"قمة البحرين".. سيناريو اليوم التالي ومستقبل المنطقة

19-5-2024 | 17:24

انتهت "قمة البحرين" بهدوء.. كانت مصر هي خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية، والعرب جميعًا، كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى جاءت قوية شجاعة معبرة عما تجيش به صدور المصريين والعرب وكل أحرار العالم، كان حاسمًا في رسالته التي خاطب بها العالم في كلمته التي ألقاها أمام قادة الدول العربية مؤكدًا تمسك مصر باللاءات الثلاث، و"أن مصر ستظل على موقفها الثابت.. فعلًا وقولًا.. برفض تصفية القضية الفلسطينية.. ورفض تهجير الفلسطينيين أو نزوحهم قسريًا.. أو من خلال خلق الظروف.. التي تجعل الحياة في قطاع غزة مستحيلة.. بهدف إخلاء أرض فلسطين من شعبها".

نعم، اجتمع القادة العرب، في المنامة في هذه القمة التاريخية والمحورية، وسط تحديات غير مسبوقة وشديدة الأهمية، في ظل ما يحاك بأوطاننا العربية من مؤامرات ومخططات، تكاد تعصف بدولنا، تجلت في الدعم الأمريكي - الأوروبي لحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، والتي تنذر بتفجر حرب إقليمية.

وفي ضوء تسارع الأحداث وتطوراتها، ظلت آمال وطموحات الشعوب العربية معلقة بقرارات قادتهم، الرؤية المصرية أكدت أن "نهج السلام لا بديل له"، وكانت هذه هي الرؤية التي تَوَافَقَ عليها العرب في قمتهم الهادئة، اتخذ القادة العرب قرارات موحدة تجاه العديد من القضايا بالغة الأهمية، لكن الشارع العربي كانت لديه آمال وطموحات أكبر مما انتهت إليه هذه القمة.

وفي قراءة متأنية لأحداث ووقائع القمة العربية التي استضافتها البحرين للمرة الأولى منذ انضمامها إلى جامعة الدول العربية في 11 سبتمبر 1971م، هناك العديد من الرسائل المهمة، التي أكدتها مخرجات هذه القمة:

- الموقف المصري كان واضحًا ومباشرًا، الرئيس السيسي خاطب العالم «لنضع حدًا فوريًا للحرب»، تحدث بصراحة: تفرض هذه اللحظة الفارقة.. على جميع الأطراف المعنية.. الاختيار بين مسارين: مسار السلام والاستقرار والأمل.. أو مسار الفوضى.. والدمار.. الذي يدفع إليه.. التصعيد العسكري المتواصل.. في قطاع غزة. 

- "إعلان البحرين" الذي قدمه الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تضمن عددًا من المبادرات للإسهام في خدمة القضايا الجوهرية لاستقرار المنطقة وتنميتها، منها الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، إلى جانب دعم الاعتراف الكامل بدولة فلسطين وقبول عضويتها في الأمم المتحدة، ذلك يؤكد أهمية التنسيق والتشاور المصري البحريني المستمر، والتفاهم بينهما، فمصر عقدت "قمة القاهرة للسلام" بعد أيام من أحداث السابع من أكتوبر بمشاركة 32 دولة، حضر ملك البحرين، وما بين قمة القاهرة إلى دعوة ملك البحرين خلال قمة المنامة لمؤتمر دولي للسلام ظلت المباحثات والمشاورات الثنائية بين السيسي وحمد مستمرة على أعلى مستوى.

- ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أكد في كلمته المقتضبة أثناء تسليم الرئاسة لمملكة البحرين أهمية الحفاظ على أمن منطقة البحر الأحمر، داعيًا إلى وقف أي نشاط يؤثر على سلامة الملاحة البحرية..

- غابت سوريا عن القمة، رغم حضور الرئيس بشار الأسد، علامات استفهام كثيرة أثارها مشاركة الرئيس السوري الذي صمت ولم يتحدث...!!

- حضر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، لكنه آثر الصمت ولم يُلقِ كلمة.. وجلس في القمة بجوار الرئيس السوري بشار الأسد، فهل هناك تغير طرأ على العلاقات بين البلدين أم أنها مجرد مصادفة، وهل الصمت القطري يفسر حالة ما، أم أنه امتداد لصمتها أيضًا في "قمة القاهرة للسلام" من قبل، وأنها تعمل في هدوء لحلحلة القضية الفلسطينية؟

- حالة الانقسام الفلسطيني تجلت بوضوح في خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن، كانت سقطة كبيرة عندما هاجم في كلمته أمام القمة حماس بشراسة، واستغلت تصريحاته غير المحسوبة وسائل الإعلام الإسرائيلية عندما قال إن "ما فعلته حماس كان قرارًا منفردًا وغير مسئول"، وأن "حماس هي التي ترفض إنهاء الانقسام الداخلي".. الرئيس أبومازن منح جيش الاحتلال الذريعة لاستمرار المجازر والعدوان على الشعب الفلسطيني في رفح وقطاع غزة.

- غاب قادة دول المغرب العربي عن القمة، تونس والجزائر والمغرب، هل لذلك الغياب أية دلائل أو تفسيرات، أعتقد أن الغياب يطرح علامات استفهام كثيرة الأيام والمواقف وحدها كفيلة لتفسير هذا الغياب.

- القمة أكدت أن الدول العربية غارقة في المشاكل، وأن الحل الأمثل لمواجهة ذلك هي الرؤية التي قدمها العاهل البحريني في المقترح الخاص بتوفير الخدمات التعليمية والصحية للمتأثرين من الصراعات والنزاعات في المنطقة، ومبادرة تهتم بتطوير التعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي، وتأكيده قائلًا: نتطلع إلى تحقيق كل ذلك من خلال قنوات العمل العربي المشترك وشراكاته الدولية.

- من المنامة إلى بغداد، يلتقي القادة العرب العام المقبل 2025، في قمة العراق العربية، والشارع العربي يتمنى أن تكون رئاسة المنامة، بلد السلام والتعايش السلمي، للجامعة هذا العام هي بداية الطريق ل "تصفير كل المشكلات والقضايا العربية"، وهو الحلم الذي يُتَوَّقُ إليه كل مواطن عربي، وهنا تبرز أهمية ما قاله الملك حمد بن عيسى في كلمته أمام القمة: تزداد حاجتنا لبلورة موقف عربي ودولي مشترك وعاجل، يعتمد طريق التحاور والتضامن الجماعي لوقف نزف الحروب، وإحلال السلام النهائي والعادل، كخيار لا بديل له، إن أردنا الانتصار لإرادتنا الإنسانية في "معركة السلام".

- أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أكد، في المؤتمر الختامي للقمة، أن ما يثار حول إرسال قوات عربية إلى قطاع غزة هي مجرد افتراضات تتبناها الدول الغربية وتحاول الترويج لها، وأن هذا الأمر لم يناقش بأي شكل على المستوى العربي.

- أبوالغيط أشار إلى أن تقارير الصحف الأمريكية تحدثت مؤخرًا عن فشل جيش الاحتلال في القضاء على قدرة حماس العسكرية، ويجب علينا أن ننتظر حتى نرى سيناريو اليوم التالي لما سيحدث بنهاية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

- نجاح مملكة البحرين في تنظيم القمة، أكد ريادتها كمركز إقليمي ودولي في صناعة سياحة المؤتمرات والمعارض وتميزها.. كل الشكر والتقدير لوزارة الإعلام ومركز الاتصال الوطني على الجهد المبذول في المركز الإعلامي لأكثر من 1200 إعلامي شاركوا في تغطية القمة.

باختصار شديد، تبقى مصر دائمًا هي السند، والشقيقة الكبرى، وخط الدفاع الأول عن العروبة، وتبقى كلمات الرئيس السيسي هي نبراس الأمة نحو المستقبل، أكد "إنّ مصير المنطقة ومقدرات شعوبها أهم وأكبر من أن يُمسِك بها دعاة الحروب والمعارك الصِفرية".

.. "وإن مصر، التي أضاءت شعلة السلام في المنطقة عندما كان الظلام حالكًا.. وتحملت في سبيل ذلك أثمانًا غالية.. وأعباءً ثقيلة.. لا تزال.. رغم الصورة القاتمة حاليًا.. متمسكة بالأمل.. في غلبة أصوات العقل والعدل والحق.. لإنقاذ المنطقة من الغرق.. في بحار لا تنتهي من الحروب والدماء".

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: