Close ad

التنوع البيولوجي

22-5-2024 | 15:27

التنوع البيولوجي هو متنوع مجموع العديد من الكائنات الحية التي تشكل الحياة على الأرض، تشمل ما يقرب من ثمانية ملايين نوع على كوكبنا الأرضي، من نباتات وحيوانات، وفطريات وبكتيريا، إضافة للأنظمة البيئية التي تؤويها، مثل المحيطات، والغابات، والبيئات الجبلية، والشعاب المرجانية، ويحل الثاني والعشرون من مايو يوما دوليا عالميا للتنوع البيولوجي، يتم الاحتفال به كل عام احتفاء بذكرى نص الاتفاقية التي تم اعتمادها بتاريخ 22 مايو بدءا من عام 1992 من قبل الوثيقة الختامية لمؤتمر اتفاقية التنوع البيولوجي الذي عقد في نيروبي.

‏ومن نعم الله على الإنسان -خاصة- وعلى البشرية –عامة- أن جعله يعيش في بيئته المخلوق فيها، يستمد منها أسباب معاشه، وحياته الأخلاقية، والروحية، والاجتماعية، والفكرية، والمادية، وكان من هذه النعم الربانية عليه، أن وهبه –سبحانه- خصائص بيولوجية تميزه عن باقي المخلوقات، فيتحمل الإعاشة في بيئته باستمرار دون باقي المخلوقات التي تعيش دون مستوى احتمال بيئاتها.

‏ومع التقدم الكبير الذي ناله وطبقه الإنسان في مجالات العلم والتكنولوجيا المختلفة، كان هناك الخلل والتدهور المقرون بهذا النيل والتطبيق الإنساني، فبدأت مشكلات البيئة تظهر علنا للإنسان، معلنة عدم احتمال ما يفعله بها، وبالمكونات البيولوجية الأخرى بها، فسمعنا عن مشكلات الغذاء، والتلوث البيئي، والطاقة، المناخ، وغيرها من المعضلات، التي بدأت تقلق الإنسان على مستقبله الحياتي والمعيشي بسببها، فأصبح الناس يسمعون عن مشكلات وأخطار لم يسمعوا عنها من قبل، ولا يفهمونها، وأصبح الحرص الملموس منه في كل بقاع العالم بدولها الشتى على تدارك هذه المشكلات التي بدأت تؤرقه وتقض مضجعه، أملا في إيجاد حلول لها، وحفاظا على حياته الكريمة، وتخطيطا لمواجهتها مستقبلا.

ويعد التنوع البيولوجي ضروريا للناس والكوكب، لأنه يضمن لنا تربة خصبة، بالإضافة إلى ضمان مجموعة متنوعة من الأغذية، بما في ذلك الفواكه والخضراوات التي نأكلها، كما أنه يساعد على تنظيم المناخ من خلال تخزين الكربون، وتنظيم هطول الأمطار، وينقي الهواء والماء ويخفف من آثار الكوارث الطبيعية، مثل الانهيارات الأرضية والعواصف الساحلية، ووفقًا لتقرير حالة الغابات في العالم، فتعتبر الغابات أهم النظم الإيكولوجية وملاجئ التنوع البيولوجي، وموطنًا لمعظم التنوع البيولوجي الأرضي للأرض، فبها ثمانون في المائة من أنواع البرمائيات؛ وخمسة وسبعون في المائة من أنواع الطيور، وثمانية وستون في المائة من أنواع الثدييات.

من واقع ووجوب تسيير دفة الحياة في السفينة، نرى أنه لزاما علينا جميعًا، كل في بيئته ومكانه، ألا نعادى البيئة، وإلا سترد علينا بمثل ما نفعله بها، فإذا ألقينا قمامة في الشارع، وإذا تبولنا في الطريق العام أو في مجاري المياه العذبة، ردت علينا بأمراض عديدة، وإذا اصطدنا أسماكًا بشكل جائر، قل مورد مهم من موارد الطعام، وإذا قطعنا أشجار الغابات بشكل مبالغ فيه جرفت البيئة هناك، ولا تصلح بعد لحياة نباتية سليمة.. وهكذا الأمثلة كثيرة لا تحصى.

‏إن حماية البيئة والتعامل معها، لآلية يؤخذ فيها الحسبان باتزانها ومحدودية مواردها، حتى تبقى مأوى مرضيًا مريحًا لبني الإنسان، ومع تطور التكنولوجيا الصناعية وتسارع وتيرة التطور الحضاري في كل مجالات الحياة العصرية، تغيرت أيضًا البيئة البشرية بسرعة مذهلة لم تكن في الحسبان، ولم يتنبأ بها، مما جعل الإنسان ينتبه إلى تغيير تلك الطبيعة ببيته، فبدأت تشهد العقود والسنوات الأخيرة، -تحديدًا منذ الستينيات- وعيًا متزايدًا بأهمية البيئة والحفاظ عليها، حفاظًا على الجنس البشري، ولعل هذا من باب "مجبر أخاك لا بطل".

لكن قد يسأل سائل هل يعني الحفاظ على البيئة وحمايتها ألا نتمتع بخيراتها التي وهبها الله لنا فيها؟ ونجيب أن الحفاظ عليها يكون بالاستثمار فيها دون إسراف، أو استنزاف لمواردها، وفي حدود عملية تسمح بالحفاظ عليها، واستمرار اتزان بيئاتها المختلفة، ولعل الحضارة العلمية التي توصل لها الإنسان الآن، لقادرة على التخفيف من آلام البيئة بأساليب تفكيرها البحثية العلمية.

ولم تكن مصرنا الحبيبة بمنأى عن هذا الحدث الفريد، فانضمت مصر لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في التاسع والعشرين من ديسمبر 1993، حتى وصل عدد الدول المنضمة للاتفاقية حاليًا إلى 196 دولة، ثم كان الحدث المهم لبلادنا فى هذا الشأن بتنظيم وعقد مصر لفعاليات المؤتمر العالمي الرابع عشر للتنوع البيولوجي بمدينة شرم الشيخ، فى السابع عشر من نوفمبر عام 2018 والذي افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتعتبر مصر أول دولة عربية وإفريقية تستضيف هذا الحدث، الذي يعد أكبر المؤتمرات الدولية للأمم المتحدة في مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي والبيئي، ومنبرًا مهمًا لتعزيز التعاون والمشاركة الإنسانية بين شعوب العالم لزيادة ونشر الوعي بأهمية التنوع البيولوجي، كما منح انعقاد المؤتمر في مدينة شرم الشيخ، الذي ترأسته مصر إلى عام ٢٠٢٠، المساهمة في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في مجال التنوع البيولوجي والحلول المبتكرة لصونه، وهدفا للحفاظ على البيئة، ودعمًا للسياحة، وصونًا للمحميات الطبيعية المصرية التي تشغل حوالي ١٥٪ من المساحة الجغرافية لقطرنا المصري، والموزعة على ثلاثين محمية طبيعية على مستوى الجمهورية يتردد عليها ملايين الزوار سنويًا.

وكم كان الإسلام سباقًا لأفراده، بدعوتهم بعدم الإفساد في هذه القضية المثارة، فأمرنا الله تعالى بقوله: "وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (الأعراف: 85) ولنحفاظ على التنوع البيولوجي حتى لا نقع تحت طائلة قوله: "وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (القصص: 77)، فاللهم اجعلنا من المصلحين وبغَّض لنا الفساد، ولا تجعلنا من المفسدين.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
رؤساء الهيئات الإعلامية والصحفية.. عندما تتحدث الإنجازات

ثمة حقائق نؤمن بها دائمًا، تكون نورًا وبرهانًا هاديًا لنا فى مسيرتنا الحياتية والعملية، من هذه الحقائق سنة التغيير والتبديل، التي تنتهجها دولتنا المصرية

علو الهمة.. لهيب الحياة ونور الطريق

من الصحابيات الجليلات اللواتي كان لهن مواقف مشهودة فى الإسلام وأكثرهن كذلك- الصحابية الجليلة الشفاء بنت عبدالله القرشية ، هذه المرأة التى شرفت بكونها

اللاجئون في يومهم العالمي

بعد أحداث الحرب العالمية الثانية المفزعة، ونتائجها وتداعياتها التي قلبت مصير العالم، ومنها البؤس الإنساني بشتى وجوهه، التي طال أغلب بقاع الأرض، كان الهرب

الأكثر قراءة