التدخين.. حقائق وأرقام مفزعة

31-5-2024 | 14:01

يعد الحادى والثلاثين من شهر مايو ومنذ 1987 يومًا عالميا "بدون تدخين والامتناع عنه ومكافحة التبغ" أقرته وتحتفل به الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية، ساعية للفت النظر العالمي وتذكيره نحو الآثار السلبية الضارة والمخاطر التي يسببها التبغ والتدخين، وآثاره السيئة على الصحة العامة، على حياة الأفراد أو على النواحي الاقتصادية للأسر والمجتمعات معا، ودعوة إلى وضع سياسات فعالة للحد من استهلاكه، واستهدافًا لتخفيض نسبة 5.4 مليون حالة وفاة سنويا من جراء أمراض متعلقة بالتبغ والتدخين بشكل أو بآخر، وكذلك مساهمة في حماية الأجيال الحالية والمقبلة من هذه العواقب الصحية المدمرة، بل والمصائب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية لتعاطي التبغ والتعرض لدخانه.
 
حقائق كارثية مفزعة عن التبغ أورد منها ما من شأنه أن يكون جرس إنذار لكل مدخن، حتى يعرف حقيقة التبغ الذى يدخل فى كافة أنواع وأشكال وسائل التدخين التي يمارسها ويتعاطاها من سجائر، وسيجار، وبايب، وشيشة، وجوزة، وبورى، وايضا المستحدثات العصرية الحديثة مثل السجائر الإلكترونية "آيكس"، و"فيب" وما يحتويه من "اللكويد"، و"البود"، والتى صارت آفة وعادة مجتمعية منتشرة سيئة فى بلاد العالم أجمع بما فيها مصر، يدمنها المدخن ويصر عليها منذ اكتشاف التبغ في أمريكا الجنوبية، ونشره "كريستوفر كولومبس" عندما عرفه في كوبا عام ١٤٩٢م.

من هذه الحقائق المفزعة ما أكدته منظمة الصحة العالمية، أن الدخان يقتل خمسة ملايين مدخن في كل عام! وأن دخان السيجارة الواحدة يحوي أربعة آلاف مادة كيميائية منها مادة تشكل خطرًا وأضرارًا على الإنسان، ومنها مادة تسبب السرطان، وفى بيانات أظهرتها منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة، أوضحت فيها هي الأخرى أن العالم يستهلك نحو سبعة ملايين طن من التبغ سنويًا فى 120 بلدًا، حيث تبلغ قيمة المحصول ما يتراوح بين 24.5 مليار دولار و28 مليار دولار، وتتصدر الصين دول العالم في الإنتاج تليها الهند ثم البرازيل.

كما كشفت الجلسات الحوارية والنقاشية بالدورة الخامسة لمنتدى "النيكوتين" العالمي لصناع التبغ، الذي استضيفت فعالياته في "وارسو" عاصمة بولندا العام الماضى، أنه يوجد ما لا يقل عن مليار مدخن على مستوى العالم، ينفقون سنويًا أكثر من 800 مليار دولار على شراء منتجات التبغ، فيما أكدت منظمة الصحة العالمية فى تقاريرها أن عدد متعاطى التبغ بالعالم أجمع تعدى 1.3 مليار شخص، وأن روحًا واحدة منهم تزهق فعلًا كل أربع ثوانٍ، إضافة لعدد وفيات المدخنين الذي يقدر بستة ملايين سنويًا، وستمائة ألف متوفى من غير المدخنين بسبب استنشاق الدخان، وثمانية ملايين عدد الوفيات المتوقعة سنويًا من التدخين حتى عام 2030، وصدق ربنا العظيم: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم: 41].

