الرئيس السيسى رفض تنفيذ مخطط إسرائيل بتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم
موضوعات مقترحة
أى عملية عسكرية على رفح الفلسطينية سيكون لها تداعيات خطيرة على استقرار الشرق الاوسط
المساعدات العسكرية الأمريكية لقوات الاحتلال ضربت بعرض الحائط كل المواثيق الدولية لحقوق الانسان
تحالف روسيا والصين يعكس تصاعد المخاوف من الهيمنة الأمريكية في الشئون الدولية
تحولات حاسمة في اتجاهات الناخبين العرب والمسلمين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية
تشير التقارير إلى استعدادات إسرائيلية لعملية عسكرية نحو رفح الفلسطينية، التى قد تكون لها تداعيات خطيرة على استقرار الشرق الأوسط وعلى الصعيد الدولي، ما بدأ كتهديد بالانتهاء في قطاع غزة، يتطور الآن إلى مأساة إنسانية جديدة في رفح، حيث يخشى العديد من المحللين من إبادة محتملة لملايين الفلسطينيين، وبالتزامن مع الأحداث الجارية أجرينا حوارا مع الدكتورة نيبال عز الدين أستاذ العلوم السياسية عميدة كلية السياسة والاقتصاد بجامعة السويس، والتي أكدت أن الصورة النمطية الدولية لتل أبيب أصبحت سلبية، حيث شهدنا تغييرات ملحوظة في مواقف العديد من الدول الغربية، التي كانت في السابق تدعم إسرائيل بشكل كبير، من إدانات حادة للإبادة الجماعية على قطاع غزة، إلى استدعاء سفراء وقطع العلاقات الدبلوماسية، تزامنًا مع هذه التطورات، تظهر الازدواجية الغربية، حيث تنادي الدول بحقوق الإنسان وتدين الانتهاكات، بينما تواصل تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل، مما يثير تساؤلات حول مصداقية الالتزامات الدولية.. وإلى تفاصيل الحوار:
- هل حقًا تغيرت الصورة النمطية لإسرائيل في العالم عقب العدوان الغاشم على غزة؟
أدى الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى انقسام حاد في الرأي العام الدولي، مع ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين وتدهور الأوضاع في قطاع غزة، وقد كانت العديد من الدول داعمة لإسرائيل في البداية، في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي، لكن الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة وحشيتها وعدم احترامها لحقوق الانسان والتعدي الصارخ على المدنيين والنساء والاطفال أثار انتقادات واسعة النطاق، ويبدو أن بعض الدول قد عدلت مواقفها من الحرب.
ومنذ ذلك الحين، صعدت بعض الدول انتقاداتها لإسرائيل، واستدعت دول أخرى سفراءها أو قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وحتى الولايات المتحدة، التي صوتت ضد قرار وقف إطلاق النار في الامم المتحدة، خففت من موقفها، ودعا الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى "وقف مؤقت" للقتال خاصة عقب الاحتجاجات الداخلية من الشعب الأمريكي الذي يندد بالعدوان الاسرائيلي على فلسطين.
فقد عدلت العديد من الدول الغربية موقفها بدعم اسرائيل بحق الرد والدفاع عن النفس مع تزايد اعداد القتلى فعلى سبيل المثال لا الحصر تغيير موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قال في البداية إن فرنسا "ملتزمة بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، غير موقفه قليلا، ربما نتيجة لارتفاع عدد القتلى المدنيين، وكتب ماكرون على موقع إكس: "في غزة، يجب التمييز بين حماس والسكان المدنيين، كما لم تقدم روسيا تعازيها لإسرائيل ولم تدن حماس - بل استضافت روسيا وفدا من حماس في موسكو في 26 أكتوبر لمناقشة إطلاق سراح الرهائن، بمن في ذلك المواطنون الروس".
ودعت الصين، التي تحاول تقديم نفسها كوسيط للسلام في الشرق الأوسط "الأطراف المعنية إلى التزام الهدوء وضبط النفس وإنهاء الأعمال العدائية على الفور لحماية المدنيين"، وذلك في بيان أولي عقب هجمات حماس، وقالت وزارة الخارجية الصينية إن "الطريق للخروج من الصراع يكمن في تنفيذ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطين المستقلة"، وبعد أسبوع من النزاع، قال وزير الخارجية الصيني "وانج يي" إن تصرفات إسرائيل في غزة تجاوزت نطاق الدفاع عن النفس، وإن على الحكومة الإسرائيلية وقف عقابها الجماعي لشعب غزة.
كما أصدر الاتحاد الإفريقي، الذي يضم 55 دولة عضوا، بيانا في 7 أكتوبر دعما لفلسطين، وأضاف أن "إنكار الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وخاصة حقه في دولة مستقلة ذات سيادة، هو السبب الرئيسي للتوتر الإسرائيلي الفلسطيني الدائم"، وصوتت معظم دول أمريكا اللاتينية لصالح قرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار، أصبحت بوليفيا أول دولة في أمريكا اللاتينية تقطع علاقاتها مع إسرائيل منذ بدء غاراتها على غزة، حيث وصفت الحكومة الهجمات الإسرائيلية على غزة بأنها "عدوانية وغير متناسبة".
واستدعت دولتان أخريان في أمريكا اللاتينية، هما كولومبيا وتشيلي، سفراءهما بسبب الأزمة الإنسانية المتصاعدة في غزة، واعلنت تشيلي، التي تضم أكبر عدد من السكان الفلسطينيين خارج العالم العربي، إنها اتخذت هذا الإجراء احتجاجا على "الانتهاكات الإسرائيلية غير المقبولة للقانون الدولي الإنساني".
وانتقدت كولومبيا بشدة الهجمات الإسرائيلية على غزة منذ بداية الحرب، وقال الرئيس غوستابو بيترو، مهددا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل: "نحن لا نؤيد الإبادة الجماعية"، كما أدانت البرازيل التوغل الاسرائيلي داخل غزة، وهوما يؤكد تغير الصورة النمطية التي تصدرها إسرائيل بأنها دولة سلام.
- ما تفسيرك لازدواجية الخطاب الغربي والامريكي بين الحديث عن حقوق الفلسطينيين والمساعدات العسكرية إلى إسرائيل؟
الازدواجية الحقيقية ليست في الحديث عن حقوق الفلسطينيين، فحسب إنما تبنى المجتمع الغربي حقوق الانسان والطفل والمرأة في ظل الانتهاكات الوحشية والتعدي اللا أخلاقي وحرب العصابات التي يقودها الجانب الإسرائيلي في ظل دعم أمريكي بريطاني لإسرائيل وتقديم المساعدات العسكرية لها ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق الدولية للحقوق الانسان، فأن العامل الرئيسي هو المصلحة والقوة، وليست حقوق الإنسان.
- كيف تؤثر الصراعات الجيوسياسية بين القوى الكبرى في العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين على المعادلات والحسابات الإقليمية؟
هذه الحرب لامست جوانب كثيرة من عناصر تلك الحوارات، التي لم تعد في الإطار التنظيري فقط، وإنما باتت معلنة وصريحة من قبل أطراف ترفض ما يسمى بالهيمنة الأمريكية، والأحادية، والتصرف بعقلية الحرب الباردة، وتأسيس التحالفات، وفرض العقوبات، والتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى وغيرها من قوائم الرفض التي تقدمها كل من روسيا والصين بالأساس، تعتقد روسيا أن تدهور القضية الفلسطينية يُعزى إلى أن الولايات المتحدة قد همشت كل الآليات واحتكرت عملية التسوية، ومع ذلك، لم تقدم لهذه العملية شيئاً يذكر، ومعلوم كيف أن واشنطن تغدق على إسرائيل المساعدات، وتغض الطرف عما تقوم به من تجاوزات، هذا بالإضافة إلى موقف الصين الذي أدان تعامل الولايات المتحدة الامريكية مع ملف القضية الفلسطينية ومحاولة لعب دور الوسيط الداعي للسلام في الشرق الأوسط.
- توقعاتك للمشهد الانتخابي في الرئاسة الأمريكية بين جو بايدن وترامب.. وما رأيك في أيهما أفضل للمنطقة العربية والشرق الأوسط؟
بشكل كبير أتوقع عقب أحداث الحرب الإسرائيلية على غزة بفوز المرشح الجمهوري ترامب، حيثُ لا يواجه بايدن، البالغ من العمر 81 عاما، أي معارضة جدية لترشحه لولاية ثانية في البيت الأبيض ولكن مع تزايد عدد القتلى المدنيين في الحملة العسكرية التي تنفذها إسرائيل في غزة ضد حماس، تراجع تأييده بين المسلمين والعرب الأمريكيين، وهم كتلة حسمت فوزه في ميشيجان بفارق ضئيل عام 2020 على ترامب، تضم هذه الولاية في الغرب الأوسط الأمريكي أكبر نسبة من السكان الذين يعرفون عن أنفسهم بأنهم من أصل شرق أوسطي أو شمال إفريقي في البلاد، ويتركز معظمهم حول ديترويت.
كان الناخبون العرب والمسلمون جزءا من تحالف بايدن الانتخابي، إذ صوت أغلبهم لصالحه بسبب رفضهم لخصمه دونالد ترامب الذي كان قد بدأ عهده الرئاسي بفرض حظر على دخول المسافرين من دول مسلمة إلى بلاده، وصدرت عنه تصريحات أثارت قلق كثير من المسلمين الأمريكيين ونفورهم، لكن الأمور تغيرت الآن بطريقة قد تكون جذرية ومؤثرة والسبب هو الحرب بين إسرائيل وغزة، أصبح مطلب وقف إطلاق النار مطلبا أساسيا يتردد في التظاهرات والنشاطات التي ازدادت واتسع مداها حتى أن وصلت لجامعة كاليفورنيا.
أما بشأن أيهما أفضل بايدن أم ترامب بالنسبة للشرق الأوسط، فإن عملية صنع القرار الأمريكي تعتمد على المؤسسية بالأساس فأن تغيير المحددات الرئيسية للتعامل مع الشرق الاوسط تخضع للعديد من المؤسسات الامريكية والتي يمثلها الرئيس كأحد الجوانب، والدليل على ذلك تصريح دونالد ترامب عن دعمه للحرب التي تشنها إسرائيل في غزة، في تصريح هو الأكثر وضوحا له حتى الآن بشأن القتال هناك ووسط تزايد الضغوط الدولية على الولايات المتحدة للجم حليفتها الوثيقة.
- البعض يعتقد أن البيئة العالمية تدفع لنشوب حرب عالمية ثالثة.. هل هذا الاعتقاد يتوافق مع طبيعة التنافس والصراعات الحالية؟
قيام حرب عالمية ثالثة تعني انهيار عالمي في ظل الاسلحة النووية والبيولوجية التي أضحت تمتلكها الدول الكبرى فبالرغم من العديد من الأزمات الدولية، إلا أن القيادة العالمية تستبعد الاحتكاكات في شن حرب عالمية والأزمة الاوكرانية هي خير شاهد.
- ما تقييمك لخطورة الحديث الإسرائيلي عن عملية عسكرية في رفح الفلسطينية على استقرار الشرق الأوسط؟
إقدام إسرائيل على بدء عملية عسكرية في رفح الفلسطينية، ستكون له تداعيات خطيرة على استقرار الشرق الأوسط وعلى المستوي العالمي نتيجة الكارثة الإنسانية التي ستحدث جراء عملية الاجتياح، بعد أن لجأ ما يقرب من مليون ونصف فلسطيني خلال الحرب على غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي إلى رفح الفلسطينية، فأي أعمال عسكرية ستشكل إبادة لملايين الفلسطينيين، وهو ما حذر منه الرئيس عبد الفتاح السيسي من التداعيات الخطيرة التي ستنجم عن قصف إسرائيل لرفح الفلسطينية، ورفض تنفيذ مخطط إسرائيل بتهجير الفلسطينيين إلى خارج إراضيهم مما ينهي فرص استعادة الدولة الفلسطينية، ويثير اجتياح رفح مخاوف من تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهذا الامر مرفوض من قبل مصر، ودول عربية رفضته أيضا أكثر من مرة، وعدّ الرئيس المصري «التهجير» بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية.
وقد صرح مفوض الأمم المتحدة السامي لشئون اللاجئين، فيليبو غراندي، إن الهجوم على رفح قد يجعل نزوح سكان غزة إلى مصر، الخيار الوحيد المتاح لسلامتهم، وأضاف هذه المعضلة غير مقبولة وتقع مسئولية تجنبها بشكل مباشر على عاتق إسرائيل.
لذا تخوف الرئيس الأمريكي جو بايدن من اجتياح إسرائيل مدينة رفح ونفي إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لبدء العملية العسكرية في رفح، بينما صرح مسئول أمريكي خلال الساعات الماضية بأن الخطط التي قدمها الجيش الإسرائيلي شملت عملية تدريجية وبطيئة في أحياء محددة برفح سيتم إخلاؤها قبل بدء العمليات، وذلك بدلاً من تنفيذ عملية اجتياح شامل للمدينة بأكملها.
أد- نيبال عزالدين عميد كلية سياسة واقتصاد جامعة السويس