فى قمة الـ33.. هبة عربية

21-5-2024 | 17:49

فى البحرين، وعاصمتها المنامة، اجتمع العرب والتقوا فى قمتهم الـ33


صورة العرب فى القمة مختلفة، وحالة الحرب المستعرة فى غزة منذ أكثر من 8 أشهر، وأى عمل سياسى أو هدنة لوقفها ما زالت تدور لم تنته، ومفتوحة على كل الاحتمالات، ولم نفقد الأمل بعد، لكن لغة الحرب هى السائدة، لأن نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، هو الوحيد ومعه يمينه المتطرف الذى يجد فى حالة الحرب المحرجة أو الإبادة للغزاوية مصلحة أكيدة له، هو المستفيد الوحيد مؤقتًا، لأنه أصبح يعرف ويدرك من مجريات التطورات إقليميًا وعالميًا، أنه سيدفع ثمن هذه الجرائم ويبحث عن تأخير المحاكم بالبقاء فى الحلم لبعض الوقت، وبعيدًا عن السجون، عسى أن يجد مخرجًا من هذه الكارثة، لأن إسرائيل ستحاكمه وتدينه قطعًا على ما ارتكب من جرائم فى حقها فى هذا العام وحق العالم، لأنه يغير قوانينها ويتحكم فيها، وفى نفس الوقت لم يراعِ حقوق مواطنيه الإسرائيليين الأسرى لدى حماس. نتنياهو لم يخسر نفسه فقط، ولم يخسر إسرائيل، بل خسر أمريكا كذلك، والعالم كله يشهد أن سردية الحركة الصهيونية سقطت تمامًا، وأصبح هو الذى يحكم الرأى العام العالمى، منذ قامت فى النكبة الأولى 1948، إلى النكبة الكبرى 2024.


أصبح نتنياهو عدوًا للعالم وليس لإسرائيل وحدها، اختطاف إسرائيل جريمة كبرى، سوف يدفع رئيس الحكومة ويمينه المجرمون الدوليون، ثمنه الآن وليس غدًا.
لم يكسب أحد من هذه الحرب، لكن خسائرها الفادحة وغزة التى تمت إبادتها، والرقم القياسى للضحايا هناك، جعل قضية فلسطين بؤرة اهتمام العالم.

فى ظل ذلك اجتمع زعماء العرب، فى المنامة لأول مرة فى تاريخها، ولعلنا نتفاءل، فهذه العاصمة العربية كانت معرضة بعد أحداث 2011 للسقوط فى الفوضى، وسيطرة التيارات المتطرفة عليها، لكن حكمة الملك حمد بن عيسى وشجاعته ووقوف مجلس التعاون الخليجى والعرب معهم، أوقف المؤامرة على البحرين، وأصبحت جزءًا فاعلًا فى العالم العربى، وها هى تستقبل قمتهم وتضع قضية غزة وفلسطين فى قمة الأولويات.


فى المنامة، كما وصف أحمد أبو الغيط، أمين عام الجامعة العربية، هناك هيئة عربية لإغاثة غزة، ووضع القضية الفلسطينية فى مكانها، على قمة الأولويات العربية، لم تكن قمة سهلة، لأن الأوضاع والظروف الحديثة معقدة، لكن نقولها ببساطة إن العرب قبضوا أيديهم على قضيتهم ولم يتركوها للأمريكيين أو الأوروبيين، لأن الجميع مازال يتلاعب بقضية فلسطين ويستخدمها لصالح قضاياه المحلية أو الإقليمية.

العرب برغم ظروفهم الصعبة هناك قائمة فى الدول التى سقطت أو تمر بظروف صعبة ودقيقة والقائمة طويلة، من سوريا ولبنان والعراق واليمن والسودان، كلها تنتظر حلولًا لمشاكلها وتقوية للدولة، وإعادة للنظام العربى من جديد، يجب أن نعترف أنها قمة على وقع الأزمات، وأنها استطاعت التنسيق والتكامل وتوحيد الجهود للحيلولة، أن تتحول المنطقة كما يريد المتطرفون، إلى ميدان قتال مترامى الأطراف متعدد الجبهات.


كل قضايانا فى حاجة إلى تلك المواجهة، أولها التدخلات الخارجية المستمرة فى الشئون الداخلية، واستباحتها للأراضى العربية، من خلال لبنان وسوريا واليمن والعراق، وكذلك الحرب التى تعصف بالسودان التى قتلت وهجرت الكثيرين من أبناء الشعب السودانى، وتهدد بمجاعة كبرى، وبقتل المزيد من الأرواح، وأغلبهم من الأطفال للأسف الشديد.

إن العمل العربى بشكل جماعى، يوفر لأى تحرك ظهيرًا مؤسسيًا، يعطى لأى تحرك زخمًا وقوة سياسية، أثبتت التجارب أننا فى عالم لا يعترف إلا بالعمل الجماعى، وهذا ما اتفق عليه الزعماء العرب فى بيانهم فى قمة المنامة، أن يكون التفكير لمواجهة المخاطر الإقليمية المترتبة على حرب غزة والاحتمالات الخطيرة المصاحبة لها، على أساس من العمل الجماعى والتنسيق المسبق، والتفاهم، خصوصًا فى ظل تعاظم التهديدات والتحديات، بحيث أصبح من السهل ومن الضرورى التوافق حولها، وبلورة مواقف عربية واحدة، وتضييق الفجوات بينها، ولعلنا نشير إلى الرؤية الاقتصادية والاجتماعية التى ناقشتها القمة، وسيكون لها تأثيرها على المستقبل العربى، لأن التحديات الجيوسياسية والتوازنات الشرق أوسطية، ألقت بكل ظلالها المخيفة على قمة العرب، وكان هناك حافز لإعادة إحياء السوق العربية المشتركة، والتجارة البينية والشراكات للصناعة المتكاملة، والربط الكهربائى والأمن الغذائى، بعد الاضطرابات والصعوبات التى تواجه سلاسل الإمدادات العالمية التى تعانى من جراء الحروب والأوبئة فى أوكرانيا، وكورونا وعودة الصراع الأوروبى - الروسى، واشتداد الأزمات بين الصين وأمريكا، أصبح الشرق الأوسط مطحونًا وسط هذه الصراعات الدامية، وأصبح حجر الزاوية للخروج من الكوارث التى يعيشها المواطن العربى، هو التقارب الإقليمى وإعادة بعث النظام العربى بقوة، حتى يشعر كل مواطن فى منطقتنا بأهمية النظام العربى الجديد.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة