أكبر أسباب حوادث الطيران المرتبطة بالطقس.
كيف يحدث الإضطراب الجوي؟
يحدث الاضطراب الجوي على ارتفاعات عالية، حيث تحلق الطائرات في سماء زرقاء تبدو هادئة. ولا يمكن رؤيته بالعين المجردة ولا يمكن اكتشافه بواسطة أجهزة الاستشعار الموجودة على متن الطائرة . وحتى الأقمار الصناعية لا يمكنها رؤية هذا النوع من الاضطراب ، وغالبًا ما يضطر الطيارون إلى الاعتماد على أي طائرة تحلق على نفس المسار أمامهم للإبلاغ عن الاضطرابات الجوية الواضحة، حتى يتمكنوا من تعديل مسارهم.
تغير المناخ والاضطرابات الجوية
يقول ويليامز، إن تغير المناخ يجعل الاضطرابات الجوية تزداد عن معدلها الطبيعي المعتاد . بعبارات بسيطة، يؤدي تغير المناخ إلى زيادة الفرق في درجات الحرارة بين الكتل الهوائية الدافئة والباردة التي تصطدم بعضها ببعض لتشكل التيار النفاث في الغلاف الجوي العلوي. هذا التأثير يجعل التيار النفاث أقل استقرارًا ويسمح بحدوث المزيد من الاضطراب.
حوادث الطيران المرتبطة بالاضطرابات الجوية
وتعد حوادث الطيران المرتبطة بالاضطرابات الجوية هي النوع الأكثر شيوعًا، وفقًا لدراسة أجراها المجلس الوطني الأمريكي لسلامة النقل عام 2021. ووجدت الوكالة أنه في الفترة من عام 2009 حتى عام 2018، شكلت الاضطرابات الجوية أكثر من ثلث حوادث الطيران المبلغ عنها. أسفرت معظم الحوادث عن إصابة خطيرة واحدة أو أكثر ولكنها لم تتسبب في أضرار للطائرات.
ما الذي يسبب الاضطراب الجوي؟
الاضطراب الجوي ، مثل الأمواج المتلاطمة في البحر، ينجم عن جيوب من الاضطراب في الهواء. وينشأ من ثلاثة مصادر رئيسية:
-الحرارية (الهواء الدافئ الذي يرتفع عبر الهواء البارد)،
-الميكانيكية (تدفق الهواء الذي تعطله الجبال أو المنشآت التي يصنعها الإنسان)،
-التقاطع (جيوب الهواء التي تتحرك في اتجاهات مختلفة).
يمكن لهذا الاضطراب أن يجعل الطائرة ترتفع، وتهبط، وتتأرجح من جانب إلى آخر.
الحل .. الطيور المهاجرة
ويسعى علماء الأرصاد الجوية الآن إلى تطوير أساليب أفضل للتنبؤ بجميع أنواع الاضطرابات الهوائية ، باستخدام النمذجة الحاسوبية. ومع ذلك، فإن أحد مصادر البيانات التي لم يتم استغلالها حتى وقت قريب هي الكائنات التي نتشارك معها السماء.. الطيور.
فقد أظهرت الدراسات السابقة أن رحلات الطيور يمكن أن تساعدنا في تحديد قوة التيارات الحرارية الصاعدة واتجاه الرياح وسرعتها .ويقول باحثون من جامعة سوانسي ، إن تجربة الطيور للرياح يمكن أن تساعد في التنبؤ بالاضطرابات الجوية . فغالبًا ما تهاجر الطيور لآلاف الأميال - حيث تحدد سرعة الرياح واتجاهها واضطراباتها و المسار الذي تسافر من خلاله وكمية الطاقة التي يتعين عليها استهلاكها. فهذه الطيور لا تجازف اثناء رحلاتها العادية أو رحلات الهجرة ، فهى تعرف بحكم الغريزة متى تصبح سرعة الرياح الكبيرة واضطرابات الهواء فخ يمكن أن يقضي عليها.