أما في مصر فوفقًا لما أكده الدكتور عصام المغازي، رئيس جمعية مكافحة التدخين والدرن وأمراض الصدر، ومدير مرصد مصر لمكافحة التبغ في عام 2021، ووفقًا لمؤشرات البحث الذي أجرته منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع وزارة الصحة عام 2017، تبين أن 25% من الشعب المصري من المستخدمين للتبغ بنسبة 22.8%، وتُقدر عدد الوفيات المتعلقة بالتدخين في مصر بنحو 170 ألف حالة وفاة سنويًا، ويتم إنفاق نحو 3.2 مليار جنيه سنويًا على علاج الأمراض المتعلقة باستهلاك التدخين، كما أن المصريين يستهلكون 84 مليار سيجارة سنويًا.

وفى أواخر القرن الماضي ٢٠ مايو ١٩٩٤م، أخرج الدكتور عبدالصبور شاهين -رحمه الله- دراسته وبحثه القيم "التدخين حرام ومفسد للإحرام" والتي تناولها على منبر جامع عمرو بن العاص بالقاهرة في عدة خطب جمعية، أثبت فيها أن التبغ والتدخين فيه مضار كثيرة لأجهزة جسم الإنسان مثل: الجهاز التنفسي الذي يصاب بسرطان الرئة والشعب الهوائية والحنجرة، وفي الجهاز الهضمي يؤدي إلى سرطان اللسان والشفة، وقرحة المعدة والأثنى عشر، ويؤثر على البنكرياس، كما يدمر الجهازين البولي والتناسلي، فيصيب المدخن بسرطان المثانة ويضعف الرغبة الجنسية، ويسبب العقم والعجز الجنسي للجنسين من المدخنين بعد سن الأربعين، هذا بخلاف تأثير التدخين الضار والبشع على الجنين والأطفال الصغار.

والكارثة الكبرى أن الباحثين والعلماء كذلك أثبتوا في معاملهم أن أوراق التبغ يدخل في تكوينها المبيد الحشري والقطران "الزفت"؛ وهو ما يسمى النيكوتين والكحول، وأن صناعة التبغ صناعة كحولية، لأنها تمر بثلاث مراحل: مرحلة النقع وتكدس أوراق التبغ في براميل محكمة وغمرها في الكحول والخميرة لمدة ثلاث سنوات أو أربع، ثم مرحلة التصنيع بفرم التبغ المنقوع، مع إضافة كثير من المواد وتتجاوز ٥٠٠ مادة مذابة في الكحول النقي بنسبة مائة%، ثم مرحلة الدش قبل التغليف، وبذلك تدخل في دائرة التحريم والله تعالى يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"(المائدة ٩٠) والسجائر بهذا أصبحت خمرًا مجففًا بعد إضافة الخمر في صناعتها.

من هنا كان القول الفصل لعلمائنا بحرمة التدخين قطعيًا، ومنها فتوى المجمع الفقهي الإسلامي، وفتوى الدكتور عبدالصبور شاهين عام 1994، وفتوى فضيلة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق الشهيرة عام ١٩٩٩م، مصداقًا لقول الله تعالى: "ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث" الأعراف 157، وقوله سبحانه: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" البقرة 195، فهل نطيع ونصغي لأمر الله لنا ولفتاوى علمائنا الثقات ونمتنع عن التدخين كلية؟ أسأل الله هذا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
رؤساء الهيئات الإعلامية والصحفية.. عندما تتحدث الإنجازات

ثمة حقائق نؤمن بها دائمًا، تكون نورًا وبرهانًا هاديًا لنا فى مسيرتنا الحياتية والعملية، من هذه الحقائق سنة التغيير والتبديل، التي تنتهجها دولتنا المصرية

علو الهمة.. لهيب الحياة ونور الطريق

من الصحابيات الجليلات اللواتي كان لهن مواقف مشهودة فى الإسلام وأكثرهن كذلك- الصحابية الجليلة الشفاء بنت عبدالله القرشية ، هذه المرأة التى شرفت بكونها

اللاجئون في يومهم العالمي

بعد أحداث الحرب العالمية الثانية المفزعة، ونتائجها وتداعياتها التي قلبت مصير العالم، ومنها البؤس الإنساني بشتى وجوهه، التي طال أغلب بقاع الأرض، كان الهرب