أصبحت حروب الطاقة هي المتحور الجديد للحروب في الأونة الأخيرة، وأضيف إليها حديثًا حرب المسيرات وضرب المصافي النفطية، سواء الروسية أو الأوكرانية، وسياسة ضرب المصافي لها سيناريو قائم على معادلة سياسية واقتصادية شديدة التعقيد.
وهناك فرق بين إلحاق الضرر والتدمير في هذه الحروب، كذلك هناك فارق كبير بين التكتيك والإستراتيجية، فالهجوم الأوكراني على المصافي الروسية الهدف منه - بتعليمات من القابعين خلف المحيط - هو إشغال الجانب الروسي، وإطالة أمد الحرب، وإضعاف الجانب الروسي، وعدم السماح بوضع كلمة النهاية لهذه الحرب، مع الأخذ في الاعتبار عدم ارتفاع أسعار الطاقة لثلاث خانات؛ لأن المواطن الأمريكي يصوت للاقتصاد قبل السياسة.
واللافت للنظر أن المعركة الدائرة بين روسيا وأوكرانيا اختارت مسرح عملياتها في هذه المنطقة، ولكن أصبحت أيضًا منطقة تصفية حسابات على أراضي أوكرانيا، فالفاعل الوحيد في هذه الحرب هو أمريكا، التي لا تريد كتابة كلمة النهاية؛ بل تريد المضي قدمًا في استنساخ نسخة جديدة من أسواق الطاقة عالميًا؛ لتعطي كتفًا قانونيًا للأوبك بلس.
ومع الخرائط التي تتبدل والتحالفات التي تتشكل تظهر النوايا، فالجديد يقول إن كل الأطراف أصبحت لديها مشكلة مع الآخر، والولايات المتحدة الأمريكية هي رأس الحربة، فالهدف ليس حسم الصراع في أي مكان، وإنما إطالة أمد التوترات الجيوسياسية، وتأثيرها على سوق النفط، وذلك من أجل إقامة مسرح جديد للعمليات؛ هو الاقتصاد العالمي كله، وترك الباب مواربًا لسيد وول ستريت وسياسته النقدية التي تحتاج إلى حديث آخر.