بالطبع الإجابة لا يمكن اختصارها.. ولا يمكن التنبؤ بما قد يصل إليه العلم.. ولكن إذا كانت الإجابة بين اختيار "نعم ولا".. فهي إن كان الذكاء الاصطناعي حاليا، لا يستطيع كتابة قصيدة شعر.. فإنه بالتأكيد سيفعل ذلك مستقبلا، وإن فشل الآن، فربما يستطيع قريبا جدًا.
نعم يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكتب شعرًا، ولكن مع بعض الأخطاء.. ويمكنه أن يكتب نصًا إبداعيًا مع بعض الأخطاء.. ويمكنه أن يكتب مقالًا مع بعض الأخطاء.
وعاجلًا أو فى سنوات قليلة أو حتى شهور أقل (لا أحد يعرف) سيمكنه محاكاة شعراء وأدباء وكتاب كبار وعظام.
هذا ما دفع مجموعة كبيرة من الكتاب والأدباء الغربيين إلى مقاضاة الشركة التي صممت أشهر نموذج للذكاء الاصطناعي حاليًا هو "تشات جي بي تي".. وهو النموذج القائم على التعلم والمحاكاة والرد وتوليد إجابات.. وبالتالي تستطيع أن تطلب منه كتابة نص معين بطريقة كاتب شهير (شكسبير مثلا) فيقوم بتنفيذ طلبك مستخدمًا أبرز المصطلحات والكلمات التي كان يكررها شكسبير.
مجموعة الكتاب وصل عددهم إلى 10 آلاف كاتب وانضم إليهم كُتاب مثل جورج آر آر مارتن، وجودي بيكولت، وجون جريشام في دعوى قضائية جماعية ضد OpenAIوهي الشركة المالكة لـ "شات جي بي تي"، يزعمون بأن الشركة استخدمت العمل المحمي بحقوق الطبع والنشر، أثناء تدريب أنظمتها لإنشاء استجابات أكثر قربًا من البشر.
ووقّعوا رسالة مفتوحة، تدعو قادة صناعة الذكاء الاصطناعي إلى الحصول على موافقة المؤلفين عند استخدام أعمالهم لتدريب تلك النماذج الإلكترونية، وتعويضهم بشكل عادل.
الكتاب والمثقفون هم يعلمون أن التطور قادم لا محالة، ويحاولون الاستفادة وتقاسم الأرباح قدر الإمكان..
وإذا كانت جوجل دفعت من قبل غرامات من أجل استخدام المحتوى، فلما لا يحصلون هم أيضا على تعويض نظير استخدام محتواهم وإبداعاتهم وكتبهم في توليد إجابات للذكاء الاصطناعي.
والتاريخ يقول إن مواقع إعلامية وصحف أوروبية خاضت حروبًا عدة من أجل ضرورة تقسيم محرك البحث جوجل لأرباحه التي يجنيها نظير اعتماده في البحث على المواد التي تنشرها الصحف والمواقع الكبرى.
وبالفعل غرمت فرنسا جوجل في مارس 2024 من قبل هيئة المنافسة الفرنسية بنحو 272 مليون دولار؛ بسبب النزاع مع الناشرين.. وهي امتداد لغرامة سابقة أقرها الاتحاد الأوروبي عام 2019 بشأن حقوق الطبع والنشر على جوجل..
ففي عام 2021 فرضت هيئة المنافسة الفرنسية غرامة قدرها (592 مليون دولار) على جوجل لفشلها في التفاوض على دفع أموال بشكل عادل مقابل أخبار الناشرين.
وما فعلته فرنسا - ومن خلفها الاتحاد الأوروبي - مع جوجل، يمكن تكراره مع شركة OpenAI مالكة برنامج "تشات جي بي تي".. وكما يبدو من اسمه هو برنامج محادثة chat ويحاول أن يجيب على المستخدم عبر التعلم من البيانات الكثيرة المنتشرة على الإنترنت ولا يخضع للكتابة الأدبية فقط.
والبرنامج يقدم إجابات نموذجية من خلال البحث على الإنترنت.. وبالتالي يمكنه كتابة بحث علمي، وخطاب للمدير، ونص إبداعي، وحتى كتابة الأكواد التكنولوجية المعقدة.
البرنامج من قوته قدم مساعدة (على حد وصفها) إلى الكاتبة اليابانية ري كودان بعد فوزها بجائزة أكوتاغاوا عن أفضل عمل روائي لكاتب جديد واعد، وقالت إنها حصلت على مساعدة من مصدر غير مألوف، وهو موقع الدردشة الاصطناعي الذكي "شات جي بي تي"...
وقالت رى كودان 33 عاماً: "أخطط لمواصلة الاستفادة من استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة رواياتي، مع السماح لإبداعي بالتعبير عن نفسه على أكمل وجه.. فحوالي 5% من كتابي (برج التعاطف في طوكيو)، أُنتِج حرفيًا بواسطة الذكاء الاصطناعي.
اعتراف كودان باستخدامها الذكاء الاصطناعي وتمسك آلاف الكتاب الغربيين بجزء من أرباح برامج الذكاء الاصطناعي، يدفع نحو شيء واحد لا فكاك منه أن الكتابة الإبداعية قادمة لا محالة.. الآن بنسبة 5 في المئة وغدًا تزيد النسبة.
أما بالنسبة للشعر فقد طورت شركة جوجل الشهيرة منظومة جديدة للذكاء الاصطناعي يمكنها أن تساعد في تأليف الأبيات الشعرية.. وأسمتها "فيرس باي فيرس" أي "بيت بعد بيت" وأمدتها بعشرات الآلاف من الأشعار والأبيات التي نظمها أعظم شعراء العالم، حتى أصبح بمقدورها تأليف الأبيات الشعرية، بالإضافة إلى مراعاة قواعد النحو والإملاء.
وأعتقد أن الشعر المولد عبر الذكاء الاصطناعي سيأخذ وقتًا أطول من كتابة النصوص العادية أو الكتابة الإبداعية.. حتى يصل إلى الجودة المطلوبة.
لأن الشعر يحتاج إلى أسلوب فريد وطاقة إبداعية وعاطفة للكاتب.. فهو ليس نظامًا حسابيًا قائمًا على الرياضيات.. أو وضع جمل بجوار بعضها البعض.
وأعتقد أيضًا، أنه إن تولد الشعر، سيكون نظمًا بلا روح.. ومضاهاة نصية بلا عاطفة من الكاتب.. سيكون كالاستنساخ هو ولكنه ليس هو.. لننتظر ونرى!
للمتابعة على إكس :
https://twitter.com/ahmedtantawi