عرفت مدينة الإسكندرية منذ القدم بأنها عروس البحر المتوسط يأتي إليها الناس من كل حدب وصوب ليس لكونها فقط مدينة كوزموبوليتانية ومهدًا لحضارات يونانية ورومانية وغيرها فحسب؛ بل لطبيعة المدينة الجغرافية وإطلالاتها على ساحل المتوسط والذى جعل للإسكندرية سحر خاص وهوية مستقلة ومنفردة.
كتب عنها أبرز الشعراء والمؤرخين والكتاب وعاش على أرضها العديد من أبناء الجاليات الأجنبية والتي من أبرزها على سبيل المثال اليونانية والإيطالية والأرمنية، وزارها العديد والعديد من الكتاب والفنانين والشعراء والسفراء والشخصيات العامة وذوي المناصب المرقومة والقامات الرفيعة من داخل مصر وخارجها.
يأتي إليها الباحثون عن المتعة والمتعطشون لمشاهدة أروع وأبهى الأماكن السياحية والأثرية في المدينة، ففنار الإسكندرية يعد أحد عجائب الدنيا، والمسرح الروماني مزار أثري مهم، ومتحف المجوهرات الثمين بالمحتويات النادرة، والمتحف اليوناني الروماني في ثوبه الجديد بعد التجديد الشامل الذي أظهره بصورة عصرية وفريدة، وكذلك مكتبة الإسكندرية الجديدة التي أسست في نفس موقع المكتبة القديمة؛ لتكون واحدة من كبرى المكتبات العالمية، ولكي تكون مركزًا فريدًا للشعاع الحضاري والتنويري محليًا ودوليًا، فهي ليست مستودعًا للكتب فقط؛ بل هي مؤسسة ثقافية علمية فنية شاملة تضم العديد من المتاحف والمعارض والقاعات المتخصصة وقاعة الاطلاع الكبرى، بالإضافة إلى العديد من المشاريع البحثية والرقمية التي تقدمها للبحث والزائر في أي وقت؛ لتحقق أهدافها ورسالتها أن تكون نافذة مصر على العالم، ونافذة العالم على مصر.
الأمثلة الحية لكثير من المناطق المهمة والحيوية والعريقة في مدينة الإسكندرية لا تحصى ولا تعد إلى جانب طبيعة المجتمع السكندري الذي يهوى التعامل مع الجنسيات الأجنبية، ويقدم بامتياز كرم الضيافة وحفاوة الترحيب والاستقبال لكل من يزور المدينة بكل حب واحترام.
ورغم كل المقومات والإمكانات المادية والبشرية التي تحظى بها مدينة الإسكندرية إلا أن ظاهرة الدراجات البخارية أصبحت تمثل خطرًا حقيقيًا على شوارعها.
وللأسف الشديد كثرت الدراجات البخارية "الموتوسيكلات" في الشوارع الرسمية للمدينة بشكل ملحوظ ولافت للنظر، فبعد أن كانت لها أماكن مخصصة بمواعيد محددة للسير، أصبحت تتواجد في الشوارع الرئيسية والعامة ليل نهار، وأصبحت تمثل قنبلة موقوتة في الشارع السكندري، فلا يخلو يوم إلا بإصابات وحوادث تؤدي إلى الجروح الكبيرة أو حالات وفاة متكررة.
وأصبح يقود الدراجات البخارية شباب طائش يبحث عن السباق مع أقرانه، ويسعى كل منهم إلى إثبات للآخر أنه الأقدر والأكفأ في قيادة هذه الوسيلة، ضاربين بعرض الحائط المخاطر الصحية والنفسية التي قد تسببها هذه الدراجات، لا أحد منا ينكر أن استخدام الموتسيكلات أصبح وسيلة لا غنى عنها في توصيل طلبات واحتياجات معينة من أدوية وأطعمة ومشروبات، وأنها أصبحت الطريقة الأكثر شيوعًا بين جيل الشباب، لكن غير المقبول هو الاستهتار بقواعد المرور أو الاستهزاء بالمبادئ العامة للقيادة خلال اعتلاء هذه الوسائل في الانتقال.
حقيقة استخدام هذه المركبات أصبح خطرًا كبيرًا يداهم الشارع السكندري بشكل خاص، ومع تكرار الأزمات والحوادث أصبح الناس في حالة من التأسف والتأزم لما وصلت إليه الأمور في الإسكندرية؛ سواء كان هذا الضرر لأبنائها أو للزوار الذين يأتون للإسكندرية رغبة في الاستماع بالأجواء الهادئة والشوارع العريقة التي تتميز بها المدينة.
ويرى كثير من الناس أنه من الأفضل توفير حارات سير مخصصة لمثل هذه النوعية من وسائل الانتقال، ومنح صاحبها رخصة قيادة بعد اجتياز اختبار المرور، مع التشديد على أهمية ارتداء الخوذة الواقية والملابس المناسبة لقيادة هذه الدراجات؛ حماية لصاحبها ومن معه من مخاطر الطريق.
ركوب الدراجات البخارية أصبح أزمة بالغة الضرر، وحان الأوان لوضع الضوابط والمعايير لحلها وعلى وجه السرعة.