شكرا جلعاد.. أنت تكشف المستور

14-5-2024 | 22:36
الأهرام العربي نقلاً عن

كان جلعاد إردان، سفير إسرائيل فى الأمم المتحدة، واضحا جدا فى تصريح يكشف المستور.

 قال جلعاد دون مواربة دبلوماسية: إذا ما وافقت الأمم المتحدة، عبر جمعيتها العامة على عضوية فلسطين كدولة، فإن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تتوقف عن تمويل المنظمة الدولية.

تصريح إردان يهدد بتصفية المنظمة الدولية التى ظهرت عشية الحرب العالمية الثانية، ومررت وجود إسرائيل بقرار دولى عام 1947، ثم  لم يعترفوا بأى قرار يصدر عنها بعد ذلك.

حقا إن التاريخ لماكر.  

تصريحات إردان ليست خطأ مطبعيا، بل ثقافة عميقة متجذرة، وإيمان يستند إلى فلاسفة، وعلى إردان أن يصلى فى أروقة الدبلوماسية الدولية، ويقول إردان بامتنان: شكرا موشى هيس. رسالتك القديمة وصلت إلى رفح الفلسطينية، كانت قد وصلتنا سابقا عبر كتابك «روما وأورشليم» أول كتاب متكامل عن “دولة الميعاد” فى فلسطين العربية.

لقد بدأت يا موشى اشتراكيا، وانتهيت إلى ما أنت عليه، ترقد الآن  فى مقبرة طبريا بفلسطين، رغم أنك ألماني، ولديك مستعمرة باسمك تدعى” كفار هيس”، هاجمت ماركس وإنجلز، وهما يستأهلان الهجوم، وكنت تلميذا لهما، لقد تبرأت منهما بوصفهما نصيرى المجتمع البرجوازي!

يواصل إردان مناجاته: هكذا خلقت يا هيس لنفسك مسارا مختلفا، يفضى بك إلى طمس حضارة شعب آخر، هو الشعب الفلسطيني، وجعلتنا ندفن عظامك حيث ولد هذا الشعب.

 حسب رغبتك يا موشى أوصيت بأن تدفن فى كولونيا الألمانية، رفاق أرض الميعاد رفضوا، فنقلوك حيث ترقد الآن منذ عام 1961، لتنام إلى جوار رفاق آمنوا بأرض الميعاد التى ألفتها كفيلسوف!

يصل إردان إلى ذروة صلاته: صحيح يا موشي، بعضهم يقول موزس أو موسيس الفيلسوف الشاب تلميذ الفيلسوف الألمانى كارل ماركس، أن ثيودور هيرتزل - الصحافى النمساوى- المجرى تفوق عليك بكتابه “ دولة اليهود”، كوثيقة وحيدة معتمدة لدولة الميعاد، وتحتل صورته قاعات «إسرائيل الرسمية»، صار اسمه بنيامين زئيف، وأبا روحيا لمشروعنا الذى يصفه الأعداء بأنه المشروع  الأقسى فى التاريخ.

كان كتابك «روما وأورشليم» قد ظهر فى ألمانيا عام 1862، بينما كتاب هيرتزل ظهر 1896، تفصل بينكما أربعة وثلاثين عاما، ورغم اعتماد الأخير عليك، فإن شهرته جابت البر والبحر والجو، وتظهر أصداء آرائه النيرة فى قطاع غزة، كما ظهرت من قبل عندما كنا نقتلع الفلسطينى من أرضه، ويتحول إلى “مسألة” بدلا من “المسألة اليهودية”.

حقا، إن التاريخ لماكر.

يستدعى إردان المعارك القديمة: حاول كارل ماركس، الكاره لعقيدته، أن يرد المسألة بعيدا عن القومية والعرقية الدينية بكتابه «حول المسألة اليهودية»، ويرد على تلميذ هيجل برونو باور، صاحب كتاب “المسألة اليهودية” الأصلي، تلك المسألة التى شغلت أوروبا، بكتّابها، وأدبائها، وفلاسفتها، وسياسييها، منذ منتصف القرن الثامن عشر، مرورا بالتاسع عشر، وصولا إلى القرن العشرين، وكانت ذروتها فيما عرف بالحل الأخير على أيدى النازيين الألمان، لكننا عبرنا كل هذه الحدود الشائكة.

إن التاريخ لماكر بالفعل.

يعترف إردان بالمسكوت عنه: أنت تعرف يا موزس أن معظم الذين عالجوا هذه المسألة ينتمون إلى الثقافة الألمانية، وبعضهم إلى الفرنسية والإنجليزية، وشغلت المسألة قاعات المحاضرات فى الجامعات، وانتقلت إلى الرأى العام عبر دور نشر الكتب، والصحافة الغربية، كان الانشغال بها يتواصل ليل نهار، وصولا إلى مسألة توطيننا بعيدا، فكروا فى سيبريا وجزيرة مدغشقر الإفريقية، لكننا فضلنا فلسطين!

 للتاريخ يا موزس فإن أصحاب الثقافة العربية لم ترد على أذهانهم «مسألة يهودية» لم يغمرونا فى الأفران، أو يغرقونا فى دهاليز الاضطهاد، بل تركونا نعيش كما أحوالهم!

 أما أوروبا، صاحبة المسألة الأصلية، المشغولة بفكرة التطهير، ونزعة التفوق العرقي، والقومية الجنسية، فقد تسببت فى إثارة هذه المسألة، وجعلتها جزءا  أصيلا من سياستها، فرضتها ثقافيا وإعلاميا، جعلت من ينكرها معاديا للسامية، فهل تعرف يا موزس أوروبا أن العرب ساميون أقحاح حسب تقسيم أوروبا للجماعات البشرية؟

 نعم يا سيد موزس، أنا الآن أكشف المستور، وحان الوقت لتحطيم الأمم المتحدة!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